مضايا.. متى يستيقظ الضمير الإنساني؟

الأوضاع الإنسانيّة الصعبة التي تعيشها بلدة مضايا السورية، والتي بلغت حد أن يموت الإنسان جوعًا، ويفنى الأطفال والشيوخ بالعشرات جراء المسغبة وانعدام الطعام، أمر مخز، ويوصم العالم بالعار..

هذا العالم الذي لم يلتفت إلى هذه المأساة الناطقة بأشباح الأطفال، وقد أصبحت أجسادهم جلودًا على عظم، ونتأت عظامهم بعد أن أضحت بلا مُزعة لحم تغطيها، وبعد أن استوطن الجوع حناياهم، وافترس غوله الضاري أجسادهم المنهكة من هول الحصار، ونكبات الاحتراب..

مضايا، تكشف زيف التعاطف الأجوف مع ضحايا الحرب السورية، الذين من لم يمت منهم بقذيفة أو طلقة أو برميل متفجر، مات بالجوع والبرد.. وكل هذا والعالم يتفرّج، أو في أحسن الأحوال يبدي تعاطفًا لا يلقم الأفواه الجائعة طعامًا، ولا يبث دفئًا في الأوصال التي تصطك جراء صقيع الشام المُتساقط والذي يهيل أندافا بيضاء من الثلج، تجلد الأجساد المعروقة بسياط من الزمهرير لا طاقة لها به..

يتفرّج العالم على المأساة، وهو يتدثّر حتى أخمص قدميه بدثار ثقيل لا تنفذ من خلاله لسعات البرد القارس، ولا يتسرّب إليه الصقيع..

لا يبدي العالم حراكًا لإنهاء مأساة المحاصرين في مضايا من أبناء الشعب السوري، والذين أعياهم الصبر وينتظرون استيقاظ الضمير الإنساني من سباته العميق حتى ينتشلهم من وهدة المعاناة التي يعيشونها، والتي تسلب منهم حقهم في الحياة بالجوع والقر..

يحدث هذا على مسمع ومرأى من العالم، والألسن لا تفتر وهي "تعلك" وتجترّ حديثًا عن ممرات آمنة ستفتح، ومساعدات سترسل، بينما الجوع لا ينتظر بل ينشب مخالبه في المحاصرين، ويعمل فيهم فتكًا وتقتيلا!

ستظل مضايا عنوانًا بارزًا للسقوط المدوي للعالم المعاصر في امتحان الإنسانية.

تعليق عبر الفيس بوك