حظوظ بكامل الأسرار..!

حسين الغافري

أربع مُباريات عِشناها في ذهاب رُبع نهائي دوري أبطال أوروبا في كامل إثارتها المعهودة. مُباريات من هذا النوع تُجبرك على أن تستمتع بكُل لحظاتها ورونقها مع كوب قهوة ومن ثم الاندماج بالسهرات التي تشرح معنى "كُرة القدم" بمفهومها الفعلي والحقيقي وهي لحظات مطلوبة ويجب أن يعيشها كل فرد خصوصاً بالسلطنة؛ كونها تبعدك عن حالة الاكتئاب والحسرة بعد فترة صعبة أزعجت الجميع جراء تراجع أداء مُنتخبنا الوطني عام بعد عام، وآخرها خروجه من التصفيات المزدوجة لكأس العالم وآسيا المقبلتين. جمالية المُباريات الأربع باحتفاظ أسرارها كاملة للقاءات الإياب وهو ما يُفسّر بأن المتابع محظوظ في تكرار المتعة بوجبات دسمة في تنافس شرس لا مجال فيه إلا للجهد والتركيز والانتباه.. وإلا فإن أي هفوة قد تعني ترجيح كفة على الأخرى وهذه إثارة فوق الإثارة.

دعونا نتجاوز الحالات التحكيمية التي حدثت في كُل اللقاءات وما صاحبها من حديث أتسم بخيوط كأنها تُحاك لترجيح كفة دون أُخرى أو لسقوط طرف معين ومُحاباة طرف آخر في مواصلة التقدم بأدوار البطولة وهو ما لا أؤمن به بتاتاً ولا يؤمن به المحايدين ومن يتابع الكرة بعيداً عن التعصبات والتشنجات خصوصاً بأنها لا تعنينا إن حدث ذلك فعلياً.. فما علينا إلا أن نأخذ ونتعلم من الصالح ونترك الطالح!. كرة القدم والتحكيم خصوصاً سيظل محل جدل مستمر شئنا أم أبينا، ولن ينتهي على حد مُعين ولو أُدّخِلت التقنية وتضاعف عدد الحُكام من خمسة إلى عشرة! اتخاذ قرار تحكيمي يبقى اجتهاد بشري رغم المحاولات العالمية في تقليل هذه الأخطاء والسعي في تخفيض مستوى تأثيرها بنتيجة اللقاء!

برشلونة وبايرن ميونيخ وفولفسبورغ ومانشستر سيتي رغم من أنها حققت نتائج إيجابية إلا أن المنطق القدم يقول بأن من أراد العُبور عليه تقديم ضِعف ما تحقق في اللقاء الأول. برشلونة وكون مدربه انريكي لم يسقط على يد أتلتيكو مدريد منذ توليه تدريب النادي الكتلوني وهي مسألة نفسية بدرجة أولى إلا أنه واجه صعوبات كبيرة في تحقيق الفوز خصوصاً في آخر لقاءين بالكامب نو في الدوري ودوري أبطال أوروبا وشهد تراجع مخيف قلصت الفارق بينه وبين أقرب مطارديه في الليغا إلى ثلاث نقاط فقط وآخرها سقوط حر على ملعب ريال سوسيداد بهدف نظيف!. لقاء الإياب سيشهد دعم جماهيري من أتلتيكو مدريد خصوصاً بعد مرحلة الشك التي ظهر عليها برشلونة بسقوطه على أرضه أمام ريال مدريد في الكلاسيكو والسقوط المحلي الأخير. شخصياً أرى بأن حظوظ الفريقين متساوية.. أتلتيكو مدريد يملك قوة فنية كبيرة يوازيه تراجع لنجوم برشلونة وأولهم ميسي ونيمار وانيستا.. الفريق يواجه إجهاد بدني بسبب الجدول المزدحم في البطولات الثلاث.. ناهيك عن سفر اللاعبين لتمثيل منتخباتهم الوطنية.

ريال مدريد بدوره عاش إسبوعاً مُتقلباً.. قدم لقاء كبير أمام برشلونة وحضر بشكل ملفت فنياً أمام برشلونة.. ولكن سقط بغرابة أمام فولفسبورغ، ولعل الفرحة المُبالغة في الفوز على برشلونة عششت في عقول لاعبي الريال.. والإطراء والمديح جعلهم يتناسوا كل شيء، ومع كل الاحترام للنادي الألماني إلا أن الريال لم يقدم ربع أداء الكلاسيكو وظهر بصورة مغايرة جداً!. النتيجة والتخلف بهدفين أمر لا يبدو بأن تعويضه صعباً بالإياب وعلى ملعب السانتياجو.. حتى أن نادي فولفسبورغ لم يكن بذلك الثقل الذي يجبرك على التنبُىء بتفوقه الكبير، فقط على الجمهور واللاعبين بذل كل ما يمكن والوقوف صفاً واحداً في ليلة مصيرية تساهم في تحديد شكل موسم كامل للريال. أما بنفيكا فلا يبدو ذلك الحمل الوديع كما يراه الكثيرين. قدم مباراة كبيرة أمام بايرن ميونيخ في ألمانيا وقد يخلق مفاجأة مدوية لربما في لقاء الإياب. جوارديولا يرغب في تحقيق دوري الأبطال وخروج من الباب الواسع للنادي الألمانيوهو ما سيضاعف الثقل عليه في اللقاءات القادمة.

وتبدو قمة مانشستر سيتي وباريس سان جيرمان محتفظة بكل أسرارها حتى آخر لحظات الإياب.. السيتي سيلعب وهو مُتقدم بخطوة ومتفوق بنتيجة التعادل الإيجابي بهدفين لهدفين. ولكن ذلك قد لا يعني شيئاً مهماً، فمانشستر سيتي ظهر هذا الموسم بمستويات متذبذبة.. تارة يفوز وتارة يتعثر وهو ما سيجعل الفرصة بأنها لا زالت مُتساوية للفريقين خصوصاً أن باريس سان جيرمان حسم الدوري مبكراً ومتفرغ للبطولة الأوروبية بشكل كامل!

لقاءات الثلاثاء والأربعاء لم ترتسم صورتها النهائية كُلياً حتى اليوم.. كل الأندية تمتلك نصف الحظوظ في العبور؛ الأمر الذي يجعلنا نضمن سهرات كروية على مستوى عالي من التنافس المثير. حقيقة نحن محظوظين بذلك.. فقط لا يحتاج الأمر لتعصب حتى نفهم كرة القدم الاحترافية الحقيقية التي نحلم أن نراها ببلادنا ولو إن زمن المعجزات قد ولى، والأحلام لا تأتي إلا بالمنام. أليس كذلك؟!.

HussainGhafri@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك