الأوصياء والترهّل الرياضي

أحمد السلماني

أجواء منعشة وجميلة تلك التي نعيشها هذه الأيام، الأمر الذي يستحق معه الخروج إلى الفلاة بصحبة إخوة لي صار عزيزًا عليّ أن أجد ولو سانحة عابرة للجلوس معهم لدواعي الاشتغال والارتباطات، ولكن مع إصرارهم العجيب وجدت من الضروري استقطاع ولو النزر اليسير من يوم الإجازة، وكانت بالفعل واحدة من الرحلات الممتعة والثرية بعد أن تجاذبنا الحديث وتعاطينا من كل بستان زهرة، البداية كانت بالأوضاع الاجتماعيّة وقلة التواصل الحي بين الناس ومن ثمّ عن أوضاع المنطقة وما يحدث حولنا من غليان، والانفتاح الإيراني المنتظر والأوضاع الاقتصادية، وأثر تهاوي أسعار النفط وأثر ذلك على المناحي الاقتصادية والاجتماعية. وكان للرياضة حضور لا بأس به في النقاشات ودار في خلدي شخصيا سؤال في تلك اللحظة من حيث أثر الأزمة الاقتصادية التي نمرّ بها على قطاع الرياضة والرياضيين حيث من شأن مثل هذه الأزمات أن تكون ذات تأثير مباشر على كل القطاعات ومناحي الحياة؛ والرياضة العمانية ليست بمنأى من ذلك الأمر الذي يستدعي معه إعادة النظر وغربلة بل خلط كامل لأوراق منظومة الرياضة العمانية ومراجعتها.

ولن يتأتى كل ذلك إلا بإرادة جادة من قبل الصف الأول من المؤسسات الرياضية وأعني بها الوزارة واللجنة الأولمبية والاتحادات الرياضية، حيث إننا ومع بحبوحة النفط والبنود المالية الكبيرة التي ضخت في الرياضة العمانية بشتى لعباتها إلا أننا شهدنا وبكل صراحة تراجعًا مذهلا وغير مبرر لها مع التقلّص الواضح لقاعدة ممارسي اللعبات وهذه كنت وزملائي في الإعلام الرياضي قد تناولناها بإسهاب وتفصيل لكل رياضة على حدة، فالملاحظ وإذا ما استثنينا اللعبات الجماعية فإنّ عدد أعضاء مجالس اتحادات هذه اللعبات أكبر من لاعبي المنتخبات وهذه شخصيًا لم أجد لها تفسيرًا.

رياضة الهوكي ومن أصل 44 نادي فإنّ المشارك منها في المسابقات والبطولات التي ينظمها اتحاد اللعبة 8 فقط وهذه كانت في السابق منتشرة بشكل كبير وحتى لها دوري خاص بقوات السلطان المسلحة فأين ذهب كل ذلك، والسلة والقوى والتنس والسباحة حتى الرماية والتي كنا نتباهى بحضورها الكبير على المستوى العالمي صارت إنجازاتها من من ماضي الزمن الجميل، كل هذا حدث ونحن نعيش بحبوحة العيش فكيف بنا اليوم وكل مؤسسات الدولة مطالبة بشد الحزام وتقليص مصروفاتها والرياضة تعتمد على المال في تسيير دورة حياتها.

جهود كبيرة بذلتها وزارة الشؤون الرياضية في تطوير قطاع الرياضة ولم تدخر فكرة أو مقترح او دراسة إلا وأخذت بها وقد لامست ذلك بشكل شخصي في كل تواصل لي مع مسؤولي الوزارة ومنفتحون على ذلك؛ بل واتجهت الوزارة إلى الاهتمام بالفرق الأهلية لقاعدتها العريضة ولكن كل ذلك لم يشفع في حضور قوي للرياضة العمانية قاريا ودوليا.

إنّ الوضع الحالي يتطلب من القائمين على الرياضة العمانية أن يتحلوا بالإرادة الجادة نحو تقييم شامل وعميق، وإخضاع الوضع الحالي لدراسة عميقة ومستعجلة ومن ضمن القرارات الصعبة التي ينبغي على الوسط الرياضي أن يتخذها هو "رحيل الأوصياء والمتطفلين" على الرياضة العمانية وحضور دماء رياضية جديدة ومتفرغة تتبنى الابتكار والإبداع في تطوير القطاع وجلب رؤوس الأموال وخاصة في الجوانب التسويقية فالدولة ضخت الكثير من المال وذهب غالبيته هباء وهدرًا فقط لأنّ أحدهم فشل في اتحاد لعبة ما ليرحل إلى اتحاد آخر وهكذا حتى تعاطينا "الترهل الرياضي" حد الثمالة، فعلا نحن نحتاج إلى الإرادة وأملنا في وزارة الشؤون الرياضية كبير في أن تساهم في تنويع مصادر دخل للبلاد من خلال "صناعة الرياضة".

تعليق عبر الفيس بوك