مختصون: التشخيص المبكر لحالات التوحد يعين الأطفال على اكتساب مهارات التواصل والاندماج

بطء تطور المهارات اللفظية واضطراب السلوك وفقدان المهارات أبرز الأعراض

< شمسان: أطفال التوحد في حاجة للتدخل المبكر من جانب الأسرة والمختصين لضمان نجاح برامج التأهيل والتعليم

< القضاة: المشكلة الرئيسية أن التوحد يظهر في وقت اكتساب اللغة من عمر سنتين إلى ثلاثة

< عبدالحميد: التعاون بين الإخصائي التربوي والنفسي والأسرة يسرع وتيرة تحسن سلوك الطفل

< موسي: الطفل المتوحد يعاني كثيرا من فقدان القدرة على العناية الذاتية والانتباه والتركيز لفترة طويلة

أكَّد مُختصون على أهمية الكشف المبكر في علاج أعراض التوحد لدى الأطفال، وتمكينهم من اكتساب المهارات التي تعينهم على التواصل والاندماج في المجتمع.. وأوضحوا أنَّ من بين الأعراض الكاشفة التي تساعد أولياء الأمور على سرعة اللجوء إلى المختصين لعلاج أبنائهم: ملاحظة تأخر تطور المهارات اللفظية وغير اللفظية واضطراب السلوك والتفاعل، خاصة أثناء ظروف التواصل الاجتماعي؛ حيث يُعاني أطفال التوحد من صعوبات ومشكلات في مجالات أساسية؛ وهي: اللغة، والسلوك، والعلاقات الاجتماعية والتواصل، وبسبب اختلاف أعراض وعلامات التوحّد من مريض لآخر، فإنّه من المرجح أن تختلف كذلك تصرفات ومهارات الأطفال المصابين، لكن يبقى من أخطر الحالات عدم القدرة على التعامل مع الآخرين بصورة سهلة، مما يحرم الطفل من فرص إقامة علاقات مع الآخرين على المدى الطويل.

الرُّؤية - مُحمَّد قنات

وقالت مشاعر شمسان مديرة مركز مسقط لتوحد الأطفال: إن أطفال التوحد يحتاجون إلى عناية واهتمام خاص من قبل أولياء أمورهم والمجتمع، كما يحتاج الأطفال من هذه الفئة إلى التدخل المبكر للتأهيل والتعليم، لكن في الواقع فإن اهتمام الآباء بأطفالهم المتوحدين يكون في العادة متأخرا جدا، وغالبا ما يتم عرضهم على مركز التوحد في سن الخامسة والسادسة، وهو ما من شأنه أن يزيد الموقف صعوبة عند التعاطي معهم. وقد تم افتتاح المركز في العام 2008 باعتباره أول مركز لأطفال التوحد بالسلطنة، وأخذ على عاتقه نشر المعلومة والتوعية بالاضطراب وكيفية التعامل مع هذه الحالات.

وأشارتْ شمسان إلى أنَّ مركز مسقط للتوحد يقدم خدمة تأهيل الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد في البرامج، والتربية الخاصة، وعلاج النطق، والإرشاد النفسي وتعديل السلوك النفسي والحركي، ويوجد في المركز تدريب لأولياء الأمور والقائمين على الخدمة التوحديين؛ من أجل التعامل مع الطفل التوحدي بمختلف مراحلة التي تتفاوت من شديد إلى متوسط، وتقديم برامج نوعية للتأهيل لتلبية الاحتياجات الفردية للطفل، وصولا إلى الفصول المتقدمة للأطفال ذوي حالات التوحد، وتنفيذ البرامج المتخصصة بأعلى جودة على يد فريق متخصص ومتمكن من موظفين وفنيين، بهدف إثراء حياة الطفل من خلال تحويله ليصبح عنصرا قياديا ناجحا مفيدا للمجتمع؛ من خلال التطور والنمو الطبيعي، وإثراء تجربة الوالدين من خلال تقديم خدمات ذات جودة عالية، وأنَّ المركز انتقل إلى مبنى جديد بالعذيبة الشمالية في محاولة للترتيب حتي يتناسب مع احتياجات الطفل والتطور الحاصل في التقنيات الحديثة للتأهيل؛ بما يجعله يتنافس مع مراكز ذات جودة عالمية.

وأوضحت أنَّ المركز يهتم بالمشاركة في كلِّ البرامج التي تتيح للمجتمع الانتفاع بالمعلومات من خلال المشاركة في المرامج التي تلامس أولياء الأمور والمهتمين، كما يعمل بشكل دائم حتى في أوقات الصيف نظرا لأهمية التدريب للطفل؛ لأن إيقاف التدريب يؤدى لانتكاسة الطفل من جديد؛ لذلك أخذ المركز على عاتقه العمل على مدار السنة.

أعراض التوحد الأولية

وأوضحت مشاعر شمسان أنَّ التوحد من الاضطرابات النمائية ويمثل إعاقة تظهر أثناء مراحل النمو الأولى، ويعاني أطفال التوحد من قصور في التواصل سواء مع الوالدين أو الأخوة أو الناس المحيطين به على صعيد التواصل اللفظي وغير اللفظي، كما يعاني الأطفال من قصور في التفاعل الاجتماعي والانفعالي والمعرفي والانتباه المشترك، وهذا القصور يؤدي بالطفل لعدم فهم من حوله وعدم مقدرته على التواصل معهم، وليس من الضروري أن كل أطفال التوحد يكون لديهم قصور في كل هذه الجوانب، كما أن كل طفل له خصائصه التي تميزه، ويصنف أطفال التوحد ذكاءهم إما متوسط أو فوق المتوسط، تبعاً لمستوى الذكاء. وأن 75% من المصابين بالتوحد لديهم إعاقة ذهنية. وعلى الرغم من ملاحظة الأهل لسلوكيات أطفالهم، إلا أن التشخيص يتم في وقت متأخر لعدم معرفة الأهل والإخصائيين بطبيعة الاضطراب، إلا أنَّ التدخل العلاجي يجب أن يبدأ في وقت مبكر حتى يتم التقليل من تأثير اكتساب السلوكيات التي تعيق عملية تاهيل تطور الطفل.

ونبَّهتْ شمسان إلى ضرورة دمج الطفل في مراحل التعليم الأولي مع أقرانه، والحرص على متابعة التأهيل والتدريب، وهو ما يعتمد على استقرار حالة التوحد لأنه يصاحبه كثير من المشكلات الصحية والأنماط السلوكية، ودائما ما يتم توصية أولياء الأمور بالصبر والمتابعة وكثيرا ما تظهر النتائج في أوقات متأخرة، ومن الأمور المهمة وجود عوامل مساعدة ومتطورة في المراكز والمدارس المتخصصة حتى تساعد على تطور هؤلاء الأطفال مثل وضع خطة تربوية فردية مناسبة لكل حالة وتوفير وسائل مناسبة للعلاج (حسية، تعليمية، حركية) ووجود الإخصائيين الأكفاء من خلال توفير التدريب المستمر للكوادر العامل . كما يجب إدراك أن طبيعة الاضطراب النمائي (التوحد) يتطور بنمو الطفل، لذلك يحتاج أولياء الأمور إلى دعم نفسي ومادي واجتماعي ويحتاجون لبيئة آمنة لممارسة الألعاب الرياضية والترفيهية التي تشكل جانبا مهما في عملية العلاج والتأهيل؛ وهذا ما نفتقده في مسقط بصورة كلية؛ فالإعاقة بصورة عامة وأطفال التوحد بصورة خاصة يحتاجون للتدخل المبكر للتأهيل والتعليم.

التربية والعلاج الوظيفي

وقالت سماح القضاة إخصائية التخاطب: إنَّ التوحد من المشكلات النطقية وهى ضعف اللغة المكتسبة مع عدم القدرة على استخدامها بشكل صحيح، ويعزى ذلك إلى أن مظاهر التوحد تظهر في وقت اكتساب اللغة من عمر سنتين إلى 3 سنوات؛ مما يودي لقلة المحصول اللغوي وعدم استخدام اللغة في المكان والوقت المناسب، وهذه المشكلة تمثل السبب الرئيسي في عدم قدرة أطفال التوحد على النطق. لافتة إلى أنَّ المزاجية أو انتقائية اللفظية هي عدم قدرة الطفل على استخدام وتوظيف اللغة في المكان والوقت المناسب رغم وجود محصول لغوي لديه مثل نطق كلمه بابا داخل غرفة صفية، لكن ﻻ ينطقها عند مشاهدة والده؛ حيث يجب على أولياء الأمور دائما الصبر والمتابعة.

فئات التربية الخاصة

وقالت منال عبدالحميد إخصائية التربية الخاصة: إنَّ التربية هي مجموع الخدمات المنظمة والهادفة التي تقدم للطفل غير العادي لتوفير ظروف مناسبة له لكي ينمو نموًّا سليما يؤدي إلى تحقيق ذاته عن طريق اكتشاف إمكانياته وتنميتها إلى أقصى مستوى يستطيع أن يصل إليه الفرد وأن يدرك ما لديه من قدرات ويتقبلها، كما أن أطفال التوحد هم فئة من فئات التربية الخاصة؛ حيث إنَّ اضطراب طيف التوحد هو مجموعة من الإضطرابات النمائية والعصبية والتي تسبب عدة مشكلات في المهارات الاجتماعية والتواصلية والعاطفية، وفي ظهور أنماط سلوك غريبة إضافة إلى محدودية في الاهتمامات لدى المصابين، مع مراعاة أن أعراض التوحد تختلف من طفل لآخر؛ وبالتالي تختلف تصنيفاته ما بين طيف التوحد الشديد؛ حيث تظهر فيه جميع أعراض التوحد ومن هذه الأعراض، والانعزال والعجز عن التفاعل الاجتماعي، وعدم إدراك المخاطر، والدوران، وفشل في التواصل البصري مع الآخرين، والنشاط الزائد، وصعوبات في التأقلم تجاه أي تغيير في روتين حياتهم، إلى جانب حساسية عالية تجاه لمسهم أو معانقتهم.

وأضافت بأن هذه الأعراض تعد مشكلات سلوكية يتبناها إخصائي التربية الخاصة مع الإخصائي النفسي وبمشاركة الأهل، ويجري التعاون فيما بينهم للتخلص من تلك السلوكيات في البداية ومن ثم وضع خطة تربوية تأهيلية بدءًا من تعديل السلوك ومن ثم وضع خطة شاملة، مع ضرورة وضع إستراتيجات يتم انتقاؤها من الأشياء المحببة للطفل واستخدامها كوسيلة لتحقيق الأهداف مع الطفل، وانتهاءً بتحقيق تلك الأهداف وتطبيقها من قبل الطفل؛ سواء في الفصل أو المنزل أو البيئة المحيطة؛ وبالتالي التكيُّف مع أفراد المجتمع وجعله استقلالي يعتمد على نفسه في مهارات الحياة اليومية. موضِّحة أنَّ نقطة البداية هي التخلص من المشكلات السلوكية وتوجيه الأهل ومتابعتهم لها، ومن ثم المشاكل الإدراكية؛ حيث إنَّنا نبدأ من نقاط القوة لدى الطفل حتى تنشأ الثقه ونشعره بالهوية الذاتية، ومن ثم العمل على نقاط الضعف واكتشافها وتنميتها من خلال أنسب طريقة وهي التعلم عن طريق اللعب بعد استثارة الحواس اللمسية لدى الطفل، كما أنَّ أي نجاح اأ تطور في أداء الطفل يعتمد على عدة أمور، لكن الأهم أن هذا التطور لا يعتمد فقط على إخصائي التربية الخاصة فقط، بل يعتمد على الخدمات الداعمة له وهي (فريق العمل متعدد التخصصات) خدمة العلاج الوظيفي، وخدمة العلاج النطقي، وخدمة العلاج النفسي، والركيزة الأساسية الأهل وتعاونهم في إنجاح وتطوير وتنمية قدرات الطفل واكتسابه مهارات جديدة.

نقص العناية الذاتية

وأضافتْ فرح موسي إخصائية العلاج الوظيفي بأن التوحد هو جملة من اضطرابات النماء التي تصيب الطفل في التصرف والتفكير والاتصال والتفاعل مع الآخرين، ومن أهم المشكلات التي يتعرض لها أطفال التوحد، هي مشكلات في الاستقلالية الذاتية، والعناية الذاتية والنظافة الشخصية، إلى جانب مشكلات الانتباه والتركيز وعدم قدرته على الاندماج وتفاعل داخل المجموعة، ومن أهم الاضطرابات التي تعترض طفل التوحد اضطرابات التكامل الحسي، وبالتالي عدم قدرة الدماغ علي دمج ومعالجة معلومات معينة يتم تلقيها من أنظمة الحس؛ مما يخلق لدى الطفل العديد من التصرفات والسلوكيات التي تجعل العالم الذي نعيش فيه عالما مركبا بالنسبة لهم؛ حيث يأخذون المعلومات من خلال حواسهم وبطريقة مختلفة عما نأخذها، وهنا يكمن دور العلاج الوظيفي في الوصول إلى نمط حياتي مرضٍ ومستقل وفعال من خلال تنمية قدرات الطفل باستعمال أنشطة هادفة، إلى جانب تطويع محيطه العائلي والدراسي والمهني الذي يجب أن يتحلي بالصبر والإرادة والعزيمة.

تعليق عبر الفيس بوك