الاستقرار الأسري للموظفة يغرف في ظلمات "الدوام الليلي"

طموحها الدراسي والعملي أنساها حضن العائلة

 

رصد التجربة - مدرين المكتومية

درست "خ.س" لمدة خمس سنوات وهي بعيدة عن عائلتها، حيث بقيت في سكن الطالبات طوال تلك الفترة، باستثناء الزيارات الأسبوعية لرؤية أسرتها، واعتادت على هذا الوضع، وأصبحت من الطلبة المتميزين، تحب الدراسة وتهتم بكل ما من شأنه أن يساهم في نجاحها، وأنهت دراستها وتخرجت بمعدل امتياز، وبحثت عن وظيفة في الكثير من مؤسسات القطاع الخاص تتناسب مع مؤهلها التعليمي، وعلى الرغم من سعيها للبحث عن وظيفة في محيط مقر سكن أسرتها إلا أن العمل أجبرها على البقاء بعيدا عن أسرتها من جديد.

حصلت على وظيفة بنظام "شيفتات"، أي أن هناك دوامات صباحية ومسائية، واستوعبت الوضع في البداية لكن واجهت مشكلات مع عائلتها التي قبلت بالوضع بشرط أن يكون مؤقتا لحين العثور على وظيفة بظروف أفضل. ومع مرور الوقت أحبت عملها، ولم تبحث عن وظيفة أخرى خصوصا وأن وظيفتها الحالية تناسب تخصصها، لكن بقيت الأسرة تضغط لإجبارها على تغيير ذلك الوضع الوظيفي.

واصلت "خ.س" عملها دون الالتفات لأي انتقادات موجهة لها، حتى بدأت عروض الزواج تتكرر، مع اشتراط تغيير وضع الوظيفة ونظام الشفتات المتغير، فكانت النتيجة أن ترفض الزواج لأنها تؤمن بأن من يريدها يجب أن يريدها لذاتها دون النظر لطبيعة وظيفتها. وبدأ الوضع يزداد سوءا بزيادة ضغوط عائلتها لتتزوج وتبني عائلة مما اضطرها للموافقة على الزواج من نجل عمها كونه الرجل القريب من العائلة والذي لن تزعجه المسافة البعيدة بين المنزل والعمل ولن ينزعج بنظام الشفتات ولن يشتكي من وظيفتها، وكانت ترى أنّ العمل مهم فتقضي ساعات كثيرة في العمل دون التفكير في شؤون المنزل، ومع الوقت بدأ زوجها يعبر عن انزعاجه لرغبته في أن يكون له أطفال وهي ترفض الفكرة حاليا معلله ذلك بحاجتها لاستكمال دراستها العليا.

واستمر الحال كذلك لمدة سنتين وأوشكت خلالهما على الانتهاء من الدراسة لكن زوجها لم يطق الحال وكرر الشكاوى وقلل من بقائه في المنزل حتى أخبرتها عاملة المنزل أنّه في الأيام التي تضطر لتكون في شفت المساء يخرج ولا يعود إلا قبل عودتها، ويسهر الليل بأكمله خارج المنزل، فعانت من القلق على حياتها الزوجية ومستقبل حياته العلمية والعملية، لكنها واصلت عملها ودراستها، حتى بات زوجها لا يكترث لأمرها بعد أن كان في السابق يلح في الإنجاب.

ومع مرور الوقت أصبحت العائلة تنبهها إلى ضرورة الاهتمام بزوجها، لكنها لم تهتم، حتى علمت العائلة أنّه تزوج من أخرى ولديه طفل عمره شهر، ولم يخبرها أحد بذلك وظل الأمر طي الكتمان، حتى أخبرتها أختها الصغيرة وذهبت لتعرف الحقيقة من زوجها الذي قال لها بكل هدوء "تزوجت وكل عائلتك تعلم، وتركتك تعيشين كما تريدين" وكانت صدمة لها. وذهبت إلى غرفتها وبكت طويلا لكنها لم تناقش عائلتها، وواصلت حياتها طبيعية، حتى تخرجت وحصلت على الماجستير وأخبرت زوجها أنها تريد أطفال فكان رده: أكملي الدكتوراه، لا نريد أطفال. وقصد أن يستهزئ بها فهو لديه عائلته ولا يحتاج لها، وبقيت في حيرة من أمرها بين الانفصال أو الاستمرار في وضع أسري غير مستقر. وبقى أكثر ما يزيد ألمها عدم اهتمام أسرتها لأمرها، رغم أنّهم من زج بها في مسألة الزواج من البداية قبل إنهاء دراستها، حتى أصبحت بين السماء والأرض، لا هي مطلقة ولا متزوجة.

 

تعليق عبر الفيس بوك