"طوارئ" ما قبل الامتحانات!

خالد الخوالدي

Khalid1330@hotmail.com

أعلنت بعض الأسر هذه الأيام حالة الطوارئ، فالداخل مولود والخارج مفقود، فلا زيارات عائلية ولا أبواب مفتوحة كالسابق، والوجوه تعلوها علامات الهم والتعب وتحدث بعض الأحيان خلافات عائلية نتيجة التشديد على خلق جو هادئ جدا للطلاب للمذاكرة وتحصيل الكم الكبير من المعلومات التي تساعد على تأدية امتحانات الشهادة العامة بكل سهولة ويسر.

وشخصيًا أنا ضد إعلان حالة الطوارئ المبالغ فيها حيث لا تدرك بعض الأسر أنّ الجو المشحون والتفاعل الكبير والتشديد المبالغ فيه يؤدي في كثير من الأحيان إلى نتائج سلبية وآثار مرضية محسوسة لدى الأبناء حيث تنتشر الأمراض المفاجئة في الجو المربك الذي يعيشه الطالب والضغط الزائد الذي يفوق تحمله فيصاب بارتفاع نبضات القلب وارتفاع ضغط الدم وسرعة التنفس والآم البطن والغثيان وفقدان الشهيّة والتوتر وقلّة النوم كما يتأثرون بآثار غير محسوسة أغلبها يتمحور في عدم التركيز إثناء المذاكرة وفقدان المعلومة أثناء أداء الامتحانات.

وللخروج من هذه الدوامة التي تعاني منها الأسر سنويا يجب أن يمنح الطلاب الثقة في مقدرتهم الذهنية والعقلية منذ بداية الفصل، وإتاحة الفرصة لهم لترتيب أولوياتهم وجداولهم بالطريقة والكيفية التي تناسبهم؛ مع مراقبة مستمرة من الأسرة تكون مهمتها توجيهية وإرشادية بعيدة عن توجيه الاتهامات والتوبيخ، وبهذا يستطيع الطالب الاستعداد للامتحانات بروح متقدة وبعمل منظم منذ بداية الفصل. أما من يعمل في النهاية فبلاشك ستكون نتائجه غير مرضية إلا في حالات قليلة وهي استثنائية، فالاستعداد المتأخر يجعل الطلاب يرتبكون في الامتحانات، وهنا نستطيع أن نضرب مثلا لهذه الدورة الأسرية وكيفية تهيئة الطلاب للامتحانات بفريق كرة القدم، والذي يعمل بنفس وتيرة الأسرة والأبناء؛ حيث إن الفريق الذي يمتلك إدارة ناجحة ولديها رؤية واضحة للحصول على الألقاب يعمل على إعداد الفريق بدنيا وروحيا من خلال معسكرات تدريبية قبل بداية البطولة حيث تسعى الإدارة من خلال المعسكرات إلى خلق تجانس بين اللاعبين وزرع الثقة في أوساطهم وتحفزيهم إلى جانب الإعداد البدني حتى يستطيعوا المنافسة وإحراز البطولة، وهذا ما يطلب من الأسرة والتي هي الإدارة في البيت والعقل المفكر لمصلحة الأبناء إذ عليها أن تعد العدة من البداية وتعمل على تهيئة الأبناء لاستقبال عامهم الدراسي قبل بدايته وبعد البداية وإثناء الدراسة وفي آخر أيامها والتي تعد بمثابة التصفيات النهائية والمباريات الختامية لإحراز النتائج المرضية.

إن الاستعداد المثالي لكل أمور حياتنا خاصة الدراسية يجعلنا مرتاحين ونؤدي ما علينا في جو من السعادة والفرح والأريحية فكلما كان الاستعداد على قدر الواجب المنوط بنا يكون الأداء متميزا، وبعد الاستعداد الجيد تأتي مرحلة تقديم ما تعلمه ودرسه الطالب وهي الاختبارات أو الامتحانات (وفي يوم الامتحان يكرم المرء أو يهان) وإن شاء الله سيكرم خاصة إذا أخذ بالأسباب واستعد، والاستعداد المسبق بطبيعة الحال لا يلغي أن تكون هذه الأيام عصيبة على الطالب لأنّه يرى مستقبله فيها، فهي منعرج في حياته تحدد له الطريق الذي سيذهب إليه، وفي هذه الأيام العصيبة على الجميع أن يقف مع الطالب وعلى الأسرة أن تراعي ظروفه فلا تحرمه من الراحة والترفيه والجلوس قليلا معهم أو ممارسة ما يحب حتى يرجع مرة أخرى بصدر متفتح لكتابه وقلمه، وعليهم عدم مقارنته بزميل له في نفس المرحلة فدائمًا ما كنا نسمع أن فلانًا لا يخرج من غرفته أبدًا فهذا يحبطه، فلكل شخص قدرات معيّنة في الحفظ والمذاكرة والفهم فهناك من يحفظ من أول مرة، وهناك من يحتاج إلى التكرار فكل شخص أدرى بمقدرته، ومعرفة الأسرة بشخصية أبنائها ومقدرتهم تساعدهم في معرفة الأسلوب الأنسب والأمثل معهم.

وأخيرًا، ومع الدور الكبير الذي تقدمه الأسرة مع ابنها عليه أن يعرف مسؤولياته وواجباته، ويدرك كيف يقوم بها وأن يضع في عين الاعتبار جهود الأسرة وما بذلته خلال الفصل، والوسائل التي وفرتها له، وأدعو الله أن يوفق جميع الطلاب ويسهل عليهم امتحاناتهم ويحقق أمنياتهم وبعد توفيق الله نقول (من جد وجد ومن زرع حصد ومن سار على الطريق وصل)، ودمتم ودامت عمان بخير.

تعليق عبر الفيس بوك