المصادر البديلة للطاقة في المستقبل (3 - 3)

مستقبل النفط أمام تطور الطاقات البديلة

مرتضى بن حسن بن علي

أهم مصادر الطاقات المتجددة البديلة المرشحة للإحلال محل الطاقة العضوية ولا سيما النفط هي:

١- الطاقة الشمسية:

يقدر العلماء أنّ الشمس تزود الأرض بطاقة هائلة تعادل أكثر من ٣٥ ألف ضعف ما تحتاجها الأرض. والأرض تتلقى خلال ساعات قليلة طاقة شمسيّة أكثر مما تحتاجها في سنة كاملة. وفي كل أربع ثوانٍ ونصف فإنّ الشمس تزود الأرض بطاقة أكثر مما تحتاجها في يوم كامل. وهي طاقة نظيفة ولا تسبب أي تلوث كما أنّها طاقة متجددة لا تنضب. و يقدر العلماء أن الشمس لن تنطفئ أو تفقد حرارتها قبل مرور نحو عشرة مليارات من السنين!

والخلايا الشمسية تعمل على توليد الكهرباء مباشرة من ضياء الشمس، والطريقة استعملت أول مرة في السفن الفضائية، وهي الآن مصدر طاقة لآلاف البيوت الفقيرة في بعض المناطق الافريقية وأمريكا اللاتينية، وتكلفتها في انخفاض مستمر حيث تبلغ نحو٢٠%‏ من تكلفتها في السبعينيات حتى نهاية القرن الماضي. وعلى الرغم من أنّ تكلفة الوحدة الكهربائية المولدة من الطاقة الشمسية ما زالت أعلى من مثيلتها المولدة من النفط، غير أن تكلفة نقل الوحدة إلى محطات الكهرباء أقل تكلفة من مثيلتها في النفط كما أنها لا تحتاج إلى خطوط جهد لنقل الكهرباء.

والصين على سبيل المثال تغرق الأسواق بتقنياتها لإنتاج الطاقة الشمسية وتقدم دعما بعشرات المليارات من الدولارات لإتاحة الفرصة أمام الشركات الصينية أن تنتج الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية بأقل تكلفة ممكنة، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض مستمر في سعر توليد هذه الطاقة. وأصبح الآن إنتاج الطاقة الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية مجديا في نحو ١٧ دولة.

وبسبب التطور العلمي والتكنولوجي المتسارع، تبذل الدول الأوروبية جهودا لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، علما بأنها من الدول الباردة ولا تسطع الشمس عليها كثيرا.

2- الطاقة المولدة من الرياح:

تُبذل جهود كبيرة لاستثمار الطاقة المولدة من الرياح و تكلفة إنتاجها في هبوط مستمر. ومع القفزات الهائلة في العلم والتكنولوجيا أصبح من الممكن تصميم وتصنيع توربينات ضخمة قادرة على حجز الهواء بطريقة أكثر كفاءة.

وعلى الرغم من أنّ الطاقة المنتجة من الشمس والرياح لها مخاطرها أيضا بسبب أنّ الشمس لا تشرق دائمًا والرياح لا تهب دومًا، فإنّ العلماء يحاولون حل هذا الموضوع عن طريق توليد وتخزين الكهرباء أثناء وجود الضوء والحرارة وهواء كاف واستغلال الطاقة الناتجة لرفع المياه إلى خزانات كبيرة على علو مرتفع ثم إنزال المياه عند الحاجة لتوليد الطاقة الكهربائية من الطاقة الناتجة من تدفق المياه مثل الطاقة الهايدروكلية المتولدة من قوة مياه الشلالات ومساقط المياه المتدفقة.

3- الطاقة المتولدة من وقود الهيدروجين:

الهايدروجين موجود في ذرات المياه H2O والمياه موجودة في أنحاء كثيرة من العالم في البحار والمحيطات حيث يتم فصل الهايدروجين من ذرة الماء. ما زالت الطريقة الآن مكلفة والوقود الناتج ثقيل، ويحتاج إلى مساحات كبيرة للتخزين ولكن العلماء يعملون على تحسين الكفاءة وتخفيض التكلفة باستمرار.

٤- الطاقة الحيوية Bio mass:

الوقود المستخرج من الزيوت النباتية هي من البدائل المطروحة. وعلى الرغم من أنّ التجربة البرازيلية لاقت صعوبات عديدة منذ أن بدأت بتجربتها في أوائل السبعينيات بسبب تكلفتها العالية وكفاءتها القليلة إلا أنه مع تطور العلوم وخاصة علوم البيولوجيا الحيوية ومع تقدم التقنية المصاحبة فإن الطاقة الحيوية مرشحة أن تلعب دورا مؤثرا متزايدا. ومنذ السبعينيات خطت البرازيل ولحقتها الولايات المتحدة الأمريكية خطوات كبيرة في إنتاج وقود إيثانول ethanol fuel المستخرج من قصب السكر. وكل السيّارات الخفيفة في البرازيل تستعمل وقودًا يمزج مع الإيثانول بنسبة٢٠%‏ ويقدر عدد السيارات التي تستعمل هذا المزيج من الوقود بنحو ٢١ مليون سيارة مما يعوض عن نحو ٢٠%‏ من النفط الذي كان يستعمل سابقا. وتعتبر البرازيل الآن من أكثر الدول المنتجة للوقود الحيوي. ورغم أنّ ذلك يحتاج إلى مساحات زراعيّة شاسعة ووفرة كبيرة في المياه؛ فإن جهودًا مكثفة تجري لزيادة الوقود المنتج قي مساحات زراعية أقل واستعمال كميّات أقل من المياه وهي الآن تستخرجها من نوع رخيص من قصب السكر ومخلفاته تستعمل لإنتاج الطاقة والحرارة مما يؤدي إلى تخفيض التكلفة.

٥- الطاقة الذرية النظيفة:

وهي الطاقة الناتجة من الاندماج النووي بين ذرتين بدلا من الانشطار الذري الذي يحصل في تفجير القنبلة الذرية. على العكس من الانفجار النووي فإنّ ما يحصل على سطح الشمس هو الاندماج بين الذرتين بدلا من انشطارهما وتنبعث تلك الطاقة الهائلة. والانشطار الذري التقليدي يسبب إشعاعات ذرية قاتلة، كما يفعل اليورانيوم المخصب المستعمل في المحطات الذرية.

غير أن الطاقة الهائلة الناتجة من اتحاد ذرتين على سطح الشمس يتم في ظل درجات حرارة عالية جدا تقدر بملايين الدرجات. والحلم الذي يراود العلماء أن يتم الاندماج في ظل درجات حرارة عادية. وإذا ما تمّ هذا الإنجاز فإنّ البشرية سوف تشهد أنظف وأرخص مصدر للطاقة التي لا تنضب لأنّها ناتجة من اتحاد ذرتين من الماء الثقيل والمتوفر في كل بحار العالم. والبحوث تحتاج إلى مليارات من الدولارات. في الوقت الحاضر فإنّ الحكومات في العالم المتقدم تصرف فقط ١٠%‏ من الموازنات المخصصة للبحوث لتطوير الطاقات البديلة. ومع التقدم العلمي فإنّ المعادلة قد تتغير ويصل العلماء إلى الحلم الذي يراودهم.

هناك بالتأكيد محاولات تجري للبحث عن مصادر جديدة للطاقة مثل الطاقة المنبعثة من داخل الأرض أوgeothermal energy. في داخل الأرض هناك طاقة حرارية هائلة قادرة على إذابة الصخور. والمياه الموجودة داخل أعماق الأرض حارة جدا. بعض هذه المياه تصعد إلى الطبقات العليا من الأرض وتجد لها منفذا لتخرج عبر سطح الأرض على شكل عيون ساخنة جدا أو على شكل بخار. وإحدى الطرق لإنتاج الكهرباء هي استثمار البخار المنبعث لتشغيل التوربينات الكهربائية الضخمة، واستعمال المياه الساخنة لتدفئة البيوت مثلما يتم في أيسلندا مثلا.

العلماء يجرون تجارب على ضخ المياه في أعماق الأرض واستخراج البخار أو المياه الحارة الناتجة من جهة أخرى عن طريق أنابيب ضخمة واستعمال البخار لتحريك التوربينات الضخمة لإنتاج الكهرباء.

خلاصة القول؛ إنّ المستقبل ليس للنفط. العالم مع التطور العلمي والتكنولوجي متجه وبسرعة إلى إيجاد مصادر جديدة ونظيفة ومتنوعة ومتجددة من الطاقة. بالنسبة لكثيرين في العالم المتقدم فإن النفط أثمن من أن يحرق بالطريقة المتبعة الآن ويسبب أمراضا بيئية وصحية مختلفة من مخلفات ثاني أوكسيد الكربون المنبعثة. تفتيت جزيئات النفط في المختبرات العلمية تمهيدًا لاستخدامها في المصانع المختلفة سوف ينتج عنه استخدام النفط في صناعة الملابس والأدوية والأسمدة والسجاد والمواد المستعملة للتجميل والمحافظة على البشرة والعطور والكيمياويات والأدوات الرياضية، وحتى استخراج المواد الغذائية من البروتين وأشياء متنوعة عديدة. مصادر الطاقة الجديدة والمتنوعة هي المرشحة لزعزعة النفط عن عرشه تدريجيا.

appleorangeali@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك