واقع طلابنا مع ورقة الاختبار(2)

عيسى الرواحي

وتيرة الإهمال وعدم الاستعداد الجيّد للاختبار قد تكون حاضرة عند الطالب حتى في حال كانت درجاته متدنية في التقويم المستمر، وما يؤكد ذلك تعويل كثير من الطلاب على الغش في قاعة الاختبار، وانتظارهم كل لحظة سانحة لأخذ الإجابة من زميل لهم أو بأي وسيلة أخرى، وتتضح هذه الظاهرة بجلاء تام من خلال اطلاعنا على الكتب الدراسية؛ وقد مزعت وقطعت أجزاء كبيرة منها خاصة فيما يتعلق بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية في مادة التربية الإسلامية؛ لاستخدامها "براشيم" للغش.

وقضية الغش من ضمن القضايا التي أشبعناها حديثا، ولسنا بحاجة إلى إعادة الحديث عنها، وطرق علاجها؛ فهو معلوم لدى الجميع، ولكنني أؤكد على أهميّة أن تغرس الأسرة والمدرسة في نفوس أبنائنا الطلاب حرمة الغش وعظم إثمه عند الله تعالى قبل كونه محظورًا قانونا.

أمّا ظاهرة الضعف القرائي والكتابي الذي يعانيه كثير من طلابنا فهو يشكل أكبر التحديات والعقبات أمامهم في تعاملهم مع ورقة الاختبار، وهذه النقطة قد أجمع عليها كل من استطلعت آراءهم، وبينوا كيف للطالب أن يجيب عن أسئلة الاختبار وهو لا يعرف قراءة السؤال؟! مما يكون حينها كثير من الأسئلة متروكا من غير إجابة وفي حالات أخرى كثيرة تجد أن الطالب قد ينقل إلى فراغات الإجابة بعض الأسئلة الموجودة؛ ليملأ الفارغ لا أكثر.

وإذا سلمنا بأنّ الأستاذ قد اضطر مكرها إلى كسر بعض قواعد أنظمة الاختبار من خلال قراءة الأسئلة على الطلاب، فإنّه حينها سيواجه معهم العقبة الأخرى وإن كانت نوعا ما أقل من سابقتها وهي عدم معرفتهم الكتابة حتى إن كانوا يعرفون الإجابة، وهذا يعني أن ترك ورقة الأسئلة من غير إجابة ليس بالضرورة أن يكون عن عدم فهم الطالب للسؤال أو عدم معرفة إجابته، وإنما لديه أكبر المشاكل والعوائق التعليمية، وهي ظاهرة الضعف القرائي والكتابي، وما يؤكد ذلك أيضا هو تفاعل الطالب مع الأستاذ أثناء الحصة الدراسية، واستطاعته الإجابة عن الأسئلة شفهيا بيد أنه في الاختبار يظل عاجزا عن فعل شيء، ولعل ما نشاهده أحيانا من إجابات غريبة عند بعض الطلاب ليس بالضرورة أنها تدل على الاستهتار أو التخلف العقلي، وإنما نتاج ضعفه القرائي أو الكتابي أو كلا الأمرين معا.

ومشكلة الضعف الكتابي الذي أقصده قد يكون في سوء خطه الذي يكاد يصعب عليك قراءته إن لم يكن ذلك مستحيلا، أو ضعفه الإملائي الشديد الذي يجعله غير قادر على الكتابة أصلا، أو كتابة مليئة بالأخطاء الإملائية.

وهنا يتجلى لنا بوضوح تام ما ذكرته في المقال السابق من أنّ ورقة الاختبارات تعتبر المرصد الكاشف لواقعنا التعليمي، ولعله لا خلاف في أنّ أبرز ما يعانيه طلاب اليوم بشكل عام هو الضعف القرائي والكتابي الذي أكدنا مرارًا وتكرارا أننا بحاجة إلى حلول جذرية لهذه الظاهرة، وأوضحت في كتاب "حديث المدارس" ص61 بأنّ أهم طرق الوقاية والعلاج لهذه الظاهرة هو تكثيف تعليم القرآن الكريم للطالب في مراحله التعليمية الأولى.. وللحديث بقيّة في مقالنا القادم بإذن الله تعالى.

issa808@moe.om

تعليق عبر الفيس بوك