عذرا يا حبيبي يا رسول الله..

زينب بنت محمد الغريبية

ماذا حلّ بك يا ديار الإسلام؟ ماذا حل بك يا ديار أمة محمد؟ هل كفيتم عدوكم تدمير أنفسكم؟ مالي أرى المسلمين يقتتلون، ويسمحون للإرهاب بالدخول بينهم وتفكيكهم، أيّ فكر يحملهم ويوجههم؟ يفجرون أنفسهم بأنفسهم، لم يبق لدينا قضية نهتم بها في هذا الوقت سوى أن نقتل هذا لأنّه مسلم ولكنه على مذهب غير مذهبنا، وفي المقابل نقود ائتلافًا ضد الإرهاب، ونحن من نروج له بشكل آخر من خلال المنابر، ودعم مثل هذه الأفكار والترويج لها.

غيرنا يُدبر لنا السقوط الاقتصادي الذي سيُهدد كل خطط التنمية البشرية والمادية في مجتمعاتنا، ويُعيق تقدمنا كدول فيها مواطنون سيتضررون في زمن يتسارع فيه التقدم في المشاريع التنموية القائمة على زيادة الدخل القومي الناتج من تنوع مصاردها حسب إمكاناتها الطبيعية والبشرية والعمل على تطويرها، ونحن نقف في مأزق كبير كالطفل الذي لا يُمكن أن يعيش دون رعاية أمه وأبيه، ولن يستطيع تدبر حياته والوقوف على رجليه دون مساعدتهما، وينهمك الأطفال الإخوة في عراك بعضهم لجهلهم كأطفال، ولكنهم حين يكبرون يعون أنّهم إخوة وأن ذلك كان عمل أطفال غير مدركين، ولكن الألم حين تستمر هذه الطفولة ولا يتمكن الأطفال من أن يكبروا ليعوا أنّهم كبروا وأن عليهم عدم العراك.

فنحن بهذا الشكل نعمل على هدم كياننا العربي المسلم بأنفسنا، نحن نهتم بجانب والآخر يهتم بجانب آخر، لنكمل بذلك الهدم من جميع الجوانب، وإلا ماذا يعني أن ندخل على مسلمين يُقيمون صلاة الجمعة متجهين إلى ربهم يتعبدون، وبدلاً من أن نذهب للمسجد لأداء فريضة الجمعة وهي الأولى نذهب إليه لقتل من يصلون!! أهذا هو البناء؟ أهذه هي القضايا التي من المفترض أن نشغل أنفسنا بها في هذه الفترة الاقتصادية العصيبة؟ مالنا أصبحنا نفكر بطريقة أننا لا نفكر، أناشدكم بالله أن تعودوا إلى الصواب، وأن تنظروا للأمور كما ينبغي النظر إليها، وإن كان بينك وبين اليهودي عهد فاحترمه ولا تقتله، فكيف إن كان مسلماً يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدًا ورسول الله، واختلف معك في شيء من التفاصيل، كلٌّ يتحمل ما يتبعه ويؤمن به من تفاصيل، فهناك رب وضع الحساب والعقاب، هو سيحاسبنا ولم يترك الحساب لنا نحن.

أما أمور العقاب والقصاص الدنيوية والتي يُقضى بها في المحاكم الدنيوية فقد حددها القرآن والسنة، وليحتكم بها كل حسب مذهبه إن حدث اختلاف في بعض تفاصيلها، أما الاعتقاد وتنفيذ العبادات والخطأ والصواب فيها فهي تترك لرب العباد يحاسب عليها، ليس من شأننا التدخل بها، والأولى أن نُدير أمور الحياة التي سنحاسب عليها من ضياع حق العباد في أزمات اقتصادية، وهدر دمائهم وهم في بيوته الطاهرة.

ماذا لو وجهنا كل هذه الطاقات الفكرية والاقتصادية المبذولة لتنمية البلاد، وقيادة الشعب نحو النجاة الحقيقية فيها، أو النهوض بالخدمات الضرورية لهؤلاء البشر من تعليم صحة وغيرها من الخدمات، فلو استثمرت هذه الأموال والجهود في النهوض بالأمم بدلاً من الحروب، وتمكنا من تعليم هؤلاء البشر وتوجيه طاقاتهم إيجابياً لبناء الأمة لكان هو عين الصواب، بدلاً من صرف تلك الأموال على قتلهم وتدمير البلاد ونشر الذعر بين العباد والسعي في هلاكهم.

إلى متى سيظل مسلسل الرعب هذا مستمراً؟ إلى متى سيظل دم المسلم مستباحاً من قبل دعاة يدّعون أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر؟ إلى متى سنظل نعد المسلمين بالأرقام في عدد الموتى؟ وكأنه أصبح أمراً عاديًا اعتدنا على سماعه، نكتفي بعبارات الشجب والرفض، وهاشتاجات على التويتر، وبعدها تعود المياه إلى مجاريها وكأن شيئًا لم يكن، ليعود المسلسل في الحلقة القادمة بفاجعة أسوأ وأعداد أخرى من الضحايا الذين لا ذنب لهم، سوى أنهم أصبحوا هدفا من أجل تنفيس معتقدات واهية تسبح في فلك الجهل والأحقاد والدمار.

لو فكرنا بأن يعود الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم- فما عساه يقول لنا، كيف سينظر إلى أمة الإسلام التي وضع أسسها على المحبة والتسامح وأن يكون المجتمع المسلم كالجسد الواحد، والذي علمنا بأن نكون في المقدمة بقوة ما نملك من شريعة حياة تنبض بالوحدة والحياة المليئة بالعمل من أجل الخير والجهاد، ومن أجل أن نرفع راية الإسلام على أن نجعلها ضعيفة تتكالب عليها الأمم كما هي حالها اليوم.

عذرًا حبيبي يا رسول الله، عذرًا إننا قد أصبحنا في هذا الذل والهوان، بما صنعت أيدينا وأيدي من قادوا الدعوة والحياة للمسلمين، عذرًا لأننا لم نحافظ على ما صنعته لنا من وحدة وقوة، عذراً لأننا ضيعنا الإسلام ونتمسك بسفاسف الأمور، عذرا يا حبيبي يا سول الله.

Zainab_algharibi@yahoo.com

تعليق عبر الفيس بوك