دراسة: الإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية يدفع الطفل للعزلة وفقدان المهارات المعرفيّة والوجدانيّة

أجرتها الشبكة العمانية للمتطوعين

77% من الأطفال مدمنون على الأجهزة.. و62% ينشغلون عن أداء الفرائض

مسقط - الرؤية

كشفت دراسة محليّة قامت بها الشبكة العمانية للمتطوعين على عدد من الأسر بالسلطنة حول موضوع آثار استخدام التكنولوجيا على الأطفال والبدائل عنها وجود عدد من النتائج المهمة على الأطفال الذين يستخدمون مختلف الأجهزة الإلكترونية (الهاتف النقال، الحاسب الآلي، الأجهزة اللوحية، ألعاب الفيديو، الألعاب الإلكترونية الأخرى) والذين تتراوح أعمارهم ما بين سن الثانية إلى الثانية عشرة، حيث أظهرت الدراسة وجود تأثيرات سلبية صحيّة واجتماعيّة وتعليميّة ودينية على الأطفال الذين يدمنون استخدام الأجهزة الإلكترونية.

وانقسمت هذه الدراسة إلى ثلاث مراحل علمية، شملت المرحلة الأولى توزيع استبانة مسبقة على الأسر لمعرفة عدد ساعات استخدام الأطفال للأجهزة الإلكترونية ونوعيتها وأهم ما يلاحظه أولياء الأمور على أطفالهم بسبب استخدامهم لهذه الأجهزة من الناحية الاجتماعية والصحيّة والدينية. أمّا المرحلة الثانية فشملت فترة تطبيق الدراسة وهو جدول متابعة يوميّة لأولياء الأمور لأطفالهم في استخدامهم لهذه الأجهزة ومحاولة تقليل ساعات استخدامهم لها وفق وجود بدائل متاحة أوصى بها فريق الدراسة أولياء الأمور لتطبيقها أثناء الدراسة وهي الجلوس مع الأبناء في فترة انشغالهم بهذه الأجهزة وتعويض هذه الساعات بعدة أشياء منها تحديد ميول الطفل مثل الرسم أو الألعاب الذهنيّة أو الألعاب البدنيّة والعمل على تنميتها، بجانب شراء مجموعة من القصص التعليمية أو الترفيهية المناسبة مع مرحلتهم العمريّة، ومساعدتهم في قراءتها، وتوفير ألعاب يدوية تساهم في التفكير الابداعي، وتخصيص وقت أطول للجلوس معهم أكثر من السابق للحديث معهم ومشاركتهم في ألعابهم ومواهبهم، وتخصيص وقت للخروج معهم للحدائق والمنتزهات أو متاحف تعرفهم بالجانب التاريخي والتراثي أو زيارة الأقرباء، وتخصيص وقت لممارسة الرياضة سواء كان داخل المنزل أو خارجه.

أمّا المرحلة الثالثة والأخيرة من هذه الدراسة فهي تعبئة أولياء الأمور لاستبانة علمية بعد فترة انقضاء الدراسة وتطبيقهم للبدائل المتاحة على الأطفال وذلك لمعرفة التغيرات والتأثيرات التي نتجت لدى أطفالهم بتقليلهم لاستخدامهم لمختلف الأجهزة الإلكترونية.

انعزال اجتماعي

وأوضحت نتائج الدراسة أن أغلب الأطفال يستخدمون بكثرة الأجهزة اللوحية (الآيباد)، يليه التلفاز، الهاتف النقال، الحاسوب، أجهزة الكترونية، وألعاب الفيديو. كما أنّ أغلب الأطفال يستخدمون الأجهزة الإلكترونية بمعدل من 3 إلى 5 ساعات في اليوم، وبعضهم لأكثر من 5 ساعات في اليوم. وأشارت الدراسة إلى أنّ بعض أولياء الأمور يرون وجود انعزال اجتماعي لدى أطفالهم نتيجة إدمانهم لهذه الأجهزة، وبعضهم يرون انفتاحًا زائدًا عن المألوف لدى أطفالهم، كما أن العناد يحتل المرتبة الأولى لدى الأطفال من ناحية السلوكيات اليومية، يليها الخجل، ثم العنف، ثم قليلي الحركة.

وأشارت الدراسة أيضًا أنّ نسبة 62% من الأطفال يبتعدون أو يتأخرون عن تناول وجباتهم الغذائية بسبب استخدامهم للأجهزة الإلكترونية، بينما ما نسبته 38% يرون أن الأمر طبيعي، كما أنّ هناك تأثيرا مباشرا لاستخدام الأطفال للأجهزة على تحصيلهم العلمي من ناحية التركيز على الدراسة وحل لواجباتهم المنزلية والانتظام على المذاكرة.

وأشارت النتائج أيضا إلى أن ما نسبته 77% من الأطفال مدمنين على استخدام الأجهزة الإلكترونية، وهي نسبة خطيرة جدًا، بينما ما نسبته 23% من الأطفال غير مدمنين على استخدام الأجهزة. كما أنّ استخدام الأطفال لوسائل التكنولوجيا يؤخرهم عن أداء فرائضهم الدينية بنسبة 62%، وهو مؤشر خطير جدا، أما ما نسبته 38% يرون أنّها لا تؤثر على أداء فرائضهم الدينية.

التنمية المعرفية والبدائل

وأوضحت نتائج الدراسة أنّ أولياء الأمور استطاعوا بعد تطبيق البدائل المتاحة التي أوصى بها فريق الدراسة تقليل ساعات استخدام الأطفال لمختلف الأجهزة الإلكترونيّة بنسبة 83%، وهو مؤشر جيّد جدًا ويأتي ضمن أهداف الدراسة. كما أنّ هناك تجاوبًا كبيرًا من قبل الأطفال في تنفيذ هذا البرنامج واستخدام البدائل المتاحة وهو مؤشر قياسي لسهولة استخدام هذا البرنامج بشكل يومي وتطبيقه على الأطفال. كما أوضحت نتائج عينة الدراسة أنّ ما نسبته 50% من العوائل استطاعت زيادة التنمية المعرفيّة لدى أطفالهم من خلال استخدامهم للبدائل المتاحة في البرنامج، وأيضًا بنفس النسبة جاءت بعض العوائل محايدة في الموضوع، بينما لا توجد عائلة لم تتمكن من زيادة التنمية المعرفية من خلال استخدام البدائل، وهذا يؤكد أن البدائل ساهمت بشكل كبير في زيادة التنمية المعرفية لدى الأطفال.

وأوضحت النتائج أيضا أنّ هناك تغييرا إيجابيا كبيرًا جدًا في سلوك الأطفال من خلال ابتعادهم عن استخدام مختلف الأجهزة الإلكترونية وتطبيقهم للبدائل المتاحة المقترحة، وأنّ هناك تغييرات كبيرة جدًا في بعض العادات غير المرغوب بها لدى الأطفال نتيجة ابتعادهم عن استخدام الأجهزة الإلكترونية واستخدامهم للبدائل المتاحة، ووجود أيضا تغيير إيجابي في نشاط الطفل البدني، وأنّ هذا البرنامج التطبيقي استطاع بنسبة 92% التأثير إيجابيًا على الأطفال بشكل عام، وأنّ ما نسبته 62% من أفراد العينة أكّدوا بأنّهم سيستمرون في تطبيق هذا البرنامج على أطفالهم خلال الفترات القادمة نتيجة التأثيرات الإيجابيّة التي لاحظوها على أطفالهم نتيجة تقليلهم لاستخدام أطفالهم لمختلف الأجهزة الإلكترونية.

وأوصت الدراسة بأهميّة قيام الأسر العمانيّة بتقليل ساعات استخدام أطفالهم لمختلف الأجهزة الإلكترونية لما لها من تأثيرات سلبية عليهم، وأهميّة مراقبة أولياء الأمور لسلوكيّات أبنائهم من الناحية الاجتماعية، ومراقبة التغيرات الفسيولوجية والصحية للأطفال، والاهتمام بالتحصيل العلمي للأطفال، وأن يتم وضع برامج وبدائل متاحة تجعل الطفل يقلل من إدمانه على وسائل التكنولوجيا، وأن يهتم أولياء الأمور بأطفالهم أكثر من خلال الجلوس معهم والعمل على تنمية مهاراتهم التفكيرية والإبداعيّة والعلمية.

حملات توعوية

وشملت هذه الدراسة أيضًا قيام الشبكة العمانية للمتطوعين بحملة توعويّة في مهرجان مسقط، تمّ خلالها توعية الأسر بهذه الدراسة وأهميتها وأهدافها، وإيضاح لهم نتائج الدراسة وتوصياتها.

الجدير بالذكر أنّ الكثير من الدراسات العالمية أثبتت أن أطفالنا يعيشون جهلاً اجتماعياً نتيجة العزلة التي نتجت عن إدمانهم على استخدام أحدث التكنولوجيا؛ كالجوالات، والأيبادات، والألعاب الإلكترونية.. إلخ، ومع الأسف معظم الأسر يشجعون أبناءهم ويسهمون في زيادة العزلة الاجتماعية، من خلال إهدائهم هذه الألعاب والحواسيب المتطورة التي لا تتناسب مع المراحل العمرية، ودون إدراك مدى تأثير الساعات الطويلة التي يقضيها الأطفال مع هذه الأجهزة، كلما تقدموا في العمر؛ خاصة من الناحية الصحية؛ فهي تؤثر في نموهم الطبيعي.

وتؤثر الأجهزة الإلكترونية سلباً على صحة الطفل؛ فتضعف من بصره بشكل كبير؛ نتيجة لتعرضه لمجالات الأشعة الكهرومغناطيسية قصيرة التردد المنبعثة من تلك الأجهزة أثناء اللعب، ويؤدي الجلوس أمام تلك الأجهزة إلى عزلة الطفل عن واقعه، وتساهم في الانطواء والعزلة الاجتماعية وقلة التواصل مع أفراد الأسرة، وبالتالي يؤدي إلی فقدان الكثير من المهارات الاجتماعية والمعرفية والوجدانية والتعليمية وتصنع طفلاً عنيفاً؛ فقد أثبتت بعض الدراسات وجود علاقة وثيقة بين أجهزة التكنلوجيا وبين السلوك العنيف للطفل، كما أنّها تسبب سوء التغذية بسبب عدم رغبته مشاركة أفراد الأسرة الوجبات الرئيسية.

تعليق عبر الفيس بوك