الإعلام الإلكتروني بين المشروع والممنوع!

سُلطان السّعدي

ازداد الاهتمام بوسائل الاتصال والإعلام الاجتماعي الإلكتروني بشكل لافت للنظر في الآونة الأخيرة، وذلك نظراً لسهولة الحصول على الخبر والمعلومة وسرعة تداولهما، والتواصل مع الآخر أينما كان، كما أنّها مساحة جيّدة للتعارف وبناء العلاقات والصداقات وتوثيق اليوميّات، وبوابة مفتوحة للبحث عمّا يتبادر إلى الذهن من أجل التوصّل إلى حقائق مجهولة يراد معرفتها والاطلاع عليها وفهمها، هذا بالإضافة إلى سهولة النشر والترويج بعيداً عن الحدود التي ترسمها وتضعها بعض الوسائل الإعلاميّة التقليدية بما يتناسب مع رسالتها الإعلاميّة، فقد تعمل وسائل الاتصال والإعلام الاجتماعي الإلكتروني إذا ما نظرنا إليها من الزاوية الإيجابية على تعريف المتلقين والمتابعين بكل ما يدور حول العالم من قضايا وأحداث ومشاهد اجتماعية وسياسيّة واقتصادية قد تعني وتهمّ الكثير منهم مما يدفعه إلى متابعة مجرياتها لحظة بلحظة ويحرص على معرفة أهم التطورات والمستجدات التي تطرأ عليها، وتثير هذه الوسائل أيضاً الكثير من النقاشات والجدالات على اختلاف الأهداف والتوجّهات، فعلى ازدياد وسائل الاتصال والإعلام الاجتماعي الإلكتروني وتعدد مجالاتها واختصاصاتها وآلية استخدامها فإنّها تلعب دوراً هاماً ومحورياً في تعزيز ونقل الثقافات والأخبار وطرح الأفكار وتبادل الآراء والمقترحات ووجهات النظر بين كافة شرائح المجتمع وفئاته المختلفة عبر وسائلها المتعددة والمتنوعة، فمن الضروري ضبطها ونشر ثقافة التعامل معها، واستخدامها الاستخدام الأمثل والاستفادة منها، وكما هو معلوم بأنّ تلك الوسائل تعمل على بث كل ما هو جديد في مجالات العلوم والمعرفة كما أسلفنا وتسهم في تكوين الشخصيات الإنسانية وصياغتها حسب ما أثبتته الدراسات العلمية والنفسية في هذا الجانب، وكما نعلم أيضاً أنّ الإعلام على اختلاف وسائله بشكل عام يعتبر المرآة الرئيسية لكل مجتمع فيما يبثّه من حقائق ومشاهد تعرّف وتعكس للمشاهد والمستمع والقارئ هوية المجتمع ذاته وثقافته وعاداته وقيمة وإرثه وحضارته، مما يستوجب أن تتسم المواد المبثوثة والمطروحة والمقدمة إعلامياً بالمصداقية في الطرح والبعد عن التكلّف والتسويف والنقل الخاطئ، ومن المعلوم أنّ وسائل الاتصال والإعلام الاجتماعي الإلكتروني إمّا أن تكون أدوات بناء أو معاول هدم متى ما أحُسنّ أو أُسيء استخدامها، ونظراً لسهولة استخدام تلك الوسائل والبرامج وتعدّد التطبيقات التي تنتجها الشركات المتخصصة في مجال البرمجة الإلكترونية والتي أصبحت متوفرة بكثرة بين أيدي الكثير من الأفراد على اختلاف مستوياتهم العلمية والعمرية فقد أصبح البعض منهم يسخر هذه المنصات الإلكترونية لأغراض غير مشروعة، يخاطب الفكر الهش، ويروّج للمبادئ الهدّامة ويحارب القيم الإنسانية، كما أنّه يجعل من تلك المنصات منبراً لنشر الأكاذيب والادعاءات والإشاعات غير الصحيحة والتي لطالما كثر الحديث عنها في الفترة المنصرمة، وسوقاً لترويج المواد المحظورة والممنوعة، مما أدى إلى تفشي الكثير من الأمراض الإلكترونية والجسدية والنفسية، وخلق الكثير من النزاعات والتصدّعات التي أدت بتطاولها إلى التعدي على خصوصيات وحريات الآخرين، حيث تعمد على تهديد الكثير من الجوانب الإنسانية، فالإعلام الإلكتروني أصبح سلاحاً تسخره الكثير من الدول والجماعات لإغراء وإغواء الأفراد بما يتناسب مع خدمة مصالحها ومنافعها الشخصية، كل ذلك يحتم علينا تطعيم المستخدمين بثقافة الاستخدام الأمثل والمفيد لهذه الوسائل، مع ضرورة توعية الأفراد بمنافع تلك الوسائل وأخطارها، بحيث يكفل لنا البعد عن التهويل في القضايا والبعد عن الزيف وعدم التعدي على الخطوط التي قد تشكل خطراً على الفرد وعلى مجتمعه ومحيطه عند تجاوزها، وإن تقنين استخدام تلك البرامج وأدوات الاتصال والوسائل الإعلاميّة الإلكترونية سوف يسهم في تحسين وضبط المتداول ويرفع من درجة مصداقية القضايا المطروحة فيما يصب في مصلحة الصالح العام بأسلوب يرقى لهويتنا.

sultansalim2@hotmail.com



تعليق عبر الفيس بوك