متى تصبح طرقنا سالكة؟!

سيف المعمري

تتضاعف جهود عدد من الجهات المختصة مع كل حالة مدارية ماطرة تمر على السلطنة وترصد المديرية العامة للأرصاد الجوية والمركز الوطني للإنذار المبكر من المخاطر المتعددة المؤشرات الأولية لاحتمالية تأثر أجواء السلطنة بالحالات الجوية الماطرة، وهو ما يجعل جهات أخرى في حالة تأهب واستنفار للتعامل مع الحالة الجوية كالهيئة العامة للدفاع المدني والإسعاف وشرطة عُمان السلطانية ووسائل الإعلام المحلية والجهات الأخرى ذات العلاقة.

ولقد اكتسبت الجهات المختصة في السلطنة خبرات واسعة للتعامل مع أي حالة جوية مقبلة حيث تكيفت الجهات للتعامل معها من خلال التجارب السابقة التي مرت بها السلطنة في الأنواء المناخية.

ومع كل حالة نرى ونسمع سيناريو المجازفة وحالات الانجراف في الأودية مع علم المواطن والمقيم قبل وقت مبكر من مرور الحالة ودرجة قوتها من خلال النشرات والبيانات التي تبث عبر جميع وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والمواقع والتطبيقات الإلكترونية، والتي تصدرها الهيئة العامة للطيران المدني ممثلة بالمديرية العامة للأرصاد الجوية والمركز الوطني للإنذار المبكر من المخاطر المتعددة، ورغم تلك المغامرات والمجازفات غير المسؤولة التي يتحملها أصحابها، إلا أنّها تضاعف من الجهود التي تبذلها الجهات المعنية في الإنقاذ والإسعاف وتتسبب في أشغال المجتمع، ونرى أنّ الجهات قامت بواجبها على أكمل وجه قبل وأثناء وبعد تلاشي الحالة الجوية حيث تقوم البلديات بجميع ولايات وقرى السلطنة بتنظيف ما خلفته الأمطار ومجاري الأودية من خلال إزالة الطمي والرمال والصخور من الطرق.

ولكن في المقابل هناك إشكاليّة في طرقاتنا جدير بالجهات المختصة أن تعيرها مزيدا من الاهتمام والعناية بها، والتي يمكن أن تخفف وطأة أخطار الغرق والمجازفات والمغامرات غير المحسوبة في قطع الطرق أثناء نزول مياه الأمطار، وتقلل من الخسائر المادية وأحيانا البشرية التي قد تنتج عنها، وتقلل الجهد المبذول من الجهات المختصة في التعامل مع أي حالة جوية ماطرة وتعود الحياة إلى طبيعتها مع توقف هطول الأمطار مباشرة.

وتتمثل تلك الإشكالية في عدم وجود قنوات وعبارات صندوقيّة وجسور خرسانية في طرقاتنا وشوارعنا تمر عبرها مياه الأودية أثناء تساقط الأمطار، بالإضافة إلى عدم وجود قنوات لتصريف المياه في الطرق الرئيسية والشوارع الداخلية، وبالتالي فعند نزول الأودية مهما كان منسوب المياه فيها يتوقف التنقل بين ضفتي الطريق عند مجاري الأودية مما يساهم في شلل الحركة المرورية والتي تمتد إلى ساعات وأحيانا إلى أيام، والذي بدوره يسهم في دفع البعض إلى المجازفة وعدم اللامبالاة والمغامرة للوصول إلى وجهته - وإن كنا لا نعدها حجة له- ويضاعف جهود رجال الدفاع المدني والإسعاف وشرطة عُمان السلطنة حيث يستنفرون لوضع اللوائح الإرشادية بنزول الأودية والتواجد عند أماكن عبور الأودية في الطرقات، فكم تكلف الدول تلك الجهود من الموارد البشريّة والماليّة والتجهيزات اللوجستيّة وغيرها، وكان بالإمكان أن تعود الحركة المروريّة في جميع الطرقات بعد توقف تساقط الأمطار مباشرة، مهما كان وضع الأودية وقوة جريانها والأماكن التي تعبرها.

فعلى سبيل المثال طريق وادي بني غافر - الذي يربط ولاية عبري بولاية الرستاق يعد من الطرق الرئيسيّة الذي يربط محافظة مسقط بمحافظتي جنوب الباطنة والظاهرة - تتعطل فيه الحركة المرورية مع نزول الأودية في 3 أماكن فقط وهي (المهبب، والرجلة، ومسكن) وهي لا تحتاج إلا إلى عبّارات صندوقيّة ولو تم إنجاز المشروع بتلك العبارات لما تأثرت عملية التنقل عليه، ولما تعطلت الحركة المرورية في الطريق حتى ولو لساعات يُعزل فيها المواطنون وعابرو الطريق عن مصالحهم للوصول إلى وظائفهم وأعمالهم الخاصة، ومراجعة المرضى للمستشفيات وتعطل الدراسة في المدارس ونحو ذلك.

وطريق عبري - حفيت والذي يربط محافظة الظاهرة بمحافظة البريمي وهو طريق دولي يربط السلطنة بشقيقاتها دول مجلس التعاون بحاجة ملحة إلى عبارات صندوقيّة عند مجاري الأودية، حيث إنّ الأودية التي تعبر الطريق مع نزول الأمطار تحمل معها الرمال والطمي وتتسبب في تعطل الحركة المرورية فيه مما يضر بمصالح المواطنين وزوار السلطنة من دول مجلس التعاون الخليجي، كذلك الطريق الذي يربط دوار حفيت بدوار الزروب بولاية البريمي يعد من الطرق الرئيسية الذي يقصده المواطنون حيث يعد امتدادا لطريق عبري - حفيت والذي يربط محافظة الظاهرة بمحافظة البريمي حيث تعبره عدة أودية كوادي الفياض ووادي حمد ووادي صاع ومضبة وغيرها، والتي تحمل معها الرمال والصخور وتتسبب في إعاقة الحركة المرورية أثناء نزول الأودية وبعد توقفها مما تسبب في مضاعفة جهود النظافة وإزالة مخلفات الأمطار وفي كثير من الأحيان تتسبب بقايا مخلفات الأمطار في حوادث مرورية.

وطريق الباطنة والذي يمتد من ولاية شناص وحتى محافظة مسقط وهو طريق رئيسي ودولي وتعبره عدة أودية مما يعرقل الحركة المرورية ويتسبب في تعطل المصالح للأفراد والمؤسسات، خاصة أنّ الطريق تمر بها الشاحنات التي تحمل البضائع من وإلى السلطنة وإلى دول الجوار.

لذا أصبح من الأهمية بمكان أن تراعي الجهات المعنية بشق ورصف الطرق في السلطنة كوزارة النقل والاتصالات ووزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه والجهات الأخرى طبيعة التضاريس في السلطنة، وأن تتم دراسة طبيعة المكان الذي يشق فيه الطريق وأخذ التدابير والمواصفات الفنية اللازمة ومراعاة انسيابية الحركة لتصبح طرقنا سالكة في كل الظروف!.

saif5900@gmail.com

 

تعليق عبر الفيس بوك