صالح علماني.. كم وددت أن ألقاك!

ابتهاج المسكرية
حين قرأت نبأ قدومك في جدول مهرجان مسقط الثقافي لم أصدق أن هذا قد يحدث، وكنت أجزم بأن لمجيئك علاقة وطيدة بي على الصعيد الشخصي، رغم كل خطط واتصالات اللجنة المنظمة للمهرجان، كأنّ رغبتي الملحة في رؤيتك والحديث معك عبثت بالنظام الكوني وطريقة حركة مجرة التبانة فغيّرت مجرياته وخارطة طريقك وشكل جغرافيتك لتستجيب لما ينزح له قلبي.. وعلى سبيل الاستعداد هدمت بمعول السؤال- كيف أدهشك بالاستقبال- رأسي، كأنك قادم لي أنا شخصيا لنتحدث عن كل ما ترجمت وعن أقرب الأعمال إليك وعن تلك العبارات الإسبانيّة التي لم تجد لها مقاس حذاء في العربية لترتديه وتسير به على الرواية بخفة، أريد استقبالا يليق ويشبه زهوي بك.. هل أكسر الأطباق والمطبخ برمته على الطريقة اليونانية أو أضيء لك الشوارع أنت الذي لا يشبهك الصخب وتؤذيك الأضواء رغم كل "البرق الذي يلمع في اسمك".. أعرف ذلك جيدا أيّها الكولونيل الذي يبقي بزة حياته محكمة "التزرير"، فلا ينكشف لنا سوى على مضض !
بالنسبة لي يكفي أن يكون اسمك مشرقا في دفة كتاب حتى اقتنيه بلا تردد أو وجل فور ما أرمقه واقفًا منتصبًا تحت أسماء كبيرة جدًا؛ ليس لأنّك أقل شأنًا ولكن لأنّك تخفض لهم جناحيك ليصعدوا عليها؛ لنتمكن نحن الذين نعاني قصر النظر من رؤيتهم والقراءة لهم وهم يحلقون عبرك.. وصدقني أنه قد يحدث أن نقع في حب رسول الكلمة الذي نقلها بحذر وحماها حتى من نفسه قبل أن نغرم بخالقها !!
ماركيز وإيزبيل الليندي وسرماغو لطالما شعرت بأنّ لهؤلاء الثلاثة -ليس للحصر ولكن من قرأت لهم - عاملا مشتركا.. ليست وحدها البقعة المكانيّة ومجريات الأحداث الكبيرة التي تخلق بشرًا متشابهين ولكنك أنت القاسم المشترك الأشد فتنة وروحك التي تصدقت بشيء منها على كل عمل تترجمه. لو سنحت لي الفرصة أن أطلب منك أمنية واحدة لطلبت بلا تردد أن تقدم نصيحة لكتّاب وطني، لأن جملتك المنقولة على لسانك في إحدى المواقع الإلكترونية تطن في أذني "أن أكون مترجما جيدًا خيرًا من أن أكون روائيًا سيئا". فكتّاب بلدي سكاكين سويسرية متعددة الوظائف هم كتّاب ومذيعون ومحللون اقتصاديون ومسؤولو علاقات عامة وكأنّ عبء أن يكون الواحد منهم كاتبا لا يكفي، كثيرًا ما ينسون أنّ السكاكين السويسرية لا تقطع جيدًا ..
أخيرًا..
لطالما كنت مؤمنة بأنني سيدة قدري وبأنني يكفي أن أرغب بالأمر حتى يحدث سريعًا.. إلا أنّ هذا لم يحدث ولم تشأ الأقدار أن أكون ضمن الجلسة النقاشية معك بعد أن خططت لكل ما سأقول وأسأل بعد أن فكرت باصطحاب كل الروايات التي ترجمت واطلب منك الإمضاء عليها أسوة بكتابها.. انتظرت طويلا وأنا أراكم أوراق الرزنامة يومًا بعد يوم من أجل الحدث الأعظم.. لكن هذا لم يحدث كأنّ ضجيج قلبي جعل كل شيء يتآمر عليه.. قل لي بأننا سنلتقي يومًا.



تعليق عبر الفيس بوك