إنسانيَّة أوروبا على المحك

يضعُ الاتفاقُ الأوروبي التركي، والقاضي بإعادة اللاجئين من على أسوار أوروبا إلى تركيا، والذي دخل حيز التنفيذ أمس، المصداقية الأوروبية بشأن مراعاة الأوضاع الإنسانية لهؤلاء المهاجرين على المحك.

فإغلاق أبواب أوروبا في وجه هؤلاء الفار أغلبهم من جحيم الحرب في سوريا، يُعد خدشاً للضمير الإنساني عمومًا، والضمير الأوروبي على وجه الخصوص. كما أنَّ رفضَ القارة العجوز استقبال هذه الأفواج من المهاجرين يحدُّ من خياراتهم في العيش الكريم، ويجعلهم يُواجهون مصائر مجهولة، لتبتلع البحار أعدادا منهم لدى محاولة تكرار تجربة ركوب المخاطر في سبيل الوصول إلى مرافئ آمنة في هذه القارة التي سدت الآن منافذها في وجوههم.

... إنَّ الاتفاقَ الأوروبي التركي، يتسم بأحادية النظرة وتغليب مصلحة الطرف الأوروبي دون اعتبار لإسقاطاته السلبية العديدة على المهاجرين، بما يفاقم معاناتهم ويزيد من وطاءة عذاباتهم.

فالاتفاق الذي كان محلَّ شجب مُنظمات حقوق الإنسان ووكالات إغاثة اللاجئين، لن يُساعد بأي حال من الأحوال في معالجة مشكلة اللاجئين، خاصة السوريين؛ لأنَّ استقبال بضعة آلاف بصورة شرعية من مئات الألوف الذين يبحثون عن مخرج من بلادهم التي تتآكلها الصراعات، وتنخر في جسدها الحروب، سيدفع العديدين إلى انتهاج الوسائل الخطرة والسبل الصعبة لبلوغ بلدان اللجوء؛ الأمر الذي يُعرِّض حياتهم للخطر، ويكون الاتفاق بذلك قد ضاعف الأخطار على طالبي اللجوء بدلا من الإسهام في صون سلامتهم، وإنقاذهم من أتون الحرب التي تشتعل ببلادهم.

ويُخطِئ من يظن أنَّ الاتفاق سيثني اللاجئين عن ركوب رحلة الخطر، والدليل على ذلك أنَّه تزامن مع إعادة أولى الدفعات من اللاجئين إلى تركيا أمس، وصول دفعات أخرى إلى اليونان على متن زوارق متهالكة ينشدون الهجرة إلى أوروبا.

والخلاصة أنَّ الحد من أعداد اللاجئين يكون بمعالجة الأسباب التي تدفعهم إلى الهجرة، وليس دفع المهاجرين إلى مصير مجهول بإغلاق الأبواب في وجوههم!

تعليق عبر الفيس بوك