تربويون: تعزيز ثقة الطلاب في قدرتهم على اجتياز الاختبارات مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة

ختام اختبارات المهارات الفردية اليوم.. وامتحانات الصف الـ12 الأسبوع المقبل

< السالمي: الضغوط التي يمارسها أولياء الأمور على الطلاب تأتي بنتائج عكسية على التحصيل الدراسي

< المعولي: اتباع الطرق التربوية السليمة في تحفيز الطلاب على المذاكرة يُقلل من توتر فترة الامتحانات

< المقبالي: القلق من الامتحانات له أثر إيجابي إذا ظل في المعدل الطبيعي لحفز الطالب على المذاكرة

< العلوي: اللجوء للتهديد والعنف يؤدى إلى انحدار المستوى التحصيلي للطالب ويفقده التركيز

< البحري: توفير الهدوء للطالب أثناء المراجعات يحسن من قدرته على استرجاع المعلومات في الاختبار

أكَّد عددٌ من التربويين على أهمية التركيز خلال فترة الامتحانات التي يخوضها طلاب السلطنة حاليا؛ حيث انطلقت أمس بجميع المدارس امتحانات المهارات الفردية، كما تنطلق الأسبوع المقبل اختبارات الصف الثانى عشر، وتشمل امتحانات المهارات الفردية الفنون التشكيلية والرياضة والمهارات الموسيقية. وتختتم بعد غد امتحانات الصفوف من الخامس إلى العاشر. ووجَّه المشاركون في استطلاع "الرُّؤية" حول امتحانات نصف العام إلى ضرورة التعامل مع أيام الامتحانات بهدوء وضبط نفس؛ تجنُّبا للتأثيرات السلبية للتوترات التي تلازم فترة الامتحانات عادة. وأشاروا إلى أنَّ المبالغة في الخوف من الرسوب في الاختبارات يؤدى لزيادة القلق لدى الطالب وأسرته؛ مما يُفقد الجميع التركيز على ما ينفع خلال هذه الفترة المهمة، والتي تبلور مجهود الطالب على مدار أيام دراسته. وقالوا إنَّ الحلَّ لتجنُّب هذه الظروف الضاغطة من بداية العام الاهتمام بالتحضير الجيد للاختبار أولا بأول بحيث يكون الطالب مُهيَّأَ لكل سؤال يُطرح في الاختبار.

الرُّؤية - مُحمَّد قنات

وقال الأستاذ مطلوب بن حافظ السالمي: إنَّ ممارسة الرياضة مثل الركض وركوب الدراجات بصورة مستمرة من أفضل طرق التغلب على التوتر والقلق وتأثيراته السلبية لأن الرياضة تساعد على تنشط الدورة الدموية، كما يجب الاستعداد للاختبارات منذ وقت مبكر وعدم إهدار الوقت ليفاجأ الطالب بموعد الاختبارات وهو غير مستعد مما يدخل الطالب في حالة من التوتر والخوف. وفى الاختبارات يجب أن يبدأ الطالب بالأسئلة السهلة في الامتحانات أولا حتى يكسب الوقت المتاح.

وأضاف السالمي بأنَّ القلق سلاح ذو حدين؛ فهو يدعم الطالب في المهام المكلف بها، لكن في نفس الوقت زيادته تضر الطالب وتهدر مجهوده؛ لذلك يجب على المعلم أن يسعى لتطبيق طرق تدريس جديدة ومبتكرة تساهم في ترغيب طلابه في الدراسة والتفوق. كما يجب على الطالب استغلال وقته الاستغلال الأمثل في المدرسة والبيت، وكذلك الحرص على حضور الحصص كاملة وعدم التهرب منها، والسعي إلى سؤال معلميه عن الدروس التي تصعب عليه ومحاولة فهمها أو أي صعوبات أخرى تواجهه، وكلها عوامل تزيد من معدل الثقة لدى الطالب باعتبار أنه على علم بكل ما يتناوله الاختبار.

وأوضح السالمي أن تدريب الطلاب على نماذج الأسئلة التي تأتي في الاختبارات ومعرفتهم بالمهارات المطلوبة، وتقييمهم على أساسها ورصد الجوانب التي يخفقون فيها، سيحل هذه الإشكالية، كما أنَّ للأسرة والمدرسة -ممثلة في الإخصائي الاجتماعي والنفسي وإدارة المدرسة- دورًا كبيرًا في تهيئة الطلاب نفسيا للاستعداد للاختبارات، وهو ما يؤثر على مستقبل الطالب في التحاقه بمؤسسات التعليم العالي أو تحديد مساره المهني، وما قد يترتب عليه عدم حصوله على مؤهل غير الدبلوم العام بعكس من واصل دراسته، وحصل على مؤهل مثل البكالوريوس أو الماجستير وربط ذلك بمتطلبات سوق العمل.

ضغوط الوالدين

وحذَّر السالمي من الأثر السلبي للضغوط التي يمارسها الوالدين بالشدة والعصبية على الطالب، والتشديد على ضرورة التفوق، قد تكون نتيجته سلبية وتوثر على رغبة الطالب في المذاكرة وتقلل من التركيز في الاختبارات وزيادة القلق من الامتحان؛ حيث إنَّ توفير المناخ الجيد للمذاكرة بالكلمة الطيبة واستخدام عبارات التعزيز والتحفيز سيعود بنتائج إيجابية على تحصيل الطالب، كما أنَّ دور الأسرة أكبر في ذلك المجال بعدم اتباع أساليب مثل الضرب أو الكلام الجارح مع الطالب، وإذا أخفق في الامتحان الأول يجب تشجيعه وتعزيز ثقته في قدراته ومهاراته، والقول إنه يستطيع أن يتجاوز عقبة جميع الاختبارات، وعندما يحصل على التفوق والدرجات العليا يجب أن نشجعه ونكافئه؛ مما يولد لديه دافعية نحو المثابرة والجد والاجتهاد في دراسته.

ومن جانبه، أكد بركات عبدالله المعولي مدير مدرسة، أنَّ للعامل النفسي دورا كبيرا في خلق جو التوتر من الاختبارات لدى الطالب؛ حيث إنَّ الخوف هو انفعال ناتج عن الإحساس بتوقع حدوث خطر، والمتعلم الذي لا يتمتع بقدر بسيط من الثقة في النفس تكون درجة الخوف عالية عنده. أمَّا الطالب الذي يتمتع بدرجة ثقة عالية في النفس تكون لديه درجة الخوف أقل، كما أن للعامل السيكولوجي لمحيطه الأسري دور مساعد في ارتفاع أو انخفاض درجة الخوف لديه. كما أن الأسرة التي تشهد حالة من التوتر بسبب خوض ابنها الامتحان تزيد من عامل الخوف عنده، وتزيد عنده نسبة الخوف بالصورة التى تؤثر عليه سلبياً، بعكس الأسرة التي لا تتوتر وتتعامل مع الامر بصورة عادية؛ مما يساهم في تقليل درجة الخوف، باعتبار أن الأسرة تذكي فيه الثقة وتحاول تسهيل مهامه.

وأضاف المعولي بأنَّ العامل السيكولوجي يتجلى في الخوف من الفشل في الامتحان والرسوب وفقدان امتيازات مكتسبة نتيجة ذلك، كما يتجلى في الخوف من عدم التفوق على الأقران، خاصة إذا كان بينهم عامل التنافس. وثقافة الاختبارات التي تحمل دلالات سلبية تؤثر في المتعلم، وتذهب به إلى التشنج والاضطراب النفسي والقلق وغيره من مظاهر الخوف.. وأكد أنه يجب أن يعلم الطالب أن الامتحان يضعه إنسان، وأن المادة المطلوبة للدراسة هي مادة كتبها إنسان؛ لذا عليه أن يتعامل معها كمادة يستطيع أن يسيطر عليها، ويكتسب منها معلومات ويجتاز الاختبار فيها، كما يجب أن يعي الطالب أن ليلة الامتحان مخصصة لمراجعة المادة الدراسية وليس لدراستها، ومن المهم التوجه للامتحان بعد تناول الطعام، والاهتمام بأخذ الأدوات المطلوبة للامتحان مع الاستعداد نفسيا للإقرار بأنَّ هناك فروقاً فردية بينه وبين أقرانه الطلاب، فإذا كان زميله يتفوق في قدرة عقلية، فربما يتفوق عليه هو أو يتميز في قدرات أو نواحٍ أخرى.

وأشار المعولي إلى وجود أساليب تربوية ونفسية من شأنها أن تحد من الخوف ورهبة الامتحانات كتدريب الطلاب على كيفية أداء الامتحانات وعدم التحدث عن الامتحانات على أنها عقاب للطلاب واعتماد أساليب الملاحظة المناسبة داخل قاعات الامتحانات وعدم إثارة الخوف بين الطلاب، والتأكيد على أن الامتحان ما هو إلا وسيلة لقياس المستوى التحصيلي وليس غاية في حد ذاته، والعمل على إيضاح الجانب الإيجابي من اجتياز الامتحان؛ حيث لا يربط الامتحان بالرسوب فقط، وفي ذلك حافز نفسي للتخفيف من رهبة الامتحان. كما يجب على أولياء الأمور الابتعاد عن مقارنة الابن بأخيه أو بأخته أو بالآخرين مع عدم تحقيره والمرور على الابن أثناء دراسته لتشجيعه وإظهار الاهتمام به مع الحرص على ألا تأخذ العملية شكل التجسس عليه، حيث إنَّ تقليل آثار الخوف يكون بتوجيه الطلاب إلى ترديد الأدعية والأذكار المناسبة وتلاوة القرآن الكريم وأداء الصلاة في أوقاتها لما في ذلك من بث الطمأنينة في النفس وتدعيم ثقة الطلاب بأنفسهم والوقوف منذ وقت مبكر على ميولهم وقدراتهم وتوجيه طموحاتهم لتتوافق مع قدراتهم في اختيار التخصصات الدراسية المناسبة لكل منهم، وألا نغفل توظيف النموذج والقدوة الحسنة بعرض أفلام أو مواقف حية يشاهد الطالب من خلالها كيف يتصرف الطلاب الآخرون في موقف الامتحان بشكل طبيعي.

خبرات حياتية تراكمية

وقال معلم الكيمياء بمدرسة صحار للبنين بدر المقبالي: إنَّ القلق الذي يدفع للسعي للتحصيل الدراسي أمر محمود إذا كان في حدود المعقول، لكنه قد ينقلب إلى ما لا يحمد عقباه إن كانت هناك مبالغة؛ فقد يصل الأمر إلى حالة من القلق المفرط أو الاكتئاب لا سمح الله مما قد يؤثر سلبا على أداء الطالب في الحصص الدراسية أو حتى في الاختبارات وربما يؤدي إلى مشاكل أسرية أو مدرسية، حيث إن الضغط يولد الانفجار.

وأضاف المقبالي بأنه لا يمكن إزالة الصورة الذهنية المرسومة لدى الطلاب عن الاختبارات باعتبارها ماردا مخيفا بسهولة، فهي من الخبرات الحياتية السلبية التي يكتسبها الطالب تراكميا، وقد ساهم في صنعها عدة عوامل متداخلة أهم مصادرها البيت والمدرسة وحتى الإعلام بوسائله المختلفة وزاد هذه الصورة ترسخا ما يتم تداوله في وسائل التواصل الإجتماعي من نكات عن الامتحانات، وإذا أردنا إزالة هذه الصورة من أذهان الطلاب نحتاج لجهد جبار يتشارك فيه الجميع لنشر ثقافة مغايرة عن الاختبارات يكون أحد أهدافها إزالة هذه الصورة المخيفة عنها وتطبيع أمرها فتزول عندها حالة الإستنفار التي نراها في المجتمع أيام الإمتحانات. كما يجب أن نعد الطالب نفسيا وتربويا للاختبارات من أول يوم في العام الدراسي بمساعدته على ترتيب أوقاته والانتهاء من مذاكرة دروسه أولا بأول وإشعاره بأننا معه وأن أمره يهمنا جميعا؛ فإن اعتاد ذلك لن نحتاج لمعاملته معاملة خاصة في فترة الاختبارات، فنحن كمن علمه كيف يصطاد ولم يعطه السمك جاهزا. أما في حال إهماله من البداية، فنجد أنفسنا أمام ضرورة ملحة لمعاملته معاملة خاصة تجمع بين الرحمة والقسوة والسماح والحرمان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ولنصل به إلى بر الأمان.

وأشار المقبالي إلى أنَّه كلما استطعنا أن نزرع الثقة في نفس الطالب ساعدناه على طرد هذه المخاوف والمشاعر الضاغطة التي تؤثر سلبا على تحصيله الدراسي؛ فالخوف المصاحب للاختبارات عادة ما يُنتج عدم ثقة بالنفس وسببه شعور الطالب بالتقصير في المذاكرة وعدم إلمامه بما يتضمنه الاختبار، ويمكن زرع الثقة الطاردة للخوف بمزيد من مساعدة الطالب على إنهاء مذاكرة دروسه وتدريبه على نوعيات الأسئلة المتوقعة في اختباره على مدار العام الدراسي من قبل المعلم وولي الأمر، كما يجب ألا نستمر في معاملة الطالب كطفل في الصف الأول نذاكر له دروسه أو نجتهد معه في حل واجباته طوال مشواره الدراسي، بل يجب أن نعلمه الاعتماد على نفسه ونزرع فيه حب العلم والصبر على التعلم ونبصره بأهمية العلم له وللمجتمع، وإن نجحنا في ذلك فلن نحتاج إلى مزيد من الجهد في متابعته وحثه على التحصيل ولن تجدنا في حالة استنفار أيام الاختبارات.

وقال سنان العلوي إن القلق من الاختبارات حالة نفسية انفعالية ربما تصاحبها ردود فعل نفسية وعضوية غير معتادة نتيجة لتوقع الطالب للفشل في الاختبار، أو نظرا لزيادة الخوف من الرسوب، وربما يكون الأمر ناتجا عن ردود فعل الأهل في حالة الإخفاق أو إحراز نسبة تحصيلية غير المتوقعة، وهناك حد أدنى من القلق، وهو أمر طبيعي لا داعي للخوف منه بل ينبغي أن يستثمر في الدراسة والمذاكرة وجعله قوة دافعة للتحصيـل، أما الخوف والقلق والتوتر الذى يصل إلى درجات عالية حتى يمكن أن يؤدى إلى إعاقة التفكير ويؤثر على أجوبة الطالب في ورقة الاختبار، فهذا النوع من الخوف يقتضي معالجته والتخلص منه، وكلما كان العلاج في وقت مبكر، اختفت أعراض المشكلة بنحو أسرع.

عامل نفسي طارئ

وأضاف العلوي بأنَّ العامل النفسي إما محفز للطالب أو ينعكس عليه بصورة سلبية؛ فبعض اﻻسر تقوم بحبس اﻻبن أو اﻻبنة لساعات طويلة بهدف إجبارهما على المذاكرة أو ضربهما أو ممارسة التخويف المستمر أو التهديد بالحرمان من نقود أو طعام وتهديد الطالب إن نقصت درجاته بالويل، ويتورط الطالب في إحباط طويل وتضعف شخصيته ويفقد ثقته في نفسه ويصبح مستقبلا غير قادر على اتخاذ أي قرار.

وقال المعلم أحمد البحري من مدرسة عبدالله بن الحارث بوادى المعاول: إنَّ البيئة الآمنة التي يعيشها الطالب اثناء المذاكرة ترفع مستوى التحصيل العلمي لدى الطالب وتبعث الطمأنينة في نفسه وتجعله أكثر رغبة ودافعية لاستقبال المعلومات وربطها ببعضها وعند تراجع مستوى البيئة الآمنة ينعكس ذلك سلباً ويتشتت ذهن الطالب ويفقده التركيز ويزداد معدل الخوف لديه وتتداخل في عقله الكلمات والعبارات والمعلومات. وأضاف البحري بأنَّ من أهم آليات طمأنة الطالب خلال فترة الاختيارت تحفيزه المسبق وإعداده الإعداد الجيد في تحصيل المواد لمساعدته على الإجابة عن الأسئلة التي يواجهها في الاختبار، وكذلك العمل على ربط الاختبار المدرسية بتلك التي يواجهها الطالب خارج النطاق المدرسي. ولابد من مده بالعبارات التعزيزية المحفزة من قبل الأسرة والمعلمين والمراقبين داخل قاعة الاختبار؛ حيث تبدأ تهيئة الطلاب للاختبارات في الفترة الأخيرة من أيام الدراسة من قبل المعلمين بإعطائهم التوجيهات اللازمة للمذاكرة والتركيز على المراجعة وتدريبهم على أكبر كم من الأسئلة وطرق الإجابة عنها، ويلي ذلك دور الأسرة بتوفير جو أسري هادئ يسوده الاهتمام والجدية والتخفيف من حدة التوتر والخوف، والمراجعة مع أبنائهم موادهم الدراسية، وتشجيعهم بشكل إيجابي، وفي قاعة الاختبار يأتي دور المعلم المراقب بتوجيه النصائح الأولية للطلاب وتحفيزهم.

وقالت الأستاذة أمل الجهورية معلمة لغة إنجليزية بمدرسة عاتكة بنت زيد: إنه من الممكن التغلب على مشاعر الخوف من الاختبارات بعدة طرق؛ أهمها: أن يتهيأ الطالب للاختبار قبل فترة كافية من موعد الاختبارات حتى يتمكن من المادة العلمية؛ مما يساعده على التقليل من حدة القلق والخوف ويزيد من ثقته بنفسه ويتعود الطالب على نموذج الاختبار وطريقة وضع الأسئلة، وياتي دور المعلم بتزويد الطلاب بنماذج من الاختبارات بحيث تصبح أسئلة الاختبار معروفة بالنسبه للطالب ويتعود على طريقه صياغتها وكيفية حلها، ولذلك عظيم الأثر في تقليل حالة الرهبة التي تصيب الطالب أثناء أدائه الاختبار.

وأشارت الجهورية إلى أن دور الأسره والمدرسة مهم جدا في تقليل رهبة فترة الاختبارات، وعلى الأسرة أن تتعامل مع فترة الاختبارات بطريقة سلسة وطبيعية بتوفير البيئة المناسبة للمذاكرة، مع السماح للطالب بأخذ فترات من الراحة حتى يجدد نشاطه.

تعليق عبر الفيس بوك