غاب الشر عن دمشق

علي بن مسعود المعشني

عودتنا المعارضات السورية عند كل محطة جنيف على السعي الحثيث لتعطيل أيّ حل سياسي للأزمة في بلادها، كون تلك المعارضات -عدا من رحم ربي - هي مجرد واجهات صورية لقوى خارجية تُنفذ المؤامرة على سوريا العروبة لتحطيم آخر قلاع الصمود والتصدي العربي في وجه المخطط الصهيو -أمريكي لتمرير مشروع الشرق الأوسط الجديد وبأيّ ثمن وأيّ مسمى.

وفي المقابل عودنا الجيش العربي السوري الباسل قبل كل محطة من محطات جنيف على إحراز انتصارات نوعية تسقط المزيد من أوراق الضغط السياسي التي يُعول عليها الآخر في مساومة النظام السوري وتحقيقه بالسياسة ما لم ينجح في تحقيقه على أرض المعركة بقوة السلاح.

"جنيف 3" لم تكن خروجًا على القاعدة المعروفة والمحفوظة عن المتآمرين على سوريا ومحور المقاومة، والذين يحلمون بتدمير سوريا ككيان ونظام والعبث بكل مقدراتها ومقوماتها ومكوناتها خدمة للكيان الصهيوني وأمنه الإستراتيجي.

ولكنهم في هذه المرة بدأووا يحصدون المُر والعلقم بعد التدخل الروسي وعملياته الأنيقة والتي تزامنت مع تراجع المكاسب السياسية للطرف الآخر وتآكل نصيبه من غنائم دمشق المرجوة حتى اعترفت المعارضات السورية بأن ملف الأزمة السورية انتقل إلى موسكو بكامله ولم تعد واشنطن سوى ضيفة شرف فيه.

المضحك المبكي في جديد الأزمة السورية هو انسحاب المعارضات من مفاوضات جنيف بُعيد إعلان الجيش العربي السوري عن إسقاط عدد من القرى الهامة في ريف حلب وفك الحصار عن مدينتي نبل والزهراء والذي دام ثلاثة أعوام ومقتل زهران علوش قائد ما يُسمى بجيش أحرار الشام. وإعلان كل من تركيا والسعودية عن استعدادهما للتدخل العسكري البري في سوريا بزعم محاربة داعش مع استنكارهما للتدخل الروسي لمحاربة داعش!. والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما الذي سيُقدمه التدخل العسكري البري التركي السعودي لتيار التطبيع طالما بقي لخمسة أعوام عاجزًا عن تحقيق تقدم يُذكر سوى المزيد من الخراب والدمار والنزف المالي والدموي لجميع الأطراف!؟ .

دمشق بلا شك عبرت جميع المراحل الحرجة للمؤامرة، وهي اليوم في وضع أكثر من مريح بعد التدخل العسكري الروسي المباشر بطلب من الشرعية الحاكمة وبقرار أممي، بينما الطرف المقابل يفقد كل يوم ورقة توت جديدة كان يستر بها عورته كي لا ينغمس في سقوط أخلاقي كبير، حيث تجلى للعالم اليوم من هم الدواعش ومن هم صانعوهم وداعموهم منذ لحظة التدخل الروسي ثم مقتل الإرهابي علوش.

انقلب السحر على الساحر تدريجيًا وفقدت سياسات شيطنة النظام السوري بريقها وأثرها وفاعليتها، وأصبحت قنواتهم وأضاليلهم أضحوكة للعالم، وفقدت أدواتهم على الأرض أية فاعلية أو مُبادرة بعد سلسلة الهزائم النكراء المتتالية، لهذا قرر الداعمون القيام بدور داعش والنُصرة وأحرار الشام دون غطاء أو تورية.

الغرب بطبيعته لا يواجه الفيضانات والأعاصير، والأزمة السورية في مرحلة الهياج الأقصى لها ميدانيًا وسياسيًا، لهذا يضع الغرب الصغار وإغرار السياسة في فوهة المدفع ليجني من مغامراتهم خراجه الممكن، واليوم دمشق تعبر إلى شط الأمان وتغادر مربع الشر لتتركه لخصومها الطامحين للصعود إلى الهاوية بوعي أو بلاوعي وبأيّ ثمن أو مسمى.

قبل اللقاء: علينا أن نتساءل دائمًا وأبدًا: ماذا قدمت ديمقراطية بوش المزعومة للعراق الجريح؟ وماذا قدّمت ثورة الناتو لليبيا الممزقة؟ وماذا قدمت اتفاقيات كامب ديفيد ووادي عربة لمصر والأردن من رخاء وتنمية واستقرار!؟ فالإجابات تحمل لنا جواباً عن من نحن؟ وماذا يُريد بنا ومنّا الغرب؟.

وبالشكر تدوم النعم

Ali95312606@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك