أحتفي مع نساء العالم.. أنا عُمانيةُ وكفى!

أمل الجهورية

يحمل مارس في اليوم الثامن منه مناسبة جميلة، استوقفتني معها الكثير من المشاهد وأنا أتابع عن كثبٍ احتفاء الكثير من المؤسسات العربيّة والأجنبيّة بيوم المرأة العالمي الذي صدرت معه العديد من البيانات، وأشعلت لأجله الشموع احتفاءً بالمرأة وفق شعاراتٍ تعكس لنا معاناة النساء في مختلف بقاع العالم من ظروف مختلفة منها الحروب، والفقر، وغياب الحقوق، والظلم الذي ولدت من رحمه المطالبة بوجود هذا اليوم لتبني الكثير من قضايا المرأة ومناقشتها، وهذا ما تسرده المواقف التاريخية التي ارتبطت بالتجربة، وجاءت كردة فعل لعدة مواقف قامت بها المرأة في هذا الشأن؛ حيث خرجت آلاف النساء للاحتجاج في شوارع مدينة نيويورك عام 1857على الظروف اللا إنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها، وتحت ضغط النضالات والمسيرات المستمرة، نجحت النساء في دفع المسؤولين السياسيين إلى الالتفات إلى مشكلة المرأة العاملة. وفي الثامن من مارس من سنة 1908 عادت الآلاف من النساء العاملات للتظاهر من جديد في شوارع مدينة نيويورك حيث طالبت المسيرة هذه المرة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع، وبدأ الاحتفال بالثامن من مارس كيومٍ للمرأة الأمريكية تخليداً لخروج مظاهرات نيويورك سنة 1909، وبعد سنوات طويلة من هذه الأحداث المطالبة بحقوق المرأة أصدرت المنظمة الدولية عام 1977م قراراً يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة.

إن الحديث عن هذا اليوم يجعلني كعمانية أقف وقفة مقارنة مستحضرة ما تعيشه المرأة العمانية في ظل النهضة المباركة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه - من اهتمام ورعاية كفلت لها حقوقها وبوأتها أفضل المراتب التي أصبح يشار إليها بالبنان، وتصفها الكثير من الدراسات بأنّها الأفضل عربياً؛ حيث كشفت الدراسة التي أجرتها مؤسسة "تومسون رويترز" مؤخراً أنّ السلطنة احتلت المرتبة الثانية عربياً بالنسبة لحقوق المرأة، وقبل كل هذا فقد عنيت الحكومة الرشيدة بسن مختلف التشريعات والقوانين التي تكفل للمرأة حقوقها وتجعلها متكافئة مع الرجل ؛ حيث خُصصت المادة (2) في النظام الأساسي للدولة لحقوق المرأة، وتمّت صياغة تشريعات عدة تكفل حقوق المرأة في كافة المجالات، إذ أصدر قانون العمل الجديد الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 35/2003 أحكاماً تنص على تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في مجال العمل، وخاطب الجميع بـ (العامل) دون تمييز، كما راعى طبيعة المرأة بعدم السماح بتشغيلها في الوظائف والأعمال الشاقة والضارة جسديًا وأخلاقيًا، وتخاطب الأحكام في قانون الخدمة المدنية المواطنين بشكل عام ومجرد وتستخدم اللفظ "موظف" دون تمييز بين الذكر والأنثى، وتنص المادة (12) في النظام الأساسي على المساواة في تولي الوظائف العامة وفقا للشروط التي ينص عليها القانون وتنص على مراعاة طبيعة المرأة، ويضم قانون الأحوال الشخصية 282 مادة في حقوق المرأة، مؤكدًا على أهميّة اتباع الشرع الذي يأمر بتأدية كافة حقوق المرأة دون نقصان.

وفي مشهد آخر يأتي مشروع الاستراتيجية الوطنية لتقدم المرأة العمانية الذي انطلق في العام 2001م ترجمة واضحة لالتزام حكومة السلطنة بقضية النهوض بالمرأة وتقدمها وامتداداً لجهود تبنتها على كافة المستويات والسياسات لتحسين أوضاع المرأة عن طريق توفير الفرص المتكافئة مع الرجل بما يكفل المساواة في الحقوق والواجبات والاستفادة من مختلف الخدمات المقدمة من قبل الدولة في المجالات التعليميّة والصحية والاجتماعية والثقافية وغيرها، وتمّ تشكيل لجنة توجيهية لمتابعة المشروع وتنفيذه بالقرار الوزاري رقم 150/2014، بعضوية ممثلين من مختلف الجهات.

كما يشكل انضمام السلطنة إلى عددٍ من المنظمات الإقليمية والدولية التي تخص المرأة ومنها: لجنة تنسيق العمل النسائي في الخليج والجزيرة العربية، والمجلس العربي للطفولة والتنمية، ولجنة المرأة العربية (بجامعة الدول العربية) ومنظمة المرأة العربية، وصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، ومعهد دول عدم الانحياز لتمكين المرأة، وتوقيعها لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) من الجوانب الهامة جداً في رصيد عنايتها واهتمامها بالمرأة.

وتضيف المشاركة السياسية للمرأة في سلطنة عمان مشهداً هاما من خلال المشاركة الفاعلة للمرأة في عملية صنع القرار وتوليها للكثير من المناصب القيادية في الدول، هذا إضافة إلى ووجودها ومشاركتها في العملية البرلمانية من خلال عضويتها في مجلسي الدولة والشورى، كما يمثل تخصيص السابع عشر من أكتوبر من كل عام يوماً للاحتفاء بالمرأة في سلطنة عمان، وهو مشد تكريم من قبل قائد البلاد المفدى حفظه الله، لتقف المرأة خلاله على إنجازاتها وتناقش تطلعاتها وفق مؤشرات للأداء تساهم في صياغة واقع أجمل لها.

كل هذه المشاهد الجميلة التي رُسمت للمرأة في سلطنة عمان تجعلها تشارك نساء العالم الاحتفاء بشكل استثنائي، مكتفية بكونها "عمانية "تنعم بالحرية والمساواة، والحقوق المكفولة في مختلف المجالات، ومعه فإنّ الأمر يجعلها تدرك أنّ مسؤوليتها مقابل هذا كله تتطلب الكثير البذل والعطاء؛ شكراً لهذا الوطن العزيز، ووفاءً لباني نهضة عمان ــ حفظه الله ورعاه ــ الذي ألبسها ثوب العزة والكرامة والفخار.

Amal.shura@gmail .com

تعليق عبر الفيس بوك