خطاب الإعلام سبيل لتحقيق التقَارب والوئام

أمل بنت طالب الجهورية

ارتبط اسم "سلطنة عمان" أينما ورد ذكره بالسلام والدعوة للوئام والتقارب الإنساني مستمدة سمتها التاريخية من النهج القويم الذي اتبعته عمان في سياستها الخارجية، والتزامها بنصرة الحق والعدل والسلام والتسامح والمحبة، ودعوة دول العالم لتوطيد الاستقرار، مما جعلها مفتاحاً هاما عند الحديث عن التقارب والوئام الإنساني، وهذا ناتج عن الدور العظيم الذي لعبته السلطنة قديماً وحديثاً في بناء هذه القاعدة بفضل السياسة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه - الذي أرسى نهجاً قويماً سارت عليه السلطنة في سياستها وتعاملها مع الآخرين، وانتقل تأثير هذا النهج ليجعل الدعوة للتقارب والوئام الإنساني تدخلاً في الكثير من المجالات والأحداث التي تقدمها عمانُ محلياً وخارجياً سواء من خلال مواقفها إزاء الأحداث السياسية المختلفة التي تعصف بالمنطقة، ومحاولتها الجادة لإيجاد حلول سلمية تقرب بين الأطراف، وتكبح النزاعات، أو من خلال دعوتها ورسالتها التي جابت العالم بمعارض وندوات قدمت خلالها الصورة الحقيقية للتسامح والوئام والتقريب بين الأديان عكست أنموذجاً حياً للنهج الذي تسير عليه البلاد.

وفي محطة أخرى يأتي أسبوع التقارب والوئام الإنساني الذي ينظمه مركز السلطان قابوس للثقافة والعلوم في دورته الخامسة ليواصل ذلك النهج في بث الثقافة حول ماهية الوئام والتقارب الإنساني والسبل إلى تحقيق ذلك من خلال تيسير التواصل بين الثقافات الإنسانية من أجل تحقيق وتأكيد دور الحوار في تعزيز السلام والاستقرار في العالم عبر زيادة وعي الرأي العام بالقضايا الرئيسة ذات الصلة بالموضوع وتعزيز التفاهم من أجل إبراز ما تحث عليه الأديان والمبادئ الإنسانية العامة من التسامح والتعاون لكل ما من شأنه الخير للبشرية كما يعكس تنظيم هذا الحدث السنوي الفهم العماني لصحيح الدين الإسلامي الذي يدعو إلى الوحدة والتعاون، باعتبار أنّ الحوار هو خيار العقلاء ونهج الحكماء والوسيلة الأصلح لحل المشكلات وإنهاء الأزمات التي تعترض المجتمعات الإنسانية المعاصرة والتي تمثل تحديًا للاستقرار والسلم والتعايش الإنساني.

ويحمل شعار أسبوع التقارب والوئام لهذا العام مضامين هامة وسامية من خلال سبر أغوار الخطاب الإعلامي موجهاً وسائل الإعلام إلى أهمية تحقيق التقارب والوئام، واستثمار تلك الوسائل بمختلف أنواعها لإيجاد حوار ثقافي حضاري بناء يدرك أهمية الرسالة الملقاة على عاتقه اليوم في ظل الصخب المعرفي والتدفق المعلوماتي وثورة الإعلام الجديد الذي تواكبه في الضفة الأخرى سلسلة من الحروب والدمار والنزاعات تعيش ويلاتها الكثير من دول العالم اليوم، الأمر الذي يحتاج معه أن يكون الخطاب الإعلامي هو الأداة الأكثر فاعلية لإحداث الفرق في تعويض شقاق الحروب ونزاعاتها.

إن التأمل في عنوان أسبوع "الإعلام ودوره في التقارب والوئام الإنساني" يدرك أهمية الدور الذي يلعبه الإعلام في ترجمة أهداف الإنسانية ودعوتها للسلام والتقارب ونبذ الصراعات عموماً، ويقف على الصورة التي يجب أن يكون عليها من خلال وضع الأسس والآليات التي تكفل تقديم صورة راقية للخطاب الإعلامي تأخذ المجتمعات للسلم لا للحرب وللوئام لا للتفرقة والنزاعات لا سيما في ظل وجود وسائل الإعلام الجديد التي كسرت الجمود وساهمت في تعزيز التقارب والتواصل وقربت الكثير من المسافات لتوجد بيئة جديدة ومباشرة في الحوار نستطيع من خلالها الوصول بالمجتمعات إلى الوحدة والوئام والقضاء على ما تعيشه البشرية اليوم صراعات، كما أنّ لغة الخطاب الإعلامي تشكل محور القضية كونها الأكثر قدرة على إحداث الفرق في البشرية؛ مما يجعل مسؤولية توجيه هذا الأمر جسيمة على القائمين على شأن الإعلام؛ لاستثمارها بالطريقة الصحيحة؛ وإيجاد أجيال قادرة على توظيف لغة الحوار واستخدامها في التقريب بين الشعوب مهما كانت المسافات الزمنية والاختلافات الفكرية بينهم.

ويمكننا القول هنا: إنّ ما وصلت إليه السلطنة اليوم من اعتلاءٍ ورفعةٍ في حكمة وقيادة السياسية الخارجية، ودورها الكبير في الحفاظ على تحقيق التوازن في الحوار والوئام الإنساني يحتاج من أبنائها التعامل الجاد للحفاظ على هذا النهج والسير عليه من خلال إيجاد منصات إعلامية إيجابية للحوار البناء الذي يجمع ولا يُفرق، ويكون مساحة للحديث الراقي الذي يُمكن أن تبنى به الأمم وترقى في خطابها وبنائها؛ لتبقى عمان مظلة للسلام وموطناً للتقارب والوئام.

باحث إعلامي أول- مجلس الشورى العماني

Amal.shura@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك