وماذا بعد...!

 

حقيبة ورق

 

 

 

حمود الطوقي

 

 

 

منذ أن بدأت أسعار النفط تتهاوى، وإعلان مجلس الوزراء إجراءات ترشيد الإنفاق من أجل تحقيق وفورات مالية تُسهم في تقليل العجز، ورفد مسارات التنمية وتحقيق متطلبات النمو، كنت دائما أتساءل: هل سنستطيع بالفعل تخطي الأزمة الراهنة من خلال قراءة تشخيصية عقلانية حقيقية لمتطلبات المرحلة الحالية والمقبلة؟

 

لكنني الآن أقول: آن الأوان أن نغيِّر بوصلة النقد والعتاب وجلد الذات لتحليلات عن واقعنا جراء الانخفاض المدوي لأسعار النفط -والتي من المتوقع وحسب قراءة المراقبين والمحللين أن تنزل إلى أقل مستوياتها خلال هذا العام- وأن ينصب التفكير بكامل طاقته في اتجاه إيجاد بدائل عاجلة ومستدامة للنفط؛ تدعم مسيرتنا وتنأى باقتصادنا عن الانزلاق في مستنقع الخطر، وليس الاكتفاء فقط بالمبادرات الشخصية أو المؤسسية، التي يُشكر أصحابها عليها، ولكنها ليست سوى مسكنات في واقع الأمر، ومجرد مساهمات بسيطة في توفير وفورات مالية نوعا ما تُسهم في رفد الاقتصاد على المدى القصير.

 

إنَّ الأسباب التي أدت للانهيار الحالي في أسعار النفط، عميقة وحادة ولا يمكن حلها بين يوم وليلة أو حتى في غضون أشهر؛ فالمنافسة الشرسة بين المنتجين للاستحواذ على أكبر حصة ممكنة من السوق تؤدي بهم إلى زيادة الإنتاج، وينتج عنه حتميًا تخمة المعروض التي تترنح تحت تأثيراتها السلبية أسواق النفط العالمية.

 

... إنَّ مرحلة جديدة آخذة في التشكُّل، تتطلب فكرًا ومفردات جديدة قادرة على تحقيق شعار "اقتصاد بلا نفط"، وأوَّل متطلباتها "التنويع"، الذي يعتبر أهم عناوين المرحلة الجديدة؛ عبر خلق بيئة مُحفزة للأعمال، بما يُسهم في جذب الاستثمار الأجنبي للبلاد، وهو أمر نحن في حاجة ماسة إليه خاصة في الوقت الراهن ومستقبلا لتعويض تراجع أسعار النفط، لكنه بالفعل يحتاج إلى الكثير من الجُهد المهني الذي يقوم على منهج واضح وهدف محدد يمكن قياسه.

 

ويبقى الأمل في غدٍ أفضل، معقوداً على تضافر الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمواطن الواعي بأهمية دوره في دولة المؤسسات والقانون، من منطلق أن التنمية مسؤوليتنا جميعًا كشركاء في هذا الوطن وليست مسؤولية الحكومة وحدها، وهو ما يتطلب بلا شك رفعا للوعي المجتمعي بضرورة تضافر الجهود فالجيل الحالي يحتاج فعلا إلى توجيه ودعم فني ومعنوي لكل مشروع جديد يُطرح على الساحة الاقتصادية المحلية.. فبناء الأوطان ياسادة يجب أن يكون في الأساس من خلال بناء الإنسان؛ باعتباره أهم العناصر الأساسية للتنمية.. ولله الفضل والمنة أننا نعيش في كنفٍ أمين، حيث يولي مولانا المعظم -حفظه الله- اهتماما بالغا ومنذ بداية عصر النهضة ببناء الإنسان، وجعل رقيه هدفا والنهوض به منهاجا، إلا أن مهمة حكومتنا الرشيدة الآن باتت تتطلب مسؤولية أكبر في ترجمة هذا النهج السامي بخطى متسارعة تضمن خروجا أمنا لنا من نفق الازمة.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك