مستجدات تزيد تعقيد المشهد السوري

المستجدات على الساحة السورية والمتمثلة في إعلان المعارضة تعليق مشاركتها في مفاوضات جنيف لأجل غير مسمى، وتصريح الحكومة استبعاد أي تفاوض على وضع الرئيس بشار الأسد، تضعف كثيرًا من الآمال التي تعوّل على نجاح مباحثات السلام في وضع حد للحرب؛ بل ترشّح هذه المستجدات الوضع إلى مزيد من التصعيد، وتؤدي إلى استعار الصراع الذي تؤججه خلافات القوى الأجنبيّة، وتلهبه التدخلات الخارجية.

وفيما تحمل الهيئة العليا للمفاوضات والتي تعد كتلة المعارضة الرئيسية، النظام السوري مسؤولية انتهاك اتفاق وقف الأعمال القتالية، تتهم دمشق فصائل معارضة بخرق الهدنة، ووسط هذه الاتهامات المتبادلة، يبدو أنّه ليس في حكم الوارد استئناف مباحثات جنيف قريبًا، الأمر الذي يرشّح استمراريّة الحرب التي أودت بحياة أكثر من ربع مليون شخص خلال السنوات، ونتجت عنها مأسأة إنسانيّة مريعة، وخلقت أسوأ أزمة لجوء عرفها العالم.

إنّ هذا التشدد في موقف طرفي الصراع، يحتم تدخلا دوليًا فاعلا من القوى الإقليميّة والدوليّة المؤثرة على المشهد للضغط على الأطراف المتصارعة بغيّة إجبارها على القبول بالجلوس على مائدة التفاوض، وقبل ذلك احترام الهدنة ووقف الأعمال القتالية، لأنّه لن تنجح المفاوضات في التوصل إلى اتفاق وهي تعقد في ظل الاقتتال والقصف ومنع وصول المساعدات الإنسانيّة للسوريين في العديد من البلدات المحاصرة.

إنّ عدم قيام القوى الدولية بمجهود للحفاظ على الهدنة وصونها من الانتهاكات المتكررة، يستوجب إعادة تقييم الهدنة والموقف الإنساني من خلال المجموعة الدولية لدعم سوريا التي تضم الولايات المتحدة وروسيا ودولا أوروبية ولاعبين إقليميين، بعد اعتبار أنّ تفعيل سريان الهدنة واحترامها من قبل الأطراف المتصارعة، هو المدخل السليم للعودة الجادة والمُثمرة لمباحثات السلام السوريّة.

تعليق عبر الفيس بوك