العمالة السائبة في البريمي؟!

سيف المعمري

saif5900@gmail.com

تشكل الإحصائيات التي نشرها المركز الوطني للإحصاء والمعلومات عبر موقعه الإلكتروني حول إعداد العمالة الوافدة في السلطنة والبالغ عددهم الكلي (1.714.522) من الذكور والإناث والذين يمثلون 44% من مجموع السكان تحديا كبيرا في ظل خطط وبرامج الحكومة لإحلال العمالة الوطنية محل العمالة الوافدة.

ورغم الجهود المبذولة من قبل وزارة القوى العاملة وعدد من الجهات المسؤولة في السلطنة لتنظيم سوق العمل المحلي إلا إنّ ظاهرة العمالة السائبة تشكل عبئا كبيرا على الحكومة؛ رغم كل التسهيلات التي قدمتها الوزارة لتصحيح أوضاع العمالة المخالفة لأحكام قانون العمل بالسلطنة.

وسأركز في مقالي هذا عن العمالة السائبة في ولاية البريمي بشكل خاص نظرًا لانتشار تلك العمالة بشكل لافت في الولاية وهي على مرأى ومسمع جميع الجهات المسؤولة بالمحافظة ولكن لا أعلم يقينا ما هي الأسباب التي تحول دون ضبطها؟

فظاهرة العمالة السائبة في ولاية البريمي تأخذ مظاهر عدة أولها تكدسهم بمنطقة حماسة مقابل وكالة تويويا حيث يفترشون الأرصفة منذ الصباح الباكر وحتى ساعات متأخرة من الليل وهم ينتظرون من يأتي إليهم ليطلب خدماتهم مقابل أجرة يومية فورية وهم على استعداد للقيام بأي عمل كان، بينما تجد البعض الآخر منهم يتجوّل في الطرقات والأسواق ومحطات تعبئة الوقود يبيعون السجاد والهواتف النقالة والساعات والعصي والعسل والبخور وبطاقات الدفع المسبق للهواتف...الخ.

وهناك نموذج آخر يقوم بالتجول في الحارات ويقرعون أجراس المنازل لبيع الملابس النسائية المطرزة وملابس الأطفال والأواني وغيرها، وبعضهم يطرق الأبواب لطلب القيام بأي عمل بمقابل مادي فهو يسأل من يجيب عليه قائلا: أرباب في شغل في البيت؟! وهناك نموذج آخر يقوم بنبش حاويات القمامة والبحث عن الأدوات المعدنية والبلاستيكية وحتى الملابس القديمة والفرش ونحوها المرمية في حاويات القمامة ويطوفون على الحاويات بدراجاتهم الهوائية عشرات المرات من قبيل صلاة الفجر وحتى الساعات الأخيرة من الليل.

وبعض العمالة يقومون ببيع الخضروات كالفجل، الخس، الجرجير ،النعناع ،البصل ..الخ في الطرقات العامة وفي الحارات وعند الجوامع وخاصة بعد صلاة الجمعة وإن كانت هذه الظاهرة قد انحسرت إلى حد كبير عمّا كانت عليه ولكنّها لا تزال موجودة.

وهناك عمالة سائبة تعمل في مختلف الأنشطة التجارية كالبناء والتشييد وفي الحدادة والنجارة وفي الصباغة والديكور وفي المحلات بمختلف الأنشطة التجارية والصناعية بالولاية بل وحتى في شركات النظافة وعدد كبير من هؤلاء وللأسف الشديد أمّا لا توجد لديه بطاقة عمل أو لديه بطاقة عمل بنشاط غير النشاط الذي يعمل عليه، وما يحزنك حقا عندما تجد عاملا سائبا يتم تشغيله في مؤسسات حكومية عن طريق مؤسسات خاصة كشركات النظافة والنجارة والإنشاءات وغيرها.

حاولت جاهدًا خلال الأيام الماضية ومن خلال حوارات مع عدة شرائح في مجتمع الولاية كما قمت بطرح تساؤلات عبر حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي حول الصفة القانونية لوجود العمالة السائبة في الولاية وتكدسهم في الطرقات؟ وأين دور القوى العاملة في ضبطهم؟ ووردت إليّ عدة ردود ومبررات غير موضوعية، وأرى أنّها السبب الرئيسي وراء غض الطرف عن العمالة السائبة في الولاية رغم أنني أراها غير منطقية مطلقًا وتتناقض مع الإجراءات والتشريعات التي تنظم سوق العمل وتتسبب في فتح المجال لتلك العمالة السائبة للقيام بتجاوزات وربما جرائم أخلاقية وغير قانونية كالمخدرات، الغش التجاري، التجارة المستترة، السرقات، غسيل الأموال، القتل ...الخ.

فبعض تجار الولاية وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة يعارضون تشديد الإجراءات على العمالة السائبة ويتعللون بأنّه يجب استثناء ولاية البريمي من بقية الإجراءات المعمول بها في بقية ولايات السلطنة، ويقللون من خطر العمالة السائبة على الولاية ويتعاطفون معهم لكونهم يبحثون عن رزقهم، وأنه بتشديد الإجراءات ستقطع أرزاقهم، فيما يرى آخرون وعدد من المواطنين أن وجود هؤلاء العمالة يخدم المواطن لكونهم يقومون بأعمالا متعددة وبأسعار متدنية!

ولديّ عدة مواقف كشفت فيها عددا من العمالة السائبة يعملون ما يشاؤون وبدون رقيب وقد لا يتسع المجال لذكرها جميعا ولكن سأذكر أحدها، فمنهم من يعمل بغير مهنته المرخص له فيها والبعض الآخر لا توجد لديه بطاقة عمل، بينما البعض الآخر دخل السلطنة بتأشيرة زيارة، ومن ضمن تلك المواقف، في ذات يوم قمت بتأجير حداد لعمل مظلة سيارات بمنزلي وقد تعاقدت معه في محل الحدادة، ونظير تنفيذه للعمل أعطيته شيكًا نقديًا ليستلم تكلفة المظلة وبعد ساعة تقريبا اتصل بي قائلا: إنّ البنك رفض تسليمه المبلغ، فذهبت بنفسي إلى البنك للتأكد من ذلك وبالفعل وجدت المشكلة في ضياع موظف البنك لملفي ونموذج توقيعي، وبعد أن أنهيت تلك الإجراءات تقدمت أنا والعامل للتواصل مع الموظف المختص لصرف المبلغ فطلب الموظف صورة من بطاقة العامل، وما أن نظرت إلى صورة البطاقة حتى أدهشتني مهنته وهي "نادل طعام" بينما هو يعمل في محل حدادة مرخص!

علاوة ذلك فهناك العاملات السائبات واللاتي يستغللن أنوثتهن في العمل بالساعات كعاملات منازل، وأخريات يقمن بالتسوّل، وربما البعض الآخر منهن يقمن بأعمال مخلة بالآداب ونحو ذلك.

لذا على المواطن تحمّل جزء من المسؤولية لتفشي هذه الظاهرة، وعلينا أن نتكاتف جميعا للقضاء عليها، وأن نغلب المصلحة العليا للوطن، وألا نجنح للمصالح الشخصية فقط، وعلى الجهات المسؤولة التشريعية والرقابية والتنفيذية الحزم تجاه هذه الظاهرة الخطيرة.

تعليق عبر الفيس بوك