سكان العقر في شناص يخشون على حياتهم من مخالفات شركات التعدين: "الماء فيه سم قاتل"

قالوا إن المخزون الجوفي يتعرض للتسمم نتيجة انتشار المواد الكبريتية الناجمة عن الحفريات العميقة

< المقبالي: مساهمة الشركات بالولاية في المسؤولية الاجتماعية "ضئيلة للغاية"

< المزروعي: المياه الجوفية في الولاية عُرضة لمخاطر التلوث الكبريتي نتيجة لأعمال التعدين المخالفة

< عيد القايدي: إحدى الشركات حوَّلت مجرى أكبر وادي في منطقة العقر.. والسكان يخشون الفيضان

< الريسي: مخالفات بيئية صريحة لمراسيم سلطانية وقرارات وزارية في منطقة العقر

< سعيد القايدي: نطالب الجهات المعنية بفحص المياه الجوفية للتأكد من مستوى التلوث

طالبَ سُكان منطقة العقر في ولاية شناص، الجهاتَ المعنيَّة، النظرَ إلى ما خلَّفته إحدى شركات التعدين من أضرار وملوِّثات أثَّرت على حياتهم الزراعية ومواردهم المائية، بسبب الحفريات العميقة التي أوْجَدتها الشركة بعد أنْ أنهت أعمالها في الولاية؛ حيث يقول الأهالي إنَّ مياه الآبار الجوفية اختلطت بها كميات كبيرة من مادة الكبريت.. وقالوا إنَّهم خاطبوا مُختلف الجهات المعنية -مثل: وزارة البيئة والشؤون المناخية، ووزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه، ووزارة التجارة والصناعة، ووزارة الصحة- للتدخل العاجل ورفع الخطر عن الأهالي، حفاظا على صحتهم وحماية للبيئة من الأضرار المحدقة بها.

وعبَّروا عن أملهم في أنْ يُسهم نشر القضية عبر مِنْبر "الرؤية" في اتخاذ خطوات ناجعة تساعد في حل المشكلة، وإزالة الضرر عن الأهالي.

الرُّؤية - خالد الخوالدي

وقال عوض بن خلف الهوم المياسي عضو المجلس البلدي ممثل ولاية شناص رئيس لجنة الشؤون الصحية والبيئية والاجتماعية بالمجلس البلدي لمحافظة شمال الباطنة: إنَّ إحدى شركات التعدين أحدثت أضرارا كبيرة في مواقع عملها؛ حيث تركت العديد من الحفر العميقة العملاقة، وما فاقم المشكلة أنَّ الشركة لم تقم بتسوير مواقع العمل أو وضع علامات تحذيرية للمارة أو على أقل تقدير تفادي وقوع الحيوانات في هذه الحفر العميقة. وأضاف المياسي بأنَّ هذه الحفر نجم عنها تجمعات هائلة للمياه.. مشيرا إلى أنَّ السكان أخذوا عيِّنات من هذه المياه لأحد المختبرات، ووجدوا أنها تحتوي على نسب عالية من الكبريت؛ مما يُهدد بوقوع مشكلات صحية للسكان.

الجهات المختصة

وتابع بأنَّ الأهالي سبق لهم وأن تقدَّموا إلى الجهات المختصة بداية من أعضاء مجلس الشورى والمجلس البلدي ومن ثمَّ تم رفع الموضوع إلى سعادة الوالي الذي رفع بدوره الموضوع إلى الجهات المسؤولة بالدولة. وأوضح أنَّ المجلس البلدي ناقش هذه المشكلة وتم رفع توصية من قبل سعادة الشيخ المحافظ إلى وزارة البيئة والشؤون المناخية ووزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه، دعا فيها إلى ضرورة الوقوف على هذه الحفر والحد من المشكلات المترتبة عليها، والرد على المطالب المتكررة من قبل الأهالي. وتابع بأنَّ المجلس بذل جهودا جبارة حيث أجرى لقاءً مع وكيل وزارة البيئة والشؤون المناخية ونقل له مطالب المواطنين في معالجة مشكلات هذه الحفر والتي خلفتها الشركة، علاوة على مخاطبة وزير التجارة والصناعة. مشيرا إلى أنَّه تم طرق جميع الأبواب، لكن في المقابل لم يجد الأهالي الرد المناسب والشفاف. وزاد قائلا: إن الأهالي يعتزمون اللجوءَ للقضاء للفصل في هذه المشكلة. واستطرد المياسي بقوله إنه قبل عام ونصف العام قام سعادة الشيخ المحافظ بالتنسيق مع الجهات المعنية وإحدى الشركات المختصة، لبحث إمكانية طمر هذه الحفر بعد انتهاء أعمال الشركة، وكانت في ذلك الوقت الشركة لا تزال تعمل، والآن وبعد أن انتهت من أعمالها لم يتم تنفيذ تلك الوعود، وكانت الشركة تريد أن تتولى الحكومة ردم هذه الحفر، رغم أن هناك قرارات تلزم الشركات والمصانع بتسوية المواقع التي تعمل بها، وإعادتها إلى هيئتها الأولى، والتخلص من جميع المخلفات التي قد تنجم عنها. وأوضح المياسي أنَّ الأهالي طالبوا بتفعيل هذه القرارات وقام المجلس البلدي برفع توصية لتنفيذ المراسيم السلطانية الخاصة برفع الضرر في مثل هذه الحالات، لكنه أشار إلى أنَّ هذه القرارات لم تجد طريقها للتنفيذ.

وأضاف المياسي: "نطالب بتفعيل قرار وزارة التجارة والصناعة الخاص بتخصيص 5% من صافي أرباح الشركات في مجال المسؤولية الاجتماعية، وتطبيق ذلك على الشركة المذكورة، حيث واصلت الشركة أعمالها خلال السنوات الماضية مستفيدة من خيرات الولاية، دون مقابل حقيقي يعود على الأهالي بالنفع، خاصة وأن المجلس البلدي طوال السنوات الثلاث المنصرمة يطالب بتفعيل قرار وزير التجارة والصناعة الذي ينص على دفع 5% من صافي أرباح الشركات والمصانع لمشروعات المسؤولية الاجتماعية". واستنكر المياسي غياب الآلية الملزمة للشركات لتنفيذ قرار الـ5% بما يخدم التنمية الاجتماعية في الولاية.

واستطرد عضو المجلس البلدي قائلا: "تمت استضافتي في مجلس الدولة للمشاركة في إحدى الندوات التي يقيمها المجلس، وتم طرح هذا الموضوع واتخاذ الآليات اللازمة لتفعيل قرار الـ5% للمسؤولية العامة للولاية، واقترحنا تنفيذ مشروع خدمي يخدم الولاية كحديقة عامة أو متنزه، كما طالبنا بإعادة موقع العمل إلى سابق عهده من خلال ردم الحفر العميقة وتنظيف الموقع من المخلفات وحماية البيئة".

رفع الضرر

وقال حمد بن عبدالله بن أحمد المقبالي عضو المجلس البلدي ممثل ولاية شناص، إنَّه يُطالب الجهات المعنية بإلزام إحدى شركات التعدين بإعادة تأهيل المواقع التي كانت تعمل فيها ورفع الضرر عنها، علاوة على إعادة النظر في القرارات الخاصة بعمل الشركات، وضرورة وضع قرارات مُلزمة لشركات التعدين بضرورة معالجة الأضرار التي تخلفها بعد الانتهاء من أعمالها، وفي حالة عدم وجود نص تشريعي يلزم الشركات بذلك، فإننا ندعو الجهات المعنية للتعجيل بسن قوانين تحمي الأرض والبشر والشجر من المخاطر التي تخلفها هذه الشركات والمصانع، وأن تكون هذه القوانين رادعة حتى تسهم في المحافظة على البيئة والمصلحة العامة.

وأضاف المقبالي: "نطالب الشركة المسؤولة عن الحفريات بتنفيذ مشروع أو مشروعين تخدم المصلحة العامة في ولاية شناص، مقابل الأضرار التي خلفتها في الولاية والاستفادة التي استفادتها الشركة خلال عملها في الولاية، وعدم تنفيذها لأي مشروع خدمي لأبناء الولاية، علاوة على أنَّ المساهمات التي ساهمت بها سابقا هي مساهمات بسيطة وتخص المناطق القريبة من مواقع العمل التي تعمل بها الشركة ولا تعد مساهمة كافية مقارنة بحجم الولاية ولا تعادل 1% من الاستفادة التي استفادتها من الولاية".

فيما قال الشيخ عمار بن خلفان المزروعي: إنَّ الحفر العميقة التي خلفتها الشركة العاملة في مجال التعدين تشكل خطرا كبيرا على المياه الجوفية بمنطقة العقر والقرى القريبة منها، مشيرا إلى أنَّ الأهالي توجَّهوا إلى الجهات المعنية، كما زار بعض المسؤولين موقع أعمال الشركة، ووعدوا باتخاذ إجراء بحق الشركة لمخالفتها القوانين، لكن لم يتم تطبيق أي عقوبات على الشركة أو إصلاح المواقع التي كانت تعمل فيها. وأضاف المزروعي بأنَّ الأهالي جمعوا عينات من المياه المتراكمة في الحفر العملاقة التي خلفتها الشركة وأرسلوها لأحد المختبرات، ووجدوا أنَّ المياه ملوثة ومليئة بمادة كبريتية.

وقال عيد بن عبيد بن سعيد القايدي من أهالي منطقة العقر بولاية شناص: "أناشد حكومتنا الرشيدة بالحل العاجل للحفر المائية التي خلفتها إحدى الشركات والتي بغلت 4 حفر والقطر الدائري لكل حفرة تقريبا 200 متر وعلى عمق 180 مترا". وأشار إلى أن هذه الحفر بلغت مستوى مياه الآبار الجوفية؛ مما تسبَّب في تلويث المياه بحجر كروم اسود وتسمم الماء، في وقت يعتمد فيه أبناء قرى العقر والوديات والعماني، على المياه الجوفية المستخرجة من الآبار، وتسببت الشركة في تلويث هذه المياه وأغلقت مجرى أكبر وادي وغيرت اتجاهه باتجاه منطقة العقر، وفي حالة هطول أمطار غزيرة أو فيضانات -لا قدر الله- ستتعرض منطقة العقر بالكامل إلى الغرق.

وأضاف القايدي: "خاطبنا الجهات المعنية أكثر من مرة، وتقدمنا بشكوى إليها، ونقل تليفزيون سلطنة عُمان معاناتنا في تقارير مختلفة، لكن كل ذلك دون جدوى أو رد فعل من الجهات المختصة". وأوضح القايدي أنه بعث برسالة إلى مجلس الوزراء عبر مكتب صاحب السمو السيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أرفقت فيها تقريرا متكاملا يتضمن الفحوصات وشكاوى المواطنين وتم تسليم الرسالة إلى منسق مكتبه سموه، ونأمل في رد عاجل من المجلس الموقر، ومعالجة المشكلة المستفحلة وتهدد حياة السكان في منطقة العقر.

وتابع القايدي: "إنَّ أهالي ولاية شناص يتوجهون بنداء للجهات المختصة -ممثلة في وزارة البيئة والشؤون المناخية...وغيرها من المؤسسات ذات الاختصاص- بمعالجة وضع هذه الحفر العميقة التي خلفتها إحدى الشركات التي كان عملها إخراج المعادن من الأرض، وبعد الانتهاء من عملها منذ من سنوات قامت بترك الحفر دون ردمها، مما تسبب في تلوث المياه الجوفية بالمواد الكبريتية والمواد السامة، فضلا عن سعة المنجم التي تتجاوز مئات الأمتار في جوف الأرض. وناشد القايدي وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه اتخاذ ما يلزم من قرارات لمعالجة الأضرار التي خلفتها الشركة.

مخالفة القوانين

أمَّا الرأي القانوني في هذه القضية، فقد طرحه المحامي راشد بن عبدالله الريسي، الذي قال إنَّ قيام إحدى شركات التعدين بنشاط تجاري في منطقة العقر والتسبب في أضرار بالبيئة إنما هو مخالف للقانون، لاسيما وأنَّ هذه الشركة هدفت للربح دون تحمل التبعات القانونية والبيئية التي يتعين عليها القيام بها. وأضاف بأنَّ هناك مخالفات لنشاط هذه الشركة مضرة بأهل المنطقة تحديدا وبالولاية والبيئة العمانية عموما، ومن هذه المخلفات الحفر العميقة والكبيرة والمخلفات السائلة التي تضر بالمياه الجوفية، وفي هذا الجانب فإنَّ هناك المرسوم السلطاني رقم 114/2001 الخاص بحماية البيئة ومكافحة مخلفات التلوث والمرسوم السلطاني أيضا رقم 115/2001 والخاص بحماية مصادر المياه الجوفية التي تضر بهذه المياه، وأيضا القرارات الوزارية المنظمة لهذا الجانب كلها تدين الشركة. وأوضح أنَّ من هذه القرارات إلزام الشركات بتخصيص نسبة من أرباحها لتنمية المنطقة التي تعمل فيها أو الولاية بشكل عام، إلا أنَّ الواقع يظهر أن العديد من الشركات والشركة محل الشكوى تحديدا لم تقم بتنفيذ أي مشروعات تنموية في الولاية في نطاق هذه النسبة أو حتى ضمن برامج المسؤولية الاجتماعية.

وأضاف المحامي راشد الريسي: "عندما نرى مثل هذه المخلفات يتبادر إلى ذهن أي شخص بأنَّ هناك تقصيرا من قبل المؤسسات الحكومية المعنية بمتابعة هذا الجانب والرقابة على هذه الشركات وممارساتها على أرض الواقع، ومن هذه الجهات المختصة لحماية البيئة والموارد الطبيعية: وزارة البيئة والشؤون المناخية ووزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه". وتابع بأنَّ سكان المنطقة توجهوا بالشكوى إلى هذه الجهات لكنهم لم يجدوا الرد المناسب، أو استجابة على أرض الواقع لردع هذه الشركات من التمادي في المخالفة.

ودعا الريسي مؤسسات الدولة للتدخل وحماية البيئة ومراجعة ممارسات مثل هذه الشركات وتحرير المخالفات ضدها وتقديمها إلى القضاء، علاوة على ضرورة إعلان الجهات المعنية نتائج ما تتخذه من إجراءات بحق الشركات المخالفة. ويرى الريسي أنَّ المواطن لا يجد في مثل هذه الحالات سوى اللجوء إلى القضاء لرفع دعاوى قضائية ضد هذه الشركات والجهات المسؤولة التي تقاعست عن القيام بدورها.. مشيرا إلى أنَّه واثق من أن حكم القضاء سيكون رادعا للمخالفين في ظل دولة القانون التي أرسى دعائمها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه.

وقال سعيد بن عبيد بن سعيد القايدي: إنَّ شركة التعدين المخالفة تسبَّبت في العديد من المشكلات للأهالي، في حين أنَّ الأهالي لم يتركوا مؤسسة حكومية إلا وتقدموا إليها بشكوى، ضد الشركات المخالفة.. مشيرا إلى أنَّ البعض أجرى اختبارات معملية للمياه التي تراكمت في الحفر العملاقة التي خلفتها الشركة وتبين أنها مليئة بالمواد الكبريتية، وأن الأهالي قدموا هذه النتائج إلى وزارة التجارة والصناعة ووزارة البيئة والشؤون المناخية ووزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه. وتابع بأنَّ المختبر الذي فحص المياه أكد أنَّ المياه مُسمَّمة وليست ملوثة فحسب، داعيا الجهات الحكومية إلى توجيه النصح للأهالي بعدم استخدام المياه الجوفية القريبة من هذه الحفر، علاوة على مطالبة وزارة الصحة بفحص هذه المياه معمليا حفاظا على صحة السكان وسلامة الحيوانات التي قد تشرب من هذه المياه.

تعليق عبر الفيس بوك