روزنامة الفصول

مدرين المكتومية

 

شتاء

حين يأتي الشتاء، تهدأ المشاعر، وتبرد الأعصاب لدرجة أننا نشعر بأنّ كل شيء حولنا جميل ونقي، فنبدأ باستشعار المحيط، والبحث عن مكامن الجمال، وعن الدفء بين أحضان العائلة.. نتقاسم معها فناجين قهوتنا السادة، ونحتسي في حضرتها الشاي ممزوجًا بنكهة الزنجبيل، حينها يصبح للحياة طعم جميل، فنتذكّر برد أوروبا ومشاعر الحنين الذي تبثها الغربة بين خلجات النفس.. من يريد أن يعيش الغربة بتفاصيلها فعليه أن يعيشها شتاء؛ حين يشعر بأنّها بحاجة لمن يأخذ بيده، ويربت عليه ويتقاسم معه الحياة وإن كانت في غرفة واحدة لا تضم إلا أبجورة صغيرة وقرصا موسيقيا يحمل في طيّاته أجمل ما خلّده الموسيقار فيفالدي في رائعته "الفصول الأربعه ".. والتي يحاكي فيها عوامل الطبيعة المختلفة مثل نسمات الهواء والرياح الشديدة والعواصف ليخبرنا أنّ الموسيقى شريكة الشتاء، فهي الدف في إيقاعاته.

 

ربيع

في كل عام تولد أحلام، وتولد مشاعر، وتولد آمال، ومن ضمن كل تلك الميلادات المتعددة هناك ميلاد واحد يجبرنا على أن نتعامل معه بحذر وباهتمام كبير؛ وهي ولادة جيل جديد، يبحث عن التغيير، ويجد العالم بنظرته المختلفة، يحاول البحث عن أدوات خاصة به، وينظر لنا نظرة مد يد العون لتعليمه اجتياز المرحلة، واجتياز الحواجز أمامهم.. الجيل الجديد بحاجة لأن نخطط له، ونبحث له عن حياة جديدة ومناسبة، ونكيّفه على العيش تحت المتغيّرات التي قد تطرأ علينا في قادم الوقت، فنحن في نهاية المطاف مجبرون على أن نواصل الحياة ونخط خريطة الطريق للأجيال السابقة كما فعل أجدادنا.

 

صيف

نحن نعيش في ظل متغيّرات كثيرة، وفي ظل العديد من الضغوط النفسية التي إمّا تكون أسبابها شخصية أو عوامل خارجية، ولكن نحن بحاجة فعلا لرسم مسار آخر لأنفسنا ولكي نحاول أن نتحلّى قليلا بقيمِنا ومبادئنا النبيلة، وأن نتغاضى قليلا عن أي موقف مسيء يمكن التغاضي عنه، ففي النهاية أجسادنا تعمل عمل ساعة الرمل لا يمكن أن تمر من عنقها الضيق أكثر من المتاح لها من حبّات وإلا ستتعرض للتلف، فبالتالي لو سمحنا لانفسنا بأن نعكّر صفو حياتنا وبتدخل الآخر بها فسنعيش تحت رحمة ضغط نفسي رهيب؛ يدمر كياناتنا البشرية وقدراتنا وطاقتنا الكامنة.. فلتجعلوا حياتكم صيفا حارا لا برودة تلطفه.

 

خريف

خريف العمر يتساقط، ولم يبق من كبار السن إلا القلة، فلماذا لا نحتويهم، فهم كالأطفال بحاجة لرعاية واهتمام وتقدير، فليس هناك ما يبقى على حاله.. كل شيء معرّض للتساقط كأوراق الخريف، وللنهاية التي قد لا يتمنّاها، فلذلك علينا أن نكسب حبّ الآخرين فلن تبقى لنا سوى بصمة لعمل ما وكلمة جميلة وابتسامة قدمناها لحزين في لحظة يأس أعادت له الشعور بأنّ هناك من البشر من يستحقون أن ندعو لهم ليلا ونهارا بأن ترافقهم السلامة أينما حلوا، وإن رحلوا مع الخريف فهناك خريف آخر سيجلب أشخاصًا مثلهم.

تعليق عبر الفيس بوك