الميزانية المالية والتحديات الراهنة

يوسف البلوشي 

صدرت الميزانية المالية العامة لعام 2016 وسط ترقب كبير، واحترازات مما ستحمله من تغيرات على المستوى الاقتصادي والمعيشي، وانتظر الجميع ما سوف يسفر عنه إعلان الميزانية التي ستخرج من رحم الأزمة الاقتصادية بسبب هبوط أسعار النفط حاملة أرقاما قد تكون صادمة للجميع.

ولكن الحمدلله رغم ما صادف ظهورها من ضبابية وتوقعات وتكهنات إلا أنّها جاءت مبشرة نوعا ما في ضرورة تقليل الإنفاق الحكومي، وترشيد الصرف، وتقليل البذخ الحكومي على ما ليس له داع ولا مردود على معدلات النمو الحكومي.

كما أنّ التصريحات التي جاءت في مجملها عدم التغيير في الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطن على مستوى التعليم والصحة هي أيضا مبشرة بإيجابيات كبيرة؛ رغم أنّ العديد من الدول لجأت في السابق إلى خصخصة التعليم والصحة وإنشاء التأمين الصحي الذي يرفع عن الحكومة حرج الحفاظ على موازنات هذين القطاعين رغم ما يحملانه من أعباء وثقل مادي متراكم.

وحافظت ميرانية هذا العام على ثوابت الكيان الاقتصادي للسلطنة في وقت خرجت فيه الكثير من الدول تعاني من ويلات العجز المالي ورفع الرسوم العامة والخاصة، مساهمة بذلك في ارتفاع معدلات التضخم وغلاء المعيشة مما أوجد الكثير من التذمر والاستياء بحسب اقتصاديين ومراقبين ماليين.

في إحدى اللقاءات مع معالي درويش بن إسماعيل البلوشي الوزير المسؤول عن الشوؤن المالية أعرب عن أنه لا يوجد تكتم أو قلق في هذا الشأن بل إنّ الحكومة والمخططين الاقتصاديين بدأوا في إصدار المنشورات المالية وأيضًا التخطيط الاقتصادي الفعّال في التقليل من آثار هذا الهبوط في أسعار النفط مع مراعاة الحفاظ على مستوى أسعار السلع الذي يحتاج إلى ضبط كبير ولا تهاون فيه رغم بدء الكثير من المؤسسات والشركات والمحلات بالتحايل على الأسعار الحاليّة والفعليّة.

كما أنّ صندوق النقد الدولي في العام الماضي حذّر من ضرورة قيام الدول الخليجيّة بعمليات تصحيح وترشيد للإنفاق، من أجل تجنّب مواجهة عجز في الموازنات بسبب استمرار الانخفاض في أسعار النفط في الأسواق العالمية، مؤكدًا وجود عدد من الفائزين والخاسرين من انخفاضات أسعار النفط العالمية، وإلى تأثر السعر بمتطلبات العرض والطلب، وهذا بلاشك يضع السلطنة أمام تحد كبير في مواجهة هذا الهبوط بأقل الخسائر الممكنة.

ثم إنّ على مؤسسات القطاع الخاص والشركات العمل سويًا في المشاركة ووضع يدها مع الحكومة في تبني المبادرات، والوقوف في إكمال مشروعات البنية الأساسية والمشاريع الحيوية التي من الممكن أن تعود بفوائد نسبة وتناسب على الشركات وعلى الحكومة على حد سواء.

وقبل هذا وذاك يجب علينا أن نتذكر وقفات الحكومة مع هذا القطاع من دعم مالي وتوفير البيئات المناسبة للعمل وجلب الأيدي العاملة وتوفير أراضي الانتفاع وإيجاد القروض الميسرة والدعم الاقتصادي والترويج التسويقي لعدد كبير من الشركات، فلهذا أصبح على هذه المؤسسات والشركات العمل تحت منظومة متكاملة وحكوميّة في تبني المشاريع وبناء ما توقف من مشاريع حكوميّة أو ما تمّ تأجيله في مختلف الأصعدة.

ثم علينا أن نكون أكثر إيجابيّة في توحيد الصفوف سواء حكومة وشعبا في تقليل آثار الأزمة التي قد تطول وبناء جسور تواصل مع الحكومة في تخفيف أعباء هذه الأزمة الاقتصادية.

 usf202@yahoo.com

تعليق عبر الفيس بوك