لَيتَ رياضتنا.. طواف عُمان

المعتصم البوسعيدي

توقفت كثيرًا عند مقولة إلينور روزفلت: "التمني يستغرق نفس الطاقة التي يستهلكها التخطيط"، فكم من تمنيات تخالجنا وتستهلك وقتنا ثم تذهب أدراج الرياح ؟! وكم من فرضيات نقيس بها واقعنا بغيّة الوصول لغد أفضل؟! ولكن خيار تعاملنا لا يكون ـ في أغلب الأحيان ـ مع مناقشة الفرضيات أو الأفكار فتلك عقليات العظماء كما تقول السيدة ألينور أيضًا: "العقليات العظيمة تناقش الأفكار، وتلك العادية تناقش الأحداث، أما الصغيرة فتناقش الأشخاص".

على هذا وحتى لا أضع لنفسي "كمين" بالاقتباس؛ سأمضي في طرح الأفكار كما وردتني وأنا أتابع أخبار "طواف عُمان" النفس الأخير لمهرجان مسقط الذي غادرنا بعد "لا صخب" كبير تاركًا للأمطار مهرجانا أكبر يعتمر الأرواح والأفئدة، ولا شك أن لطواف عُمان نكهة مختلفة ومشاهد منتظرة، وخيبات لمن يراه بانعكاس الحال على أحوال رياضات أخرى، تمامًا كما فعلت أنا!! وربما قد يسميني البعض في هذا بالسلبي ونقد الأمر بحجة النقد لا غير، وما عساي أن أفعل؟! سوى التمني بأن يخيب الله ظني السلبي ويمتعني بالعمر الذي أشاهد فيه كل رياضتنا كحال طواف عُمان!!

طواف عُمان ذو "الست سنوات" ولد ـ على ما يبدو ـ يافعًا يروم المعالي، ويضعه منظموه "كمُلهم ومثرِ لمخيلة شعبنا" علاوة على اعتباره بداية موسم السباقات، والطواف ـ بالفعل ـ حقق نجاحا باهرا ومضى في تحقيق الأهداف المرسومة له خاصة تلك السياحية والاقتصادية منها، وبات متطورًا يواكب سباقات ذات صيت عال، كيف لا؟! والفائز بطواف عُمان في العام 2013 "كريس فروم" استطاع الفوز بطواف فرنسا الشهير "تو دي فرانس" للسباقات، بل إنّ طواف عُمان ضُمن فعليًا بقائمة أفضل عشرة سباقات للدراجات الهوائية على مستوى العالم، ولعلَّ "بلدية مسقط" الجهة المشرفة على الطواف كان لها "ضربة معلم" بتعاقدها مع راكب الدرجات الأسطوري "ايدي ميركس" لتنظيم الطواف، الرجل الذي تفاخر بالقول: "إن طواف عُمان هو بمثابة مثال مدهش على ما يمكن أن يحققه الإنسان وإرادته مجتمعين معًا في هذه الفترة القصيرة من الزمن".

لقد قام طواف عُمان على ثلاثة أهداف رئيسية كما أعلنت عنها بلدية مسقط ذات مرة: ترويج ركوب الدراجات الهوائية كرياضة في سلطنة عُمان، وترويج السلطنة عالميًا كجهة سياحية جذابة، وتحفيز ودعم التجارة والنشاط الاقتصادي للسلطنة، وحتى في كلمة الترحيب عبر التطبيق الرائع للطواف والمعمول على ثلاث لغات تم التعريف بالرؤية المتعلقة برياضة ركوب الدراجات وذلك "بتقديم مساهمة حقيقية لتحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي في عُمان" ويحظى الطواف بتغطية إعلامية لا نظير لها وهناك تنافس عالمي لشراء حقوق البث خاصة مع السحر الجمالي لطبيعة السلطنة وتنوعها الجغرافي وإرثها الحضاري العميق، وبالرغم من كل هذه الروعة والتفرد والألق فإنني أقف "بنظرتي السلبية" التي ذكرتها في مستهل المقال حول عدة نقاط أثارت تساؤلاتي حول عدم وجود فريق عُماني "يملأ العين" مشاركًا ومنافسًا أبطال اللعبة المتواجدين، علاوة على عدم تضمين الهدف الرياضي الأسمى بصناعة أبطال دوليين وأولمبيين في هذه المسابقة ضمن الأهداف المعلنة ولا حتى في الرؤية، وحتى يكتمل مشهد نظرتي السلبية إليكم الفكرة "السمينة" التي "كبست على نفوخي".. لماذا أفضل مشروعين رياضيين في السلطنة هما تحت مظلة غير رياضية وتنطلقان من مبدأ سياحي إقتصادي بالدرجة الأولى؟! أعني هنا "عُمان للإبحار، وطواف عُمان"؟!

لَيتَ رياضتنا.. طواف عُمان، جودة تنظيم، وإزدحام رُعاة، وتغطية إعلامية عالمية مكثفة، الأمر الذي ما كان يتأتى لولا اهتمام الحكومة وإدراكها بأهمية الرياضة كمورد اقتصادي وعامل جذب للمستثمرين، هذا التعامل لا نجده في الرياضات على تنوعها خاصة كرة القدم التي "تلعق المر" حتى تصل لصناعة مزدهرة لن تقوم دون تكاملية وشراكة حقيقية، ولن نصل بالرياضة لمستويات عُليا دون النظرة الرياضية الفاحصة التي تتلاقى مع الأهداف الأخرى، وبعيدًا عن مناقشة الأحداث والأشخاص كعقليات عادية وأقل من ذلك، ما رأيكم أن نضع بعض الأفكار للنقاش؟! فمثلاً أقترح أن تتولى جهات معينة زمام بعض الرياضات أو لنقل إدارة دفة الأندية كمناطق الامتياز وشركات النفط والمناطق الحرة ومثلما تتولى بلدية مسقط تنظيم طواف عُمان تتولى ـ أيضًا ـ بلدية ظفار احتضان حدث رياضي أو رياضة محددة تديرها بنفس العقلية ضمن نطاق مهرجان خريف صلالة؛ ليكون التمني ليس استهلاك وقت؛ بل خطوة أولى للتخطيط السليم بشرط أن يتوفر القرار والإرادة.

تعليق عبر الفيس بوك