خبراء: مقوّمات السلطنة الحضاريّة قادرة على استقطاب الاستثمارات السياحيّة والثقافية

أكّدوا ضرورة توظيف التراث الثقافي اقتصاديا ومعرفيًا

أكد خبراء على ضرورةتوظيف التراث الثقافي اقتصاديًا ومعرفيًا،وذلك باستثمار العديد من العناصر الثقافية اقتصاديا عبر ابتكار هوية ثقافية مميزة للسلطنة تستطيع من خلالها الترويج لاستقطاب العديد من الاستثمارات في مختلف المجالات السياحية وتنمية العديد من الحرف والمهن التقليدية كأنشطة اقتصادية منظمة ذات عائد مادي كبير.

وقال المشاركونفي ندوة "التراث الثقافي والتنمية المستدامة" التي أقامها مجلس البحث العلمي مؤخرا، بحضور عدد من المختصين بمجال التراث الثقافي من داخل السلطنة وخارجها إنّ السلطنة تملك كما هائلا من الحلول والمقومات الثقافية والحضارية؛ في وقت تسعى فيه كثير من دول العالم لإيجاد البدائل والحلول العلمية الناجعة التي تعمل على التنويع الاقتصادي واستثمار البدائل المتاحة التي ترفد السوق بمنتجات ذات طابع محلي تعمل على رفع مستوى دخل الفرد وتحافظ على هويته وموروثاته الأصيلة.

مسقط - الرؤية

 

وقالت الدكتورة عائشة الدرمكية عضو اللجنة التوجيهية للبرنامج الاستراتيجي لبحوث التراث الثقافي العماني إنّ الحلقة جاءت بهدف عرض تجارب الدول والمنظمات في كيفية إدارة مراكز بحثيّة في مجال التراث الثقافي، ومناقشة دور التراث الثقافي في التنمية المستدامة، بالإضافة إلى مشاركة الجهات المعنية والمهتمين في مجال التراث الثقافي العماني في صياغة الوثيقة النهائية لبرنامج التراث الثقافي العماني، وإيجاد روابط مشتركة وبناء علاقات بحثية مع المختصين والباحثين الدوليين في مجال التراث الثقافي.

 

البرنامج الاستراتيجي للتراث

 

وأضافت أنّ البرنامج الاستراتيجي للتراث الثقافي العماني أسس ليكون وحدة تُعنى بالتراث الثقافي العماني وتوظيفـه فـي التنميـة المسـتدامة مــن خلال إجـراء دراسات علمية فــي التراث الثقافي العماني حسـب أولويات ومحاور محددة يعمل بها وتفيد في التنمية المستدامة، وحفظ وتوثيق مواد التراث الثقافي العماني والبحوث العلمية في هذا المجال، ولبناء قدرات وكفاءات في المجال البحثي للتراث الثقافي، وإيجــاد شـراكة وسـبل تعاون في المجالات البحثية بين مجلس البحث العلمي ومختلف الجهات الحكومية، الى جانب تعزيز دور التراث الثقافي في الثقافة المحلية والمساهمة في نشـر وتسويق مواد التراث الثقافي المادي وغير المادي. وفيما يتعلق بالمشروعات البحثية لبرنامج التراث الثقافي العماني تقول الدرمكية إن البرنامج سوف يشمل (6) مشاريع بحثية في مجالات مختلفة كالشخصيات العمانية وتاريخ الأمكنة العمانية والأدوات الصناعية عبر التاريخ واللهجات واللغات في عمان والتاريخ العماني والحكايات والأساطير المتعلقة بالأمكنة.

 

التراثالثقافيوالتنمية المستدامة

 

وأوضح السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي مدير عام مساعد للآداب والفنون بوزارة التراث والثقافة في ورقته العلمية بعنوان "واقع التنمية الثقافية في السلطنة" أن السلطنة بإمكانها استثمار العديد من العناصر الثقافية استثمارا اقتصاديا عبر ابتكار هوية ثقافية مميزة للسلطنة تستطيع من خلالها الترويج لاستقطاب العديد من الاستثمارات في مختلف المجالات السياحية التي تخدم قطاع السياحة الثقافية وجذب أكبر عدد من السواح كذلك يمكن استثمار وتنمية العديد من الحرف والمهن التقليدية كأنشطة اقتصادية منظمة ذات عائد مادي كبير بالإضافة إلى تنظيم عمل الممارسين في مجالات الفنون الشعبية ودعمهم لجعل هذه الفنون ذات عائد مادي مجز.

واقع التنمية الثقافية المستدامة

ولفت البوسعيدي إلى أن السياسات الحكومية في التنمية الثقافية تعتبر من العناصر المهمة لدعم وبناء القواعد الأساسية لإقامة المشاريع الثقافية، لذلك تسعى الحكومات ومن خلال خططها وبرامجها الاقتصادية إلى ادماج "الثقافة الشعبية" في المشروعات الاستراتيجية العامة لذلك نجد السلطنة من الدول العربية السباقة في الاهتمام بالتراث والثقافة وإدراج القطاع الثقافي كأحد أبرز القطاعات التنموية المهمة عبر إنشاء المؤسسات المعنية بالشأن الثقافي ودعمها، وعلى سبيل المثال إنشاء الهيئة العامة للصناعات الحرفية والتي تعكس البعد الاقتصادي في جانب الحرف التقليدية وإنشاء دار الأوبرا السلطانية مسقط لتكون منارة إشعاع حضاري وثقافي للإسهام في خدمة العمل الثقافي بالسلطنة وإبراز السلطنة كواجهة حضاريّة وثقافية وإنشاء العديد من المتاحف المتخصصة وترميم القلاع والحصون والأبراج وصيانة الأماكن الأثرية والتي تعد فضاءات ثقافية مهمة ورافدا مهما للقطاع السياحي والتعليمي بالسلطنة، بالإضافة إلى إقامة مهرجانات الهجن والخيل في مختلف محافظات السلطنة على مدار العام.

 

تأصيل القيم والعادات

أما الدكتور أحمد مرسي من جمهورية مصر العربية فركز خلال ورقة العمل التي قدمها حول التراث الثقافي غير المادي والتنمية المحلية المستدامة على أنّ الاهتمام بالثقافة ينبغي ألا يقتصر على ما ينتجه الفنانون والمبدعون والأفراد المتميزون من إبداعات رائعة وإنما يجب الاهتمام بكل ما يتعلق بالتراث والثقافة من معارف وعادات ومهارات وسنن تقليدية وغيرها. ودعا مرسي إلى المسارعة في حفظ وصون وتنمية هذا التراث، مشيرا إلى أن دائما ما يثار مسألة كيف يمكن تسليع التراث الثقافي؟ ويرى مرسي بأن المسألة ليست في التسليع وإنما هنالك عناصر في هذا التراث يمكن أن تكون مصدرا لتأكيد مجموعة من القيم وأنماط السلوك وأشكال الحياة التي ربما لا تعرفها الأجيال المعاصرة نتيجة انقطاعها عن دراسة هذا التراث بأشكاله المختلفة سواء كانت على شكل أغان شعبية أو حكايات أو أمثال أو ألغاز أو سنن أو معارف تقليدية استخدمها الإنسان في شتى جوانب الحياة وكانت تسهل أمور حياته الطبيعية؛ الأمر الذي يمكن المحافظة عليه وبعقل رشيد وفكر متفتح حتى يسهم في تقدمنا حاليا بشكل جميل دون أن نفقد الجوهر الأصيل ويساهم في تنمية الدخل وتوفير الكثير من الحلول للمشكلات اليومية، فعلى سبيل المثال نحن نرى أن الآباء والأمهات لم يعودوا يروون القصص والحكايات الشعبية للأطفال وإنما اعتمدوا على ما تنتجه شركات الكرتون(الرسوم المتحركة) من أفلام متناسين ما تنتجه هذه الشركات من مواضيع هل تتناسب مع عاداتنا وهويتنا وقيمنا الإسلامية أم لا، ولو أمعنا النظر إلى تراثنا لوجدنا نماذج مختلفة ورائعة كقصص السندباد وعلاء الدين وغيرها من القصص التي تحمل في طيّاتها الأخلاق الحسنة والاحترام والقيم والعادات النبيلة لهذا نحن ندعو إلى الاستفادة من تراثنا العربي الأصيل وإخراجه بما يتناسب مع ظروفنا الراهنة.

أما الدكتور سعيد بن محمد الصقري من جامعة السلطان قابوس فيرى أنّ هنالك قيمة حقيقية يمكن استغلالها في التراث الثقافي خاصة وأنّه ليس وليد اليوم وإنّما تراث قديم يجب المحافظة عليه واستثماره وتحويله إلى قيمة حقيقية تدر عائد ودخلا جيدا وتحقق المردود الإيجابي والاقتصادي على حد سواء، كذلك يرى الدكتور سعيد بأنّ إقامة مثل هذه الملتقيات والندوات لها دور كبير في إيجاد الحلول لتحويل التراث إلى صناعة مع ضرورة التركيز على العلاقة بين الخصخصة وبين دور الحكومة في الإشراف على الجوانب المرتبطة بالتراث.

وتطرق جمال الموسوي في ورقته الموسومة بـ "إدارة التراث الثقافي في سلطنة عُمان المتحف الوطني نموذجًا" إلى دور المتحف الوطني الذي يعمل على تحقيق رسالته التعليمية والثقافية والإنسانية من خلال ترسيخ القيم والعادات العمانية النبيلة وتفعيل قيم الولاء والانتماء والارتقاء بالوعي العام لدى المواطن والمقيم والزائر من أجل عمان وتاريخها وتراثها وثقافتها والعمل على تنمية قدراتهم الإبداعية والفكرية ولاسيما في مجالات الحفاظ على الشواهد والمقتنيات وإبراز الأبعاد الحضارية للسلطنة؛ عن طريق توظيف واعتماد أفضل الممارسات والمعايير المتبعة في مجالات العلوم وتقديم الرؤية والقيادة للصناعة المختفية بالسلطنة.

تعليق عبر الفيس بوك