حفظكم الله يا مولاي في حلكم وترحالكم

 سارة بنت علي البريكية

كان الوقت عصرًا .. وعقارب الساعة تشير إلى اقتراب الخامسة من مساء يوم السبت الثالث عشر من فبراير الجاري، فإذا ببيان صادر عن ديوان البلاط السُّلطاني يقرأه مذيع نشرة الأخبار بالتلفزيون، ناقلاً للشعب العُماني بأنّه مرة أخرى سيُحلِّق الطائر الميمون وعليه شخصية لن يجود الزمان بمثلها مطلقاً، مُيمماً صوب وسط أوروبا، وأنه أي الطائر الذي اعتاد على أن يتشرَّف بحمل روح عُمان كلها، سيعود مرة أخرى في الغد (أمس الأول) إلى "بلدة جارمش - بارتنكيرشن الألمانية" وعليه رجل حمل على عاتقه الذود عن حياض هذا الوطن ومقدساته، وبنائه على نحو أصبحنا اليوم فيه -ولله الحمد - نُفاخر به وبسائر المنجزات التي تحققت في عهده الميمون، وفي اليوم التالي من صبيحة يوم الأحد أمس الأول، تحين الساعة ويغادر عمان وأهلها في الصباح وبعد شروق الشمس بسويعة، رجل المحبة والخير والسلام، مولانا جلالة السلطان قابوس- يحفظه الله ويرعاه - متوجهاً إلى ألمانيا لإجراء فحوصات طبية ولمدة محدودة، كما جاء في البيان..

لم استطع إخفاء مشاعري عند سماع الخبر وهي تشيع حزناً على أن جلالته - يحفظه الله- سيُغادر إلى ألمانيا.. لقد كنّا منذ عودة جلالته في مارس من العام المنصرم من رحلة العلاج الأولى والتي غاب فيها ما يُقارب ثمانية أشهر، نعيش أفراح تواجد جلالته بيننا أدام الله عليه الصحة والعافية، وها نحن مرة أخرى نُكابد أشواق الفراق مرة أخرى لسلطان أحببناه .. سلطان أحبَّ شعبه وأخلص العمل لنا ومن أجلنا، فارتقى بنا وبوطننا، فجعل منه واحة أمن وأمان، وقبلة للسلام ووجهة للخير والوئام.

كان يوم أمس الأول الأحد -يا مولاي المُعظم- ثقيلاً للغاية، وكان بتفاصيله وجزيئاته كئيباً، فاليوم الذي ودعناك وغادرتنا فيه، بكينا حتى احمرّت مآقينا، ولفنا الحزن حتى تيبست فينا الحياة، وتوقف بنا الحلم والطموح والعزم حتى كاد أن يتهاوى كل شيء، وبسفرك عنّا يا مولاي نشعر باليُتم ونفتقدك كثيرًا .. فما أكبر الشوق والحب لك وأنت قريب وبعيد عنّا.

في عُمان لم نعتد منك يا مولاي الغياب، ولم تعتد منّا أن نسمح للظروف بأن تغيبك عنّا، في عُمان مولاي المعظم أنت أملنا ومستقبلنا وحاضرنا وماضينا، في عمان أنت الأشياء كلها وكل الحالات بجلها، في عُمان نعيش بقابوس، في عمان فعلنا وقولنا قابوس، وكل صغير وكبير يتحدّث عن قابوس، ونرى قابوس في كل تفاصيل المنجزات، فأنت من ازحت ظلام الجهل عنّا بنور العلم، فكيف لا نحزن لسفرك، وكيف تستقيم الحياة وأنت بعيد عنّا؟.

لستُ أعلم يا مولاي كيف هي جارمش الألمانية التي تشرفت بقدومك، ولكن ما أعرفه أنها تعلم أنّ سماءها تتغطى بحب أهل عمان لك، وأن كل ذرة ونسمة هواء تحمل إليك يا مولاي دعاء شعبك الوفي بأن يحفظك المولى عزّ وجلّ، وأن يُعيدك إلينا سالمًا غانمًا.

Sara_albreiki@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك