سماء السلطنة تتزين بزخات من شهب القيثارة مساء الجمعة

د. صبيح بن رحمان الساعدي

من المتوقع أن تشهد سماء السلطنة وبعض دول العالم زخات من شهب القيثارة (Lyrid meteors) مساء يوم الجمعة 22 أبريل (يبدأ تساقط الشهب من 16/4 ولغاية 25/4) وبالتحديد بعد العاشرة مساء ولغاية فجر يوم السبت 23/4/2016م علماً بأن مجموعة نجوم القيثارة تشرق بعد الساعة التاسعة والنصف مساء إلا أن الشهب تكون واضحة بعد منتصف الليل حيث تزداد سرعتها والتي تقدر بـ 72 كيلومتر بالثانية. يتراوح عدد الشهب المتساقطة هذا العام ما بين 10 إلى 20 شهابا بالساعة الواحدة وقت الذروة، لكن في هذا العام ستختفي معظم الشهب بسبب سطوع القمر في تلك الليلة وعليه قد نشاهد العدد القليل منها وهذه الزخات هي عبارة عن احتراق مخلفات المذنب ثاتشر(Thatcher) الذي يميل مستوى مداره 80 درجة تقريبًا عن مستوى المجموعة الشمسية وهذا يجعل المذنب بعيدًا عن كواكب المجموعة الشمسيّة لذا تكون عملية جذب الكواكب لمخلفاته قليلة جداً مما يجعل تلك المخلفات مستقرة تقريباً، فعندما تمر الأرض خلال دورانها بتلك المخلفات العالقة في السماء قسم منها يدخل الغلاف الجوي الأرضي بسرعة تصل إلى ربع مليون كيلو متر بالساعة مما يسبب دخولها الغلاف الجوي حدوث احتكاك مع جزئيات الهواء يكون الاحتكاك مصحوبًا ببريق ناري وكأنه نجمة ساقطة تجر خلفها ذيلا متوهجًا يصل طوله بضعة سنتمترات وغالبا ما نشاهد البريق الناري (الشهاب) على ارتفاع 100 كيلومترا فوق سطح الأرض، والشهاب هو البريق الناري الناتج من احتراق تلك الجسيمات السماوية السابحة في الفضاء الخارجي والتي تدخل الغلاف الجوي الأرضي بسرعة تتراوح ما بين 12 إلى 72 كيلومتر بالثانية اعتمادا على اتجاه دخول تلك الجسيمات بالنسبة لحركة دوران الأرض حيث إنّ سرعة الأرض تبلغ 30 كيلومتر بالثانية بينما سرعة الجسيمات خارج الغلاف الجوي الأرضي تصل إلى 42 كيلومترا بالثانية ونتيجة لسرعتها العالية والاحتكاك الحاصل ما بينها وبين جزيئات الهواء فإنّ الغلاف الخارجي لتلك الجسيمات يحترق مسببًا البريق الناري والذي نسميه شهاباً.

أمّا حجم الجسيمات المكونة لزخات الشهب فتتراوح ما بين حبة الرمل الصغيرة إلى حبة الحمص وهي تختلف عن الشهب العادية التي قد يتجاوز حجم البعض منها حجم جبل ضخم والمادة المتبقية بعد عملية الاحتراق بالنسبة لزخات الشهب (الرماد) تبقى عالقة في الغلاف الجوي لأشهر عدة بينما تلك المتبقية من الجسيمات الكبيرة فتسقط على سطح الأرض وتسمى بالنيازك.

أما تسمية الشهب بشهب القيثارة جاء نسبة إلى مجموعة نجوم القيثارة الذي كأنه تأتي منه تلك الزخات الشهبية.

تعد شهب القيثارة من الشهب المتجمعة السريعة وهي الأقدم من حيث التسجيل الفلكي للشهب وقد رصدت بشكل مستمر منذ عام 687 قبل الميلاد استنادا إلى مخطوطة صينية أي رصدت خلال 2703 سنة مضت.

وللراغبين في رصد ومشاهدة هذه الشهب فعليهم الذهاب للمناطق البعيدة عن التلوث الضوئي ومراكز المدن ثم النظر إلى جهة الشمال الشرقي من سماء السلطنة وعلى ارتفاع 30 درجة (شبر اليد وهي ممدودة باتجاه السماء يقدر بـ 20 درجة) بعد منتصف الليل حيث من المتوقع أن يصل عدد الشهب إلى 10 شهب في الساعة علما بأنّه سيكون الرصد غير جيد هذا العام لأنّه يصادف سطوع القمر (14 رجب) ويجب التأكيد على أنّ رصد الشهب يجب أن يتم من المناطق المظلمة بعيدًا عن إضاءة المدن، إذ أن إضاءة المدن ستخفي معظم الشهب، فإذا كنت تحاول رؤية شهب القيثارة بالعين المجردة من داخل المدينة فتوقع رؤية عدد قليل جدًا من الشهب والذي لا يتجاوز الشهابين بالساعة الواحدة.

كما تشهد سماء السلطنة هذه الأيام (21-25/4/2016م) مجموعة من الظواهر الفلكية الجميلة الأخرى التي تستحق الرصد والتصوير والاستمتاع بمشاهدتها وهي:

1- اقتراب القمر (Moon) من نجم السماك الأعزل ( Spica ) - ألمع نجم في برج العذراء (Virgo)، يومي الخميس والجمعة 21-22/4/2016م، حيث يُشاهد الجرمان قريبين من بعض فوق الأفق الشرقي لسماء السلطنة بعد صلاة المغرب ويستمر ذلك التقارب لغاية غروب الجرمين بحدود الساعة الخامسة والنصف صباحًا.

2- اقتراب القمر (Moon) من كوكب زحل (Saturn) مساء يوم الإثنين 25/4/2016م، حيث يشاهد الجرمان قريبين من بعض فوق الأفق الشرقي لسماء السلطنة وذلك بعد الساعة التاسعة والنصف مساء ويستمر ذلك التقارب لغاية بزوغ فجر اليوم التالي.

srjas2020@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك