دوري أم مقصلة للمدربين؟!!

أحمد السلماني

لأول مرة وفي تاريخ دوري المحترفين وبمختلف مسمياته وطوال 4 عقود ونصف من عمره تقريبا؛ نشهد هكذا إقالات وإعفاءات واستقالات لمدربي كرة القدم في الفرق الأولى بالأندية؛ حتى صارت ظاهرة غير مسبوقة بالمرة، فقد تم حتى الجولة الـ 18 من عمر دوري عمانتل للمحترفين إقالة 19 مدربا ومن ضمنها انتقال مدرب من ناد إلى آخر في ظرف أقل من 24 ساعة.

وبالأرقام فإنّه ومن أصل 14 ناديًا بالدوري فقد تمّ تغيير الأجهزة الفنية لـ 12 ناديًا، ولم يصمد أمام هذا المد الهائل سوى الوطني المتألق مصبح السعدي بنادي المصنعة وجاره السويق الذي يقود إدارته الفنية المغربي الرائع عبدالرزاق خيري؛ فالمدربان مع فريقيهما منذ موسمين، وبالتالي هما في وضعية مريحة بالدوري، ويقدمان موسمًا رائعا إلى حد ما؛ خاصة السويق الذي يتواجد حاليًا في المركز الثالث بجدول ترتيب فرق الدوري بعد 18 جولة وبـ 31 نقطة، ومتواجد حاليا ضمن الثمانية الكبار بالكأس الغالية في حين يحتفظ المصنعة بـ 25 نقطة في الترتيب السابع أو المنطقة الدافئة.

إنّ ما يحدث لأنديتنا ولهؤلاء المدربين والتغييرات العديدة بالأجهزة الفنية حتى وصل بأندية أن ترتبط بـ 3 عقود لـ 3 مدربين في 18 جولة من عمر الدوري بواقع مدرب لكل 6 مباريات وبعضهم لم يقُد سوى 3 مباريات و تمت إقالته أو طالب بإعفائه لدواع عائلية أو صحية وصدر قرار بذلك صباحًا لنشاهده مساء في ناد آخر بدورينا بعقد جديد وسط ذهول جماهير وإدارة فريقه السابق في تصرف غير مسؤول سواء كان ذلك من المدرب أو النادي الذي استقطبه إليه.

كل ما حدث في قالب المدربين هذا إنّما هو نتاج طبيعي لحالة التوهان وغياب الاستراتيجيّات والخطط طويلة المدى أو حتى القصيرة منها بالأندية وتبدأ القصة من إداراتها التي طالبت اتحاد الكرة بداية الموسم بتأجيل انطلاقته لدواعي عدم جاهزيتها سواء من حيث تجميع لاعبيها والتوقيع معهم حتى قبل أن تتعاقد مع المدرب أو قدومه؛ وبالتالي يأتي الأخير والجود بالموجود من اللاعبين ويريدونه أن يأتي لهم بلبن العصفور؛ وإن تعثر في 3 مباريات ولتخفيف الضغط الجماهيري فالأفضل التضحية به بغض النظر عن التكاليف التي ضخت من أجل التعاقد معه سواء مقدم العقد أو رواتبه أو الشرط الجزائي.

حقيقة إنّ ما حدث ويحدث إنّما هو هدر حقيقي للجهد والمال في مؤسسات في الأصل تعيش وضعا ماليا صعبا جدًا وبعضها يعيش في دوامة الديون منذ أمد بعيد؛ فأنى لمدرب أن يبني فريقا أو ينفذ خطة أو أسلوبا للعب ويغرسه في لاعبيه وهو لم يمض على توليه المسؤولية أكثر من أسبوعين أو شهر.

كما وأنّ طلب المدربين إعفاءهم بأعذار يتعاطف معها النادي وفجأة ينتقل لناد آخر تتطلب من الجمعيّة العمومية باتحاد الكرة ورابطة الدوري وقفة جادة حيث إنّ ذلك مرده وللأسف تفاهمات تتم من تحت الطاولة وتؤثر بشكل مباشر في تذبذب مستويات الفرق وهبوط في المستوى الفني للدوري؛ وهذا ما يعانيه دورينا اليوم الذي تراجع مستوى الفرق به حيث إن نتيجة التعادل السلبية وبهدف في المباريات هي الأكثر شيوعا، كما أنّ حالة الفوز لا تتجاوز فارق الهدف ولولا الحضور الجماهيري الجيد هذا الموسم لعشنا دوريًا عقيمًا فقيرا يضم زمرة الذين لا يعرفون ماذا يريدون.

كل ما هو مطلوب اليوم من الأندية أن تتبنى خططا لسنوات تشمل كل ما من شأنه أن يرتقي بمستواها لتحقق معه النتائج والتتويج بالألقاب.

تعليق عبر الفيس بوك