أَحْسِن الولاية،، تكسب الإخلاص والعنايةَ !

أمل بنت طالب الجهورية

في خضمِ الحياةِ اليوميةِ وروتينهَا الجامد تسيرُ حياتنا بنظامٍ يفتقد للجوانب الاجتماعية والإنسانية التي نحتاجها بطبيعتنا البشرية؛ الأمرُ الذي يوجد نوعاً من الرتابة على تعاملاتنا، ويؤثر على علاقاتنا في الحياة عموماً، وفي بيئة العمل بشكل الخاص، بما يفرض علينا الرسمية، والتخاطب بلغة النظام والقانون متناسين أن هناكَ جوانب لو أُوجدت لكانت مؤسساتنا أكثر نجاحاً وموظفونا أكثر إخلاصاً.

نلاحظ أنّ بعض المؤسسات تغرس في نفوس موظفيها أنها مكان للحساب والعقاب، وأن نجاحها متوقف على مدى الدقة في التقيد بقوانينها وتنفيذها حرفياً مما يجعل العلاقة بين الموظف والمسؤول علاقة جامدة تشبه التعامل مع جهاز آلي توجه إليه الأمر فيسدي لك الخدمة، دون أن يكون بينكما أي رابطٍ أو مشاعر إنسانية، الأمر الذي يخلف آثاراً سلبية على المدى البعيد؛ فيفقد المؤسسة كثيراً من المكاسب المعنوية التي هي في الأساس سبيل إلى مكاسبها المادية وتحقيق أهدافها الأساسية.

يجب ألا يغيب عن المسؤول أنّ المؤسسة (مكانُ العملِ) أياً كان نوعها تمثل وطناً مصغرا، والمسؤول فيه يملك الولاية على مجموعة من البشر تتباين لديهم السمات والطباع؛ إلا أنّ الهدف الذي يجمعهم أنهم موظفون في تلك المؤسسة لهم حقوق وعليهم واجبات، قد تتباين لديهم المستويات والخبرات، وكذلك الدافعية للعطاء وهذا ما يحتاج لوقفة هامة توجه مسارهم من خلال حنكة وبراعة من قبل من بيده زمام الأمور حينما يُدرك أنّه قدوة لموظفيه أولاً، وأن لكل فعل ردة فعل، وأن العطاء بحاجة إلى ثناء، وأن الكلمة الطيبة هي مفتاح للقلوب ومن خلالها يستطيع أن يسير الأفكار ويترجمها إلى واقع بقناعةٍ وشراكةٍ فعلية.

ما أجملها من لحظات عندما يَستشعِرُ المَسْؤول أن الوضع في مؤسسته يحتاج إلى جلسة حوار مفتوح مع موظفيه يناقش معهم وضع المؤسسة، ويُقيم الأداء بعيداً عن الرسميات، ويبعث من خلال حواره معهم رسالة إنسانية جميلة "إنني بكم ومعكم أرتقي بالمؤسسة"،وأن كل موظف منكم مهما كان موقعه يمثل لبنة هامة تقوم عليها المؤسسة مستحضراً قول النبي صلى الله عليه وسلم :"كُلكُمْ رَاعٍ، وكلكم مَسْؤولٌ عنْ رَعِيتِه"، فيستمع إلى همومهم إن وجدت ليجعل منها جوانب تقييم هامة للأفضل، ويُنْصِتُ لمقترحاتهم مُدركاً أنّها سُلَم نجاحٍ جديد يمكن أن ترتقي من خلاله بيئة العمل بشراكة فعلية تلغي الحواجز، وتكسر الجمود، وتنشط معها العوامل الاجتماعية والإنسانية التي تفعل في الموظف فعل السحر الذي عجزت عن فعله الأنظمة والقوانين، فتكون محفزاً للعطاء والعمل، ودافعاً للالتزام والتقيد بأنظمة المؤسسة طوعاً ورضاً وتقديراً لذلك المسؤول الذي أحسن الولاية فكانت ثمارها العناية والإخلاص في العمل.

لندرك جميعاً أنّه مهما عظمت مسؤولياتنا ومواقعنا الوظيفية؛ فإننا بحاجة إلى إيجاد توازن بين القانون والإنسانية فكلاهما لا ينفصلان عن بعض في الهدف والتوجه؛ فتغليب أحدهما على الآخر أو فقدانه سبيل للإخفاق الذي تظهر آثاره على المدى البعيد فنكون معها فقدنا المكان والإنسانية.

باحث إعلامي أول-مجلس الشورى العماني

Amal.shura@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك