باجامويو .. ومشاريع أخرى

حقيبة ورق

حمود بن علي الطوقي

تابعتُ عن قرب الخبر الذي نُشر في الصُحف التنزانية عن إلغاء اتفاقية الشراكة بين الحكومة التنزانية من جهة والسلطنة والصين من جهة أخرى، لتنفيذ مشروع ميناء باجامويو والمنطقة الاقتصادية الحرة بتنزانيا وكان لابد من تقصي الحقائق حول حقيقة الخبر الذي تمّ تداوله بشكل واسع في شبكات التواصل الاجتماعي ..

وقد تلقينا ردًا من مصادر رسمية أكدت خلاله أن حكومة تنزانيا الجديدة تثق وترحب بالاستثمارات العمانية في تنزانيا بل تعد السلطنة واحدة من أكثر الدول العربية تبادلاً في المجال التجاري بين البلدين الصديقين.

السلطنة عندما وقعت في أكتوبر 2015م من العام المنصرم على بنود اتفاقية مشروع ميناء باجامويو والمنطقة الاقتصادية مع تنزانيا كانت تضع في الاعتبار البحث عن استثمارات جادة وذات قيمة مضافة كون مشروع ميناء باجامويو يعد أحد أكبر المشاريع الإستراتيجية لصندوق الاحتياطي العام للدولة بشراكة مع حكومة جمهورية تنزانيا و جمهورية الصين الشعبية ممثلة بمجموعة تشاينا ميرشنت العالمية -المجموعة العالمية الرائدة في تطوير وتشغيل الموانئ والمناطق الحرة-.

والمتوقع أن يلعب المشروع دورًا مهمًا كمعبر تجاري إستراتيجي يخدم شرق إفريقيا بشكل عام ويربطها بآسيا عن طريق المحيط الهندي، ومتابعة هذا الأمر كان لابد من الاتصال بالمصادر العُمانية في الصندوق الاحتياطي العام لمعرفة حقيقة ما نشر من أخبار؛ إلا أن الرد جاء مؤكدًا على استمرارية السلطنة والمضي قدماً في تنفيذ المشروع والدخول في شراكة إستراتيجية مع الحكومة التنزانية.

وانطلاقاً من مبدأ الشفافية وحيث إنني متابع لاستثمارات الصندوق الاحتياطي العام للدولة أرى أن إدارة الصندوق انتهجت إستراتيجية تهدف إلى التنوع الاقتصادي المستدام، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتوطين الخبرات والمعارف في السلطنة. وذلك بالتركيز -عبر شبكة علاقاتها الدولية الواسعة- على قطاعات اقتصادية حيوية كالموانئ واللوجستيات، والصناعات، والخدمات، والغذاء، والتقنية، والصحة، والتعدين، والضيافة، والطاقة المتجددة والمتتبع لاستثمارات الصندوق يلاحظ الجدية في التنقيب والبحث عن مشاريع ذات عائد اقتصادي بعيدًا عن المخاطر، حيث برز الصندوق في الآونة الأخيرة عبر كثير من المنجزات التي من شأنها تحقيق إستراتيجية الصندوق؛ ومن بين تلك المنجزات التي تحققت على الصعيد الدولي التوقيع على اتفاقيات بين السلطنة وغيرها من دول العالم في عدد من المجالات مثل التوقيع على مذكرة تفاهم مع 21 دولة لإنشاء البنك الآسيوي الاستثماري للبنية التحتية(AIIB)، وهي من كبرى المبادرات التي أطلقتها الصين في سبيل تطوير البنى التحتية في هذه الدول، ولا ننسى أن إنشاء هذا البنك سيؤدي إلى خلق وظائف للكثيرين في الدول المشاركة في الاتفاقية.

كما اتجهت الإستراتيجية الاستثمارية للصندوق إلى جذب استثمارات إلى السلطنة وخلق فرص استثمارية من شأنها تنشيط حركة التجارة وكمثال على ذلك الاستثمار في شركة جلاس بوينت سولار الرائدة في استخدام الطاقة الشمسية في عمليات إنتاج النفط وتأسيس شركة عمان بروناي لتأجير الطائرات وأيضاً تأسيس شركة مسقط الوطنية للتطوير والاستثمار (أساس)، كما قام الصندوق أيضاً ضمن جهوده بتأسيس صندوق تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة . والمتتبع لاستثمارات الصندوق يجد أنّ العام المنصرم 2015 كان حافلاً بالإنجازات، منها على سبيل المثال التوقيع على مذكرة تفاهم بين الصندوق وكوفيديس الإسبانية لشراكة إستراتيجية بـ 200 مليون يورو وسيعمل الصندوق على المواءمة بين التقنيات التي تزخر بها الصناعات الإسبانية والبيئة الاستثمارية المحفزة في السلطنة. الأمر الذي يعزز من جهود تنويع الاقتصاد العماني، والاستفادة من المواد الخام العمانية، والاقتراب من الأسواق العالمية من جهة، ومضاعفة القدرة التنافسية للصناعات الإسبانية في الأسواق العالمية من جهة أخرى.

كما قام الصندوق بالاستحواذ على 90% من فندق ماريوت أمباسادور باريس، ويتوقع أن يحقق الصندوق عائدًا اقتصاديًا جيداً من هذا الاستثمار نظراً لموقعه المتميز وتربعه على قلب التمازج الفرنسي بين الأعمال والسياحة والتسوق.

كما احتفظ الصندوق بحصته في ميناء كمبورت التركي والبالغة ٣٥٪ ويعد الميناء ثالث أكبر ميناء للحاويات، وذلك نظرًا للعوائد الإيجابية الجيدة التي حققها .

ومن أنشطة الصندوق أيضاً خلال العام المنصرم التوقيع على اتفاقية تأسيس صندوق الغذاء الخليجي- الياباني وتستثمر اليابان ما يعادل 50% من رأس مال الصندوق المشترك البالغ حجمه 400 مليون دولار. في حين يستثمر صندوق الاحتياطي العام للدولة ومجموعة من المستثمرين الآخرين نسبة 50% من رأس مال الصندوق،

يعمل الصندوق المشترك على تعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المنطقة من قبل الشركات اليابانية المتخصصة في مجالات الصناعات الغذائية، وذلك بما تمتلكه من تقنيات عالمية حديثة. بالإضافة إلى تطوير منظومة صناعية مستدامة في مجال الغذاء في السلطنة، ودول الخليج، واليابان .

ولا شك أن صندوق الاحتياطي العام للدولة سيضع في أجندته لهذا العام العديد من المشاريع الإستراتيجية وسيستمر في تحالفات دولية ذات عائد مجد اقتصادياً.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك