مارس.. الميلاد الثالث لعُمان

سيف المعمري

saif5900@gmail.com

تحل علينا اليوم الذكرى الأولى للعودة الميمونة لعاهل البلاد المفدى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - ومتعه بالصحة والعافية والعمر المديد من رحلة العلاج التي قضاها جلالته في جمهورية ألمانيا الاتحادية وكانت قلوب العُمانيين متعلقة برؤيته المباركة، وليضيف الثالث والعشرين من مارس لسنة ألفين وخمسة عشر ميلادًا جديدًا ثالثا لعُمان.

لقد كان الثامن عشر من نوفمبر لسنة ألف وتسعمائة وأربعين إيذانا بالميلاد الأول لعُمان، حيث شهد مولد رجل أمة وقائد دولة وتهللت مدينة صلالة فرحا بالميلاد المبارك لجلالته، وتفيأت ظلال مكارمه السامية التي عمت بعد ذلك أرض عُمان الطيبة، واحتفت المدينة بالميلاد الثاني لعُمان ببزوغ شمس النهضة المباركة في الثالث والعشرين من يوليو لسنة ألف وتسعمائة وسبعين للميلاد والتي أعلن فيها جلالته عبر الإذاعة عن إشراقة فجر جديد على عُمان فقال جلالته: "أيها الشعب.. سأعمل بأسرع ما يمكن لِجَعْلِكُمْ تعيشون سعداء لمستقبل أفضل، وعلى كل واحد منكم المساعدة في هذا الواجب، كان وطننا في الماضي ذا شهرة وقوة، وإن عملنا باتحاد وتعاون فسنعيد ماضينا مرة أخرى، وسيكون لنا المحل المرموق في العالم العربي، كان عُمان بالأمس في ظلام، ولكن بعون الله غدًا سيشرق فجر جديد على عُمان وأهلها، حفظنا الله وكلل مسعانا بالنجاح والتوفيق".

ولم يشهد العُمانيون خلال العقود الأربعة والنصف من عمر النهضة العُمانية غيابا للوالد والقائد الملهم جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم عن أرض الوطن لفترة زمنية طويلة كتلك التي قضاها جلالته في ألمانيا لمدة ثمانية أشهر، فكانت للعُمانيين مرحلة عصيبة وشوقا وتعلقًا برؤية جلالته والاطمئنان على صحته التي لم يألفوها طوال العقود الماضية، وهو شعور طبيعي، فمحبة العُمانيين وتقديرهم لجلالته لا توفيها الكلمات، فألسنتهم تلهج بالدعاء صباح مساء بأن ينعم الله على جلالته بموفور الصحة والعافية والعمر المديد.

نعم.. لا يلام العُمانيون في مشاعرهم الصادقة تجاه الوالد والقائد العظيم الذي أوفى بالعهد الذي قطعه على نفسه في أولى خطاباته:" أيها الشعب.. سأعمل بأسرع ما يمكن لِجَعْلِكُمْ تعيشون سعداء لمستقبل أفضل"، وقد تحقق بفضل الله والإرادة الحكيمة لجلالته ما وعد به، وأصبحت عُمان كما أراد لها جلالته:" وسيكون لنا المحل المرموق في العالم العربي".

وبعد ثمانية أشهر أشرقت شمس الثالث والعشرين من مارس لعام ألفين وخمسة عشر لتعلن ميلادًا جديدا لعُمان، وكأن عقارب الزمن تعيد نفسها، فالعُمانيون منهم من شهد مقدم جلالته من مدينة صلالة إلى مسقط بعد توليه مقاليد الحكم في البلاد في الثالث والعشرين من يوليو لسنة ألفا وتسعمائة وسبعين للميلاد، بينما كان الثالث والعشرون من مارس ميلادًا ثالثا لعُمان لمن شهد ميلاد عُمان في السبعين وممن لم يشهده.

واليوم وبعد مضي عام من ميلاد العودة المباركة لجلالته، وفي ظل الحراك الدبلوماسي الذي تشهده السلطنة والتي تستلهم رؤيتها من الحكمة الثاقبة وبُعد النظر لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ــ حفظه الله ورعاه ــ يتواصل بمدينة صلالة اللقاء التشاوري للهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي الذي تستضيفه السلطنة برعاية الأمم المتحدة، وقد جاء اختيار السلطنة لعقد الاجتماعات لما تحظى به من تقدير في قضايا السلام ودورها في احتواء العديد من الأزمات الإقليمية والدوليّة.

وها هي مدينة صلالة تتهيأ لكتابة ميلاد جديد من خلال صياغة مشروع الدستور الليبي، لتصبح المدينة بوجه خاص والسلطنة بوجه عام فاتحة خير للأشقاء الليبيين ولتصبح التجربة العُمانية في بث رسائل المحبة والوئام أنموذجا يحتذى به.

وعودة إلى ذي بدء فبقدر فرحتنا وسعادتنا في إحياء ذكرى العودة الميمونة لعاهل البلاد المفدى من رحلة العلاج الطويلة، نتهيأ لفرحة الاطمئنان على صحة جلالته والذي يقضى حاليا فترة فحوصات طبية في جمهورية ألمانيا الاتحادية، متضرعين إلى العلي القدير أن تكلل رحلته بالتوفيق، وأن يمطر على جلالته سحائب الصحة والعافية، ويمد في عمره الميمون.

فبوركت أيام عُمان الحافلة بالعطاء، ولتبقى على الدوام واحة أمن وأمان، ومنبرًا ومركز إشعاع لبث رسائل المحبة والسلام للعالم أجمل، وليهنأ العالم بالقائد العظيم قابوس بن سعيد الذي أعطى منهجا عمليا في القيادة والإرادة والتسامح والوئام.

تعليق عبر الفيس بوك