واقع طلابنا مع ورقة الاختبار(3)


عيسى الرواحي


قد يكون الطالب متمكنًا من مهارتي القراءة والكتابة بيد أنّ لغة السؤال صعبة عليه، وكون أنّ السؤال يحتاج إلى قدرات أخرى ومنها الفهم والحفظ لما هو موجود بين دفتي الكتاب المدرسي، كما أنَّ معدي الأسئلة في دائرة الامتحانات يضعون في بعض الأحيان الأسئلة وفق معايير وأسس وضوابط لا تتناسب وواقع الطلاب التعليمي، وما يزيد الطين بلة في هذا الشأن أن الطالب لا يمعن كثيرا في فهم السؤال، فسرعان ما يستسلم لعجزه إن لم يفهم السؤال؛ فإما أن يتركه من غير إجابة، أو يكتب كلاما بعيدا كل البعد من الإجابة.

ولا غرابة في أنّ الطلاب بشكل عام سيجدون صعوبة في فهم السؤال بمجرد صياغته بطريقة غير التي أعطاهم إيّاها الأستاذ أثناء الشرح، أو عدم فهم أسئلة القدرات العليا التي تتطلب التحليل والاستنتاج والمعرفة الخارجية والأفكار المركبة أو المترابطة وإبداء الرأي خاصة عندما تتعلق بالصور والرسومات والخرائط والعمليّات الحسابية، فالفجوة تبدو عميقة بين إدراك الطالب وفهمه للسؤال؛ حيث الضحالة المعرفيّة إلى أبعد الحدود، وقلة المذاكرة وعدم مراجعة الدروس أولا بأول إن لم يكن انعدامها فترة أيام الدراسة، وكثرة الشواغل والملهيات التي تلهي الطالب وتشغل ذهنه كثيرًا سواء داخل الحصة الدراسية أو في البيت والأماكن الأخرى أضف إلى ذلك السبب الرئيس وهو عدم الرغبة أصلا في الفهم من خلال ما أوردناه سابقًا من الإهمال وعدم الاهتمام.
ولعل من الأسباب الأخرى لعدم فهم الطلاب لأسئلة الاختبارات النهائية ذات القدرات العليا هو عدم تعويدهم عليها أثناء الحصص الدراسية والواجبات المنزلية والاختبارات القصيرة بالقدر المناسب، واختلاف لغة السؤال عن اللغة التي يعيشها الطالب داخل الفصل الدراسي أو البيئة بشكل عام.
ولذا فإننا نأمل أن يكون للمعلم دور بارز في التغلب على هذا العائق، وذلك بتكثيف أسئلة القدرات العليا على أبنائه الطلاب من خلال الواجبات المنزلية والحصص الدراسية والأنشطة الصفية بذات الكيفية التي تأتيهم في الاختبارات النهائية، مع أهمية تدريبهم على أسئلة الاختبارات النهائية للأعوام السابقة أو الاختبارات التجريبية بشكل أوسع، وفي حقيقة الأمر فإنَّ هذا ما يقوم به كثير من المعلمين مع طلابهم من أجل تكييفهم على أسئلة الاختبارات النهائية، وهناك من تقف كثافة المنهج الدراسي عائقا أمامه لحل أسئلة الامتحانات مع طلابه، بيد أن حصص الاحتياط فرصة ثمينة في استغلالها في هذا الشأن لمن لم يجد وقتا يسعفه في ذلك.
وبما أنّ وسائل التعليم أصبحت اليوم كثيرة ومتاحة؛ فإنّه يمكن للطالب البحث في أسئلة الاختبارات وإجاباتها، والتعرّف بشكل أكبر على طريقة صياغتها من خلال البحث في المواقع التعليمية عبر شبكة المعلومات العالمية أو المجلدات التعليمية التي تتوفر في المكتبات التجارية، كما ينبغي للأسرة أن تغرس في ابنها ضرورة القراءة والاطلاع وحبها فهي وعاء العلم، ومن خلالها يتحقق الفهم والاستيعاب وتتوسع مدارك الابن، وتنمو معارفه، وتُصقل شخصيته، ولن يكون حينها بمشيئة الله تعالى عاجزا عن فهم لغة السؤال أو الإجابة عنه - وإن كان ذا قدرات عليا- ويكفي برهانا على ذلك أنّ أول آية قرآنية نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم قد أمرت بالقراءة، وأن القراءة طريق إكرام الله تعالى لصاحبها يقول الله تعالى: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم: ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَم ِ* عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)- سورة العلق 1: 5..
هذا وللحديث بقيّة في مقالنا القادم بإذن الله تعالى.

issa808@moe.om

تعليق عبر الفيس بوك