القناة الثقافية .. "ولادةٌ جديدة لمطلبٍ منتظــر"

يطلُ العام الجديد على الساحة الإعلامية والثقافية في السلطنة بولادة جديدة لمنبرٍ إعلامي يبث الثقافة وإضافة هامة من خلال تدشين الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون لقناتها الجديدة "الثقافية"، والتي تشكل محطة تلتقي عندها التطلعات،وتُرسم عبرها مسارات جديدة للارتقاء بحوار الثقافة عبر هذه القناة التي كانت الحلم المنتظر لدى الكثير من المثقفين، وكذلك الجهات المعنية بالثقافة بجميع مجالاتها أدباً وتراثاً؛ لتكون اليوم أمامنا في قالب حديث ينطلق من رؤية واضحة ومحددة المسار للتعريف بالهوية الثقافية العمانية والمحافظة عليها وعلى الإرث الحضاري العُماني الثقافي بمجالاته العلمية والفنية والموسيقية مُقدَماً وفق تقنيات وأساليب حديثة يلامس مضمونها الحفاظ على تراثنا وثقافتنا بشكل أكثر قرباً من تطلعاتنا .

إنّ المتابع للأهداف التي أُوجدت من أجلها هذه القناة يستشعر مدى أهمية إطلاقها، وكذلك متابعتها؛ فهي لم تطلق لشريحة معينة ممن يقعون تحت مظلة الثقافة والأدب فحسب،بل تمتد طموحات القائمين عليها لأبعد من ذلك من خلال جذب اهتمام الشريحة العظمى لمتابعة هذا المنتج الجديد في إعلامنا ومن أجل ثقافتنا،فليس ثمة فصل بين شرائح المجتمع في الأمر، لأنّ تلك المتابعة ستثمر تحقيق أهدافها للتعريف بالكنوز الثقافية العمانية المتمثلة في التراث الأدبي والعلمي والفني للعلماء العمانيين، وترسيخ بناء الهوية التاريخية لعمان وإرثها الحضاري، وربط الهوية التاريخية العمانية بالجغرافيا التي امتدت عليها طوال تاريخها، وتقديمها للمتابع من خلال قوالب إعلامية متنوعة تشمل البرامج والحوارات، والأخبار والأفلام المسجلة في توأمةٍ جميلة بين الموروث من تراثنا وبين الجديد في عوالم الثقافة المختلفة، كما أنّ هذه القناة وضعت في قائمة اهتماماتها إعادة إنتاج التاريخ العماني وأحداثه إعلامياً، وتسليط الضوء على كافة أوجه الثقافة وتطورها في عمـان وعلى المستويين العربي والعالمي.

إن الجهود المبذولة من قبل الجهات المعنية بالإعلام المرئي في السلطنة بالتعاون مع مختلف الجهات الثقافية تحتاج من المشاهد وقفة للمتابعة والتقييم لمدى جودة هذا المنتج الوليد، الذي ينتظر أن يخدم إعلامنا الثقافي ويكون الوعاء الذي يبرز الجهود الثقافية داخل وخارج السلطنة ويقدمها للمتابع والمهتم بهذا الشأن بأشكال مختلفة تنناسب الذوق، وترتقي بالفكر، وتخدم التوجهات،كما أنها بحاجة إلى التفاتة من قبل الجهات الحكومية التي ترتبط معها الأهداف لتحقق أهدافاً مشتركة، وتكون مصدراً رافداً لهذه القناة بالأخبار والمستجدات الثقافية، أو من خلال وضع مقترحات وأفكار بناءة تعزز من نوعية المادة الإعلامية المقدمة خلالها؛ وعليه فإنّ الفترة الحالية التي تعرض من خلالها القناة بثها التجريبي تعد المرحلة الأفضل للمتابعة، ورفد القائمين على شأن تلك القناة بأفكار من شأنها أن تثري وتقدم الأفضل في المستقبل القريب وتجعل من هذه القناة منبراً ثقافياً يستوعب حاجة المثقف داخل السلطنة ويمتد بعطائه لمساحات إعلامية عبر الحدود ناقلاً تراث وثقافة السلطنة ومعززاً الجهود المبذولة للارتقاء بهذا الموروث مع الحفاظ على هويته ومكانته، مُركزاً على التراث المادي وغير المادي، مناقشاً ومستعرضاً جهود السلطنة المحلية وإنجازاتها الدولية في هذا المجال، غير غافلٍ للغة العربية كوعاء أساسي ومكون حقيقي لمفردات الثقافة والتي من المهم إفراد برامج متخصصة لها، ولا يمكننا أن نضمن جودة كل هذه الأفكار إلا بوجود عناصر بشرية مؤهلة وقادرة على إثراء هذه القناة بالإعداد والفكر والطرح المناسب، بما يساهم في جعلها مصدراً ثقافياً فعالاً، وليست مجرد رقم رابع يضاف إلى عدد قنواتنا..

ويبقى أنّه علينا أن نواكب هذا التطور الإعلامي، وألا نستعجل في الحكم على الشيء إلا بعد دراسة متأنية، وتقييم دقيق حتى نتمكن من قياس جودة المنتج؛ لأننا نعايش عن قرب الجهود المبذولة من قبل القائمين على شأن الإعلام في السلطنة بجميع قطاعاته، وسعيهم الدؤوب في التطوير المستمر ومواكبة التسارع العلمي والنمو المعرفي والتقني في هذا المجال؛ بما تتوفر لديهم من إمكانيات مادية وبشرية تتناسب وهذه المرحلة، وهذا في حد ذاته مؤشر إيجابي نتطلع من خلاله أن يستشرف المستقبل القريب تطوراً ملموساً في مستوى البرامج الثقافية كماً ونوعاً مع الانطلاقة الفعلية لهذه القناة ...

أمل بنت طالب الجهورية

باحث إعلامي أول-مجلس الشورى العماني

Amal.shura@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك