تصنيفات مشبوهة..!!

علي المطاعني

هناك بعض الأكاذيب التي تتخذ صبغة التقارير الدوليّة، في حين أنّها مجرد محاولات ملفقة لترويج الإساءة للوطن عبر وسائل التواصل الاجتماعي، انتشرت بشكل كبير في الفترة الماضية، مرة تتناول أوضاع التعليم لتذكر أنّ السلطنة أسوأ دولة عربية في التعليم، وأخرى تؤكد أنّها أكثرها فسادًا بين دول المنطقة، أو أنّها الأسوأ من حيث التنافسيّة الاقتصادية، وتقارير مشبوهة تؤكد أنّ قوة الريال العماني تضعف.. وهكذا دواليك.
هي محاولات تهدف إلى زعرعة الثقة في مؤسسات الدولة لدى أبنائها، وتشويه صورة التطوّر الذي تشهده البلاد، وتوصمها بالتخلف والرجعيّة، في حين أنّ هذه التقارير لا تعدو أن تكون أشبه بالحرب النفسية التي تشن على الدول لدواع عدة ولتحقيق أغراض كثيرة ومعروفة، إلا أن الأمر المؤسف هو تداول هذه التلفيقات على نطاق واسع والتعليق عليها بالإساءة للبرامج الوطنية والنيل من التقدم الذي تشهده السلطنة في العديد من الميادين التنموية والاقتصادية، وضرب وحدة الصف الوطني، وهي أمور لا يجب أن نصغي لها أو نتداولها، لما تحمله من تناقضات في المقام الأول، ولا توجد لها أي أرضيّة دقيقة ولا معلومات موثقة، ولا وجود لها في وسائل الإعلام التقليدية، ما يفضح مثل هذه التقارير ويؤكد أنّها ‏مدسوسة.
فبلا شك هناك من يبث بعض المعلومات الخاطئة وغير الدقيقة عن مجالات التطور التي تشهدها السلطنة بشكل مستمر، فلا يمر شهر إلا وتبث بيانات عن مجال من المجالات وفيها إساءة متعمدة ‏وإشارة إلى التراجع إلى آخر قائمة التصنيفات، ولا ندري من وراء هذه المعلومات وما القصد منها؟ وهل هي صادرة من منظمات رسمية ومعروفة أم أنّها تخدم الجهات غير المعروفة التي تهدف إلى ترويج مثل هذه الأكاذيب، التي تحتاج إلى دحضها من جانب الجهات المعنيّة، وعدم تركها تنخر في جدار الثقة بينها وبين الجماهير التي تتداولها، وهي تشعر بالإحباط وتتبادل التعليقات غير المناسبة التي ليس لها وجود على أرض الواقع، فضلا عن التسليم بها كبيانات تلصق بهذه المجالات رغم عدم صحتها.
على سبيل المثال فإنّ الأكاذيب المتداولة حاليًا حول مستوى التعليم في السلطنة والقول إنّ بلادنا تحتل مركزا متأخرًا في قائمة المستويات في الوطن العربي، تلقفها البعض وبدأ في ترويجها دون وعي لما ترمي إليه، ودون بحث عن مصدرها ومدى صدقها من عدمه..!!
إنّ العديد من التقارير الغريبة التي توزع المراكز والتصنيفات على الدول حسب المزاج والتوجهات لا تعتمد على أية بيانات، أو معلومات من مصادرها، وتكتفي بتقديرات نسبية، ومقارنات ليست واقعية، وهي تصنيفات لا يعتد بها، ولا يعتمد عليها ولا تتمتع بأية مصداقية.
إنّ الثقة بمؤسساتنا والتطوّر الذي نلمسه في العديد من المجالات التنموية والاقتصادية هو الرهان الذي يجب أن نعتمد عليه، ونعزز فيه الثقة، وهو المقياس الحقيقي الذي نقيس به إذا كان هناك تقدم أم لا، والجهات الحكوميّة والخاصة لا تسعى إلى إرضاء المؤسسات التي تصنّف نفسها بأنّها دولية أو تتسابق للحصول على تصنيفاتها المشبوهة والمدفوعة بعض المرات، والملفقة في الكثير من الأحيان، بل هي تحرص أولاً على إرضاء المواطن والمقيم الشاهد على ما يتحقق في هذا الوطن وما يشهده من ملاحم وطنية يجب الاعتزاز بها، وتثمينها وعدم النيل منها فهي الرصيد الحقيقي الذي تتسابق عليه الجهات الحكومية والخاصة، وليس لإرضاء هذه المنظمة أو تلك المؤسسة مكشوفة الأهداف.
إنّ المؤامرات التي تحاك ضد الأوطان كثيرة وليست بالضرورة أن تكون سياسية أو عسكرية وإنّما بعضها نفسي معروف الأهداف كزعزعة الثقة بمؤسسات الدولة والنيل منها، والإساءة لها من خلال نشر مثل هذه التقارير التي تجد للأسف من يصدّقها ويتعاطى معها ويتصور أنّها دقيقة وصادرة من جهات معروفة بحياديتها ودقتها ونزاهتها، ‏في حين أنّها غير ذلك، ويأتي نشرها في أوقات حساسة تنفيذًا لغايات معروفة، فلا يجب أن نسلم بها ونتداولها.
وبالطبع إنّ التقارير الدولية الصادرة من جهات محترمة ومعروفة تتعاطى معها الجهات الحكوميّة بواقعية ومهنية في تحسين مواقع السلطنة في العديد من المجالات، ولاريب أنّ هناك من التصنيفات ما هو دقيق إلى حد ما ويقيم العديد من التطورات، ويعطي مؤشرات لما نحن فيه وكيفية تطويره، وتحسين مستوياته، وهو ما تعمل عليه العديد من الجهات في الدولة، ويخضع في العديد من المرات لظروف أو متطلبات قد تكون غير متوفرة لدينا أو ناتجة عن تطبيق بعض الاستحقاقات الوطنية التي لها أولويات في البلاد، مثل مسار التعمين الذي تطبقه الحكومة، فلا يمكن الانصياع للتقارير الدولية التي تدعو السلطنة إلى عدم تفضيل العمانيين في الوظائف أو عدم استيعابهم في القطاع الحكومي، أو غير ذلك من الأمور، وبعض التقارير الدولية الصادرة عن البنك الدولي تطالب الحكومة برفع الدعم عن العديد من القطاعات وتحرير الأسعار للحصول على تصنيف متقدم اقتصاديا، وهكذا هي بعض التصنيفات تبنى على مسارات معينة قد تكون غير مواتية، ولا يجب الأخذ بها كمسلمات.
نأمل عدم الانسياق وراء هذه التصنيفات المشبوهة، والانجرار وراء ما تشير إليه من إساءات للتطور الذي نشهده، ونعزّز الثقة في ما ينجز بأنه هو التصنيف الذي يجب أن نعتمد عليه فوق كل شيء، فالثقة فيما تحقق هو الذي يبقى في الأرض، وأمّا الزبد فيذهب جفاء.

تعليق عبر الفيس بوك