إعلام تحت تهديد الأزمة

مدرين المكتومية

الأزمة المالية التي نعايش وقعها هذه الأيام، طالت تداعياتها كافة القطاعات على مختلف المستويات؛ إذ لم يعد اقتصاد الوطني وحده هو المتضرر الوحيد، صحيح أنه أكبر المتضررين، إلا أن عددًا من القطاعات الأخرى طالتها سلبيات الوضع الراهن.

وباعتبارها جزءًا من هذا الواقع، تأثَّرت الآلة الإعلامية المحلية جرَّاء تلك الأزمة؛ حيث وجدت نفسها محاطة بكمٍّ كبير من الأزمات والمصروفات في وقت انخفضتْ فيه معدلات الدخل بوتيرة متسارعة جدًّا باتت تهدِّد استمرارية بعضها.. ففي الوقت الذي تجابه فيه تلك المؤسسات من أجل الوفاء بالتزاماتها -سواءً المهنية (من خلال مباشرة دورها التنويري المُلقى على عاتقها في رفع درجة الوعي)، أو الإدارية من رواتب موظفين وتكلفة طباعة..وغيرها من المصروفات الشهرية- تجد نفسها محاصرة بركود كبير في الأسواق يؤثر بالسلب على حجم المدخولات، الذي تأثر نتيجة تقليص العديد من المؤسسات حجم نفقاتها المخصصة للإعلانات (والتي تعتبر هي المصدر الرئيسي للدخل في أي مؤسسة صحفية).

... إنَّ الخسارات المالية التي باتتْ تُمنى بها المؤسسات الإعلامية خلال هذه الفترة، وانشغال الجهات الحكومية والخاصة كذلك بترتيب أوضاعها الداخلية في مقابل تقليص الدعم المقدَّم للإعلام، كلها أزمات تتهدَّد الدور التنويري للإعلام، في وقت ما أحوجنا فيه إلى آلتنا الإعلامية للارتقاء بدرجة وعي المواطن والشارع العُماني لتخطي تبعات الأزمة الراهنة بما يصبُّ في النهاية في خدمة الصالح العام.. وهي دعوة صريحة لكافة الجهات العاملة على أرض هذا الوطن الغالي: "أدركوا الصحف قبل أن يجف مداد نشرها"، فكما قيل من قبل فإنَّ توقُّف صحيفة، يعني هزيمة أمة في أشرف الميادين ألا وهو ميدان التنوير.

وكما تعلَّمنا دومًا، فإنَّ خارطة المستقبل لوطن أكثر تقدُّما تبدأ بالتخطيط الجيد والسعي الحثيث من الجميع لوضع خطط وبرامج للوصول إلى محطات أكثر تفاعلية مع العالم، والإعلام برسالته السامية يستهدف مَلْء الفراغ المعلوماتي في العديد من المجالات، ورفع مستوى الوعي المجتمعي والاقتصادي، وصنع حالة من الحراك في المجتمع؛ من خلال مضمون عصري قوي يُقدَّم للقارئ بآليات جديدة، تدفعه للتفكير الإيجابي والتفاعل مع جريدته بوسائل متعددة، إضافة إلى مناقشات موضوعية مع جهات الاختصاص حيال قضايا المواطن اليومية ومشاكله وهمومه وطموحاته؛ في مسعى يجعلها مرآة يَرَى فيها القارئ صورة صادقة لواقعه، ونبضا يعكس ما يعتمل في الشارع العماني من اهتمامات ومتغيرات ومخاضات مختلفة.

وأستحضر في مثل هكذا موقف، النطقَ السامي لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- في افتتاح مجلس عُمان لدور الانعقاد الحالي، بضرورة تكاتف الجهود من أجل المصلحة العامة للوطن، والعزم على مواصلة السير على درب النهضة وتحقيق الرفاهية والخير لأبناء هذا الوطن المعطاء، وهذا بلا شك يضع على الجهات المسؤولة مُهمَّة تقديم يد الدعم لمؤساساتنا الإعلامية بما لا يضعها تحت طائلة الأزمة.

madreen@alroya.info

تعليق عبر الفيس بوك