أفاااا يا شباب

خالد الخوالدي

 

انتشرت محلات الحلاقة في السلطنة انتشار النّار في الهشيم، فحسب رؤية سريعة لي لولاية من ولاياتنا الجميلة وجدت أنّ هذه المحلات من أكثر المحلات انتشارًا، كما رأيت أنّ المحل الواحد يعمل به أكثر من موظف؛ وفي المقابل لم أر هذا الكم من المحلات في أكثر من دولة زرتها؛ ربما لأنّ سكان تلك الدول يعتمدون على أنفسهم في الحلاقة وخلافه.

وفي واقع الحال ما أقلقني ليس كثرة محلات الحلاقة، ولكن ما يحدث في هذه المحلات من ضحك على الشباب وتحايل والتفاف على الزبون فما إن ينتهي الشخص من الحلاقة حتى يبادره العامل (يريد تنظيف) وعادة التنظيف به من الأمور غير الصحيّة ما به فالفوطة المستخدمة تستخدم لأكثر من شخص دون تنظيف أو تنشيف؛ ناهيك أنّ التنظيف ما هو غير ضرب فلوس لأنّه لا تظهر على الشخص أي علامات التنظيف، وإنّما هو وضع كريمات فوق بعضها لمدة خمس دقائق وتغسل وتنشف بالفوطة التي خبرتكم عنها وهات (ريال) في أقل احتمال في حين يزيد المبلغ إذا استخدم الصندل وخلافه والذي لم أر رجلا يستخدمه إلا في هذه الأيام فهو خاص بالنساء.

إنني لا أريد أن أتحدث عن قصات الشعر وقصّات الذقن الغريبة والتي ما انزل الله بها من سلطان، فهي كثيرة ومتعددة ويتفنن في إخراجها المزينون بصورة تعمل على تغيير شخصية الزبون حتى أنك لا تميّز وتعرف صاحبك بعدها، وما أردت الحديث عنه التمييع والتلميع والتدليل والتدليك الذي يمارس في محلات الحلاقة وهو ما يجعل أصحاب هذه المحلات يتفننون كل يوم في إدخال موضات جديدة بعيدة كل البعد عن ميزان الرجولة والخشونة التي لابد أن يتسلّح بها الشباب فنحن بحاجة إلى شباب قوي لا شباب يتفنن في وضع الكحل والماكياج والبودرة ومرطب الشفايف (الروج) فهؤلاء لا يبنون حضارات ولا يعمرون بلدانا.

 

نعم إنّ هذا الموضوع ما يزال على نطاق ضيّق ومحدود ولكنّه موجود، فخلال زيارتي لأحد الحلاقين وبعد أن انتهى من الديباجة المعروفة بعد الحلاقة إذا به يمتطي الكحل حتى يكحل عيني التي تعودت على السهر على الكمبيوتر والطباعة والقراءة لا من أجل صحتها وهو ما تعودنا عليه في مجتمعاتنا الرجولية في القديم؛ حيث يستخدمون أنواعا معيّنة من الكحل من أجل صحة العين كما كان يعتقد أصحابها وإنّما أراد الحلاق من عمله هذا أن يزينني ويخرجني بحلّة جميلة فمنعته وقلت له أنا رجل ولست امرأة حتى تزينني، ومرّت الحادثة ثمّ سمعت من أحد الثقاة بأنّ الأمر فاق هذا حيث إنّ هناك حلاقين يعملون على وضع الماكياج والبودرة والروج لبعض الشباب فقلت في نفسي أفاااا عليكم يا شباب؛ أوصل بكم الأمر إلى هذا الحد من الميوعة والتشبّه بالنساء.

أفااا يا شباب.. إنّ هذا لا يليق بكم ولا برجولتكم فدعوا هذا للنساء، وانتبهوا للمخططات التي تستهدفكم وإني لكم ناصح أمين، وعلينا جميعا أن نوجه شبابنا التوجيه السليم بداية من الأسرة مرورًا بالمسجد والدعاة الذين يكفيهم الحديث عمّاذا يقال عند دخول الحمام والخروج منه، بل عليهم العمل نحو معالجة القضايا الحديثة التي تحدث في المجتمع، وذات الحال تنطبق على الإعلام؛ والذي ينتظر منه الجميع أدوارًا تنويرية أكبر مما هو عليه الحال حاليا، كما أنّ على المؤسسات والجهات المختصة بمراقبة مهنة الحلاقة التحرك وعدم ترك الحبل على الغارب وبعد أن تخرب مالطا نتحرك، وعندها يصبح العلاج أصعب وتظهر أمور أخرى أكثر فتكا بشبابنا الذين هم عمود كل الأمم ومصدر الإشعاع فيها، والحركة والطاقة، والحيوية التي ستنعدم وتتلاشى إذا ما تم بناؤه على قاعدة هشّة وبناء ضعيف، تتدخل فيه فئات ليس هدفها إلا جمع الأموال دون أدنى مراعاة للقيم والعادات والتقاليد والمبادئ؛ فالمبدأ الوحيد الذي ينطلقون منه هو كم أجني من مال وبأي طريقة.. ودمتم ودامت عمان بخير.

 Khalid1330@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك