أهالي الحوية ببدية يناشدون الجهات المُختصة التدَّخل لصيانة فلج البلدة وإعادة الحياة للمزارع

ثمنوا إعلان "الزراعة" عن طرح مشروع لتنفيذ نظام الري الحديث

عضو "البلدي": "البلديات" رصدت نحو 30 ألف ريال لحفر بئر وتركيب مضخة لنقل المياه للبلدة

مروان الحجري: صيانة الفلج تتطلب مبالغ طائلة فوق طاقة الأهالي .. وننتظر تدخل الجهات المعنية

حمد الحجري: النشاط الزراعي بالمنطقة تضرر كثيرا بتوقف جريان الفلج لإهمال صيانته

محمد الحجري: بناء المنازل والتوسع في المزارع بالقرب من مجرى الفلج ساهم في توقف جريانه

ماجد الحجري: توقف جريان الفلج منذ العام 2009 في ظل الزيادة السكانية وإهمال الصيانة

الرؤية - محمد قنات

ناشد أهالي بلدة الحوية بولاية بدية في شمال الشرقية الجهات المعنية سرعة العمل على إعادة الحياة إلى فلج الحوية أو توفير المياه اللازمة لري مزارع الأهالي من خلال مشروعات الري الحديثة التي أعلنت وزارة الزراعة عنها مؤخرًا. وقال الأهالي لـ"الرؤية" إنّهم بذلوا جهودًا مُضنية في محاولة إعادة جريان الفلج لكن دون جدوى، مؤكدين أنّ الأمر يحتاج إلى تكاليف مالية فوق طاقتهم.

وأشار الأهالي إلى أنَّ الحوية تستحق أن تكون ضمن مناطق الجذب السياحي حيث تزخر بالكثير من المباني القديمة والمواقع التراثية التي تحتاج إلى مزيدٍ من الصيانة والتوثيق من جانب وزارة التراث والثقافة، فضلاً عن توفير الخدمات اللازمة لتسهيل الرحلات على الزوار والسائحين من داخل وخارج السلطنة. كما انتقد الأهالي تأخر وزارة الصَّحة في تفعيل المركز الصحي بالمنطقة مما يضطرهم إلى نقل مرضاهم إلى بدية التي تبعد عن الحوية مسافة بعيدة.

وقال مُحمد بن بدر بن سالم الحجري عضو المجلس البلدي إنّ قرية الحوية تقع في أقصى الجنوب من ولاية بدية وهي محاطة بالرمال من ثلاثة جوانب وتشتهر أراضيها بالخصوبة، وكانت تُزرع فيها مجموعة من المحاصيل والفواكة، وتعتمد في ذلك على الفلج الذي يبلغ طوله 16 كيلومترًا، حتى بدأت مياه الفلج تقل تدريجيًا حتى توقف تماماً عن الجريان. واستدرك بأنّ وزارة البلديات رصدت مبلغاً يتراوح بين 25 و30 ألف ريال لحفر بئر بالمنطقة وتركيب المضخة والأنابيب من أجل توصيل المياه لقرية الحوية بغرض ري المحاصيل الزراعية، كما أنّ الهيئة العامة للكهرباء والمياه متعاقدة مع مقاولين لنقل المياه للمنازل إلا أنها لا تكفي مما يضطر الأهالي في أوقاتٍ كثيرة إلى شراء المياه بمبالغ طائلة.

وأشار الحجري إلى الجهود المبذولة من قبل الجهات المختصة التي تتمثل في وزارتي الزراعة والبلديات لإعادة الحياة إلى المنطقة من خلال مشروع لتجميع المياه وتنفيذ مضخات يتوقع الانتهاء منها بنهاية العام الجاري، لافتاً إلى أنّ المساحة الزراعية التي جفَّت تربتها في قرية الحوية تقدر بـ150 فداناً زراعياً كانت تروى سابقًا عن طريق الأفلاج، وما يتم زراعته حاليًا بجهود المواطنين يروى بالآبار الواقعة في مُحيط منازلهم ومزارعهم. وأضاف أنّ المواطنين في قرية الحوية يطرقون جميع الأبواب لإجراء إصلاحات تُعيد الحياة للنشاط الزراعي الذي توقَّف في مساحات كبيرة بسبب الجفاف الذي ضرب الفلج.

مكانة تاريخية مُميزة

وقال مروان بن عامر الحجري إنّ بلدة الحوية هي إحدى قرى ولاية بدية السياحية، تُحيط بها الكُثبان الرملية من ثلاث جهات في الغرب والشرق والجنوب، لتكون جهة الشمال مدخل القرية ويمر بها وادي البطحاء، وتحظى القرية بمكانة تاريخية، يجب الحفاظ على آثارها الباقية والعمل على ترميمها حتى تكون مقصداً للسياح من داخل وخارج السلطنة، خاصة وأنّ الكثير من السياح يميلون إلى زيارة القرى القديمة التي تُحافظ على الطابع التقليدي والبناء بالطين.

وأضاف الحجري أنّ العمل لإعادة الترميم يتطلب توفير مبالغ كبيرة فوق طاقة الأهالي، وينبغي على الجهات المعنية تقديم الدعم والمساندة أيضاً لصيانة الفلج لما له من أهمية كبيرة حيث يعتبر شرياناً للحياة في البلدة. ولفت إلى أنّه سبق وأجريت دراسة لظاهرة جفاف فلج الحوية المفاجئ والذي لم يكن في الحسبان حيث إنّ توقعات كبار السن للفلج تشير إلى أن فلج الحوية من الأفلاج طويلة العمر دائمة الجريان بناءً على خبرات متوارثة، خصوصًا وأنّ منبع فلج الحوية يقع في مكان منخفض وبه وفرة من المياه، كما يقع في مجرى الوديان لذلك تنبأ الجميع بعدم جفافه في المدى القريب، إلا أنّ الأقدار شاءت أن يُصاب الفلج بالجفاف فجأة، الأمر الذي أدى إلى جفاف مساحات زراعية واسعة، وهو ما يرجعه البعض إلى أن الأجداد كانوا يقومون بصيانة الفلج بشكل دوري ويولونه اهتمامًا كبيرًا حتى لا يتوقف جريان المياه فيه، وذلك بفضل روح التعاون بينهم لإصلاح أي خلل قد يضر بالفلج، على عكس ما يشهد واقع البلدة حالياً من إهمال وعدم إدراك لمدى أهمية الفلج لاستمرار الحياة في المنطقة، خاصة بعد رحيل الكثير من كبار السن ومن بقي منهم على قيد الحياة فهو مريض لا يقوى على صيانة الفلج والدعوة للحفاظ عليه.

وانتقد الحجري قلة الاهتمام بالفلج مثلما كان يحدث في السابق حيث إنّ شباب اليوم شغلتهم تكنولوجيا العصر بدعوى التطور، وأهملوا حرفة أجدادهم بعد أن رحل جيل كبار السن وذهب معهم الفلج وخيراته، وأدرك الجميع بعد فوات الأوان أنّ من أساسيات الحفاظ على دوام مياه الفلج ألا يُسمح بالبناء في محيطه أو حفر آبار بالقرب منه للحفاظ عليه، بينما في الواقع نجد العديد من المنازل شُيدت بالقرب من منبع الفلج وكذلك حفرت الكثير من الآبار بل هناك مزارع تتجاوز مساحتها 2000 فدان بآبارها التي لا تتوقف عن ضخ المياه ولا تبعد عن منبع الفلج وعن ممر قناه الفلج سوى مسافة 200 متر، كما أنّ إحدى فتحات الفلج (الثقبة) لم يتم العثور عليها إلا بعد بحث طويل، حتى وجدها الأهالي داخل أحد المنازل مما يعني أن المنازل والمزارع أصبحت فوق مسار الفلج.

وقال حمد بن مُبارك الحجري وكيل فلج الحوية إنّ في المنطقة ثلاثة آبار مساعدة للفلج إلا أنها لم تغط احتياجات الحوية لأن المنطقة لا يوجد بها مخزون مائي كافٍ، وفيما يتعلق بالفلج فقد تمت مخاطبة وزارة الزراعة بعد أن توصل الجميع إلى أنّ الحل يكمن في إنشاء مشروع نظم الري الحديث الذي من المتوقع أن تطرح المناقصة بشأنه خلال أيام، لتبدأ بعدها الشركات في أعمال المشروع الذي ينقسم إلى مرحلتين، الأولى تشمل أعمال النظافة وإزالة الأشجار اليابسة وتسوية الأرض والخطوة الثانية تتمثل في إدخال نظم الري الحديث بحيث تتحول القرية من وسائل الري التقليدية إلى الحديثة وهو ما يمكن أن يساهم بقدر كبير في إعادة القرية إلى سيرتها الأولى.

وأكد الحجري أنّ الأضرار التي لحقت بالمنطقة كبيرة وتتطلب تدخلاً لإصلاح الأضرار من أجل إعادة الفلج إلى مجراه والعمل يتواصل حاليًا دون توقف بتعاون الأهالي والمتطوعين من أبناء القرية للقيام بإزالة الرمل والطين المتراكم. وأعرب عن أمله في أن تتدخل الجهات المختصة وخاصة وزارة البلديات الإقليمية والبيئة وموارد المياه بتقديم المساعدات لإعادة فلج البلدة للجريان بعد توقف دام عدة سنوات مما أدى إلى جفاف أشجار النخيل وتأثر المزارع في أشهر واحة زراعية في عُمان. ولفت إلى أنّ المنطقة تعاني من مشكلة أخرى تتمثل في قلة المياه الكافية لاحتياجات سكان القرية وأن الهيئة العامة للكهرباء والمياه تقدم خدمة للأسر بنقل المياه بواسطة التناكر سعة 600 جالون للأسبوع، لكنها خدمة ليست للجميع، فهنالك أسر تشتري المياه بمبلغ ريالين للتنكر سعة 300 جالون مما يدفعهم لصرف مبالغ طائلة لتغطية حاجتهم من المياه.

وأضاف الحجري أنّه لابد للجهات المختصة أن تعمل على حل مشاكل القرية وتوفر الخدمات الضرورية مثل المياه وخدمات الصحة حيث إنّ وزارة الصحة خصصت موقعاً لإنشاء مركز صحي وحتى الآن لا توجد أي خطوات عملية لتشغيل المركز حيث يضطر الأهالي للذهاب إلى المركز الصحي ببدية الذي يبعد نحو 10 كيلومترات، وفي حال تفعيل المركز الصحي بالحوية سيخدم المواطنين في منطقة الرمال والمناطق القريبة منها.

وأشار ماجد محمد حمود الحجري إلى أنّ قرية الحوية تتمتع بكثير من المُقومات التراثية مما يجعلها قبلة للزوار والسياح ومن أهم هذه المقومات برج الحوية الذي يرجع تاريخ بنائه إلى أكثر من مائة وخمسين عامًا، ويتميز البرج بموقعه الهام فهو ينتصب شامخًا في صدر القرية العريقة وبقربه يقع جامع القرية وكذلك المجلس العام للقرية وشريعة فلج الحوية، ومما يُميز هذه القرية وجود الكثير من البيوت القديمة التي بُنيت من الطين والجص وجذوع النخل وينتظر الأهالي من وزارة التراث النظر في أمر صيانة هذا التراث وترميم البرج خوفًا من اندثاره وسقوطه.


وأضاف الحجري أنّ قرية الحوية تتميز بتنوع المحاصيل الزراعية حيث إنّ أهالي القرية يهتمون بزراعة مختلف أنواع الأشجار مثل النخيل والمانجو والليمون الجوافة، فضلاً عن البرسيم كعلف لحيواناتهم، إلا أنّ القرية تُعاني من شح شديد في الموارد المائية حيث إنّ فلج قرية الحوية متوقف عن الجريان منذ ٢٠٠٩، بسبب جفاف الماء في رأس الفلج في ظل زيادة عدد السكان وانتشار المزارع واستنزاف مخزون المياه، مشيرًا إلى أنّ أهالي القرية بذلوا جهودا مضنية لإعادة جريان الفلج بتنظيف مجاريه وإزالة الأوساخ والعوالق وحفر آبار للمساعدة في عودة الفلج لكن دون جدوى وقد أعلنت وزارة الزراعة والثروة السمكية مؤخراً عن مشروع نُظم الري الحديثة للقرية ولازلنا ننتظر بفارغ الصبر بدء تنفيذ المشروع الحيوي الذي من المؤمل أن يُعيد المياه إلى مجاريها ويُعيد الحياة إلى بساتين الأهالي بعد أن أصابها الجفاف.

تعليق عبر الفيس بوك