جيران والباب في الباب .. والتعارف بالصدفة عبر تطبيق "واتس آب"

"أ.ج" يسكن في العاصمة لظروف العمل دون أن يبادر للتعرّف على جاره لمدة عام

رصدت التجربة - عهود الهنائية

نظرا لظروف العمل في العاصمة، اضطر "أ.ج" للإقامة في أحد أحياء مسقط مع أسرته الصغيرة. ويقول إنه كلما خرج من مقر سكنه ليتوجه إلى العمل يصادف جارًا له يستعد هو الآخر للذهاب إلى عمله دون أن يبادر أي منهما لتبادل الحديث في أي موضوع ولو على سبيل التعارف.

ويضيف "أ.ج" أنه في أحد الأيام أضيف في إحدى مجموعات تطبيق الهاتف "واتس آب" الخاصة بعمله والتي تضم نحو 105 أشخاص، وعنها يقول: دائما ما كنت أشارك في الحديث مع الموجودين إلى أن تعرفت على بعضهم وبدأنا نتحدث يوميا أو بين الحين والآخر إذا تطلب الأمر لمناقشة شيء ما يخص مجال العمل. وكثيرا ما نسمع عن تجارب ساهمت فيها برامج التواصل الاجتماعي لخلق علاقات صداقة متعددة سواء داخل البلد أو حتى خارج الحدود، خصوصا وقد قربت وسائل التواصل المسافات بين الغرباء.

وتابع: ذات يوم تبرع أحد أعضاء المجموعة لدعوة جميع الأعضاء على عشاء في محله التجاري، وحضر الجميع العشاء وأنا من بينهم وعند ذهابي إلى هناك تبيّن لي أنّ صاحب العزومة هو جاري الذي يسكن إلى جوار مقر سكني، فقلت له: دائما ما أراك وأنا خارج للعمل ولم نتحدث مع بعضنا حتى اكتشفت الآن فقط أنني طوال تلك الفترة كنت اتكلم معك كل يوم تقريباً من خلف شاشة الهاتف ونتناقش في أمور شتى ونمزح ونضحك دون أن يعرف أحدنا أننا جيران في الواقع.

ويعلق "أ.ج" على تجربته بقوله إنّ التغيرات التي طرأت على علاقات الجيران حاليا لا ترجع إلى تغير ما في طبيعة الإنسان وإنما هى طبيعة وظروف العمل اليومي الضاغط، وقديما كان أهالي الحي يخرجون لجلب رزقهم من الحي نفسه حيث كانوا غالبا يعتمدون على الزراعة والصيد فيما كانت النساء تذهب معا أيضا للري ويلتقون لثلاث مرات تقريبا في قهوة الحارة أو في أحد البيوت، لكن طبيعة الحياة الآن مختلفة تماما ولجلب لقمة العيش ينتقلون من البلدة إلى مناطق بعيدة ووظائف مختلفة وأوقات عمل متباينة أيضا، لذلك تقل فرص اللقاء المباشر.

ولا تتوقف الأحاديث عن حياة العاصمة وكثرة مشاغلها وتسارع وتيرة الحياة فيها وفي غمرة المشاغل يغفل البعض الجوانب الاجتماعية حتى في كثير من الأحيان نجد أنّ البعض لا يتعرف على الجيران رغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بالجار وبحق الجيرة. وهنالك قصص كثيرة تحكي عن الحياة في العواصم والمدن الكبيرة، وقد لا يتصوّر البعض أنّه يوجد شخص لا يعرف جاره خاصة وأنهم متجاورون لفترة طويلة من السنين فهم يعيشون في حي واحد جنباً إلى جنب يخرجون باكراً في نفس الأوقات مستقلين سيّاراتهم للوصول للعمل، لا أحد يلقي السلام على الآخر متحججين بعدم معرفتهم لبعض. وعادة الحياه في العاصمة تختلف عن حياة البلد حيث يتشاطر الجميع كل شيء حتى لقمة العيش، ودائما ما نرى التجمعات التي تميز الأحياء السكنية والحواري وبحكم وجود بيوتهم بالقرب من بعضها فهم يتزاورون ويساندون بعضهم وفي رمضان وقبل صلاة المغرب ترى الجيران يتبادلون فطرتهم فهذا يأخذ من فطرته ليعطي منها جيرانه في الحي وفي أغلب الأحياء تكون هناك تجمّعات كل جمعة يتجمع فيها أفراد الحي للغذاء في مكان واحد إلى جانب الفعاليات التي تنتشر في بعض مناطق السلطنة ومنها "القرنقشوه" والتي تستهدف أطفال الحي للقيام بزيارات إلى كل بيوت الحي للحصول على الحلوى وغيرها.

تعليق عبر الفيس بوك