أصحاب أعمال: ندعم الجهود الحكومية لتنويع مصادر الدخل.. وتطلعات لتشريعات اقتصادية محفزة

"الغرفة" تعقد لقاء موسعا مع المسؤولين والتجار لمناقشة الزيادات الضريبية

 

< اللواتي: "الشورى" سعى للخروج بقانون "عادل" وفق الصلاحيات المتاحة

< الكندي: عدم اعتبار القطاع الخاص إحدى ركائز التنمية "رؤية ضيقة"

< الجنيبي: الوضع ليس "سوداويا".. والقطاع الخاص قادر على دفع عجلة التنمية

< الذيب: الزيادات الضريبية "تقصم ظهر" المؤسسات.. والحل في "الارتفاع التدريجي"

< الكلباني: تجويد آلية تحصيل الضرائب لا زيادتها

< آل صالح: من نناقش في ظل غياب صانع القرار؟!

 

أكَّد أصحابُ أعمال دعمهم الكامل للجهود الحكومية الرامية إلى تنويع مصادر الدخل، لكنهم في المقابل دعوا إلى ضرورة إشراك القطاع الخاص في أي مناقشات دائرة حول أي قرارات متعلقة به، علاوة على ضرورة فتح المجال أمام الاستثمارات في مختلف المجالات وإزالة المعوقات التي تعرقل نمو الأنشطة المختلفة.

جاء ذلك في الاجتماع التنسيقي الذي عقدته غرفة تجارة وصناعة عمان، لعدد من أصحاب الأعمال، بحضور أيمن بن عبدالله الحسني نائب رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان للشؤون الاقتصادية والفروع، والمهندس رضا بن جمعة آل صالح نائب رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان للشؤون الإدارية والمالية، وسعادة توفيق بن عبدالحسين اللواتي عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى، وسعادة محمد بن إبراهيم الكندي عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى، وعدد من كبار رجال الأعمال والرؤساء التنفيذيين ورؤساء مجالس الجمعيات ذات الصلة بالشأن الاقتصادي.

 

مسقط - زمزم الهنائيَّة

وفي بداية اللقاء، رحَّب أيمن بن عبدالله الحسني بالحضور، شاكرا لهم تلبيتهم دعوة الغرفة للمشاركة في هذا اللقاء الذي يناقش موضوعات مهمة ورئيسية؛ مثل: قانون ضريبة الدخل والتعديلات المقترحة على هذا القانون، الذي يُشكل أهمية خاصة للشركات في القطاع الخاص، ويؤثر تأثيرا كبيرا عليها، علاوة على مناقشة قانون استثمار رأس المال الأجنبي، وقانون شركات التأمين.

 

لقاءات تنسيقية

وأوضح رضا بن جمعة آل صالح أنَّ الغرفة تحرص على عقد مثل هذه اللقاءات التنسيقية مع أطراف القطاع الخاص، وكذلك الجهات المسؤولة في الدولة من جهة أخرى، والتي تهدف للارتقاء بالعمل التنموي في السلطنة وتعزيز مساهمات القطاع الخاص، لا سيما في هذه المرحلة التي تشهد تحديات ناجمة عن انخفاض أسعار النفط، وانعكاس ذلك على مجمل العملية التنموية.

وأشار سعادة توفيق بن عبدالحسين اللواتي عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى، إلى أهمية طرح تعديل القوانين أمام المناقشات المفتوحة، مثل قانون ضريبة الدخل على الشركات وقانون استثمار المال الأجنبي وقانون شركات التأمين. لافتا إلى أنَّ هذه التعديلات جاءت بمبادرة من الحكومة وليس من مجلس الشورى. وأكد أنَّ عدم كفاية الفترة المتاحة لدراسة هذه القوانين وإبداء المرئيات المناسبة حولها، لا سيما وأن هذه القوانين مرتبطة بالعديد من الجهات والأطراف، ويتطلب الأمر إطلاعها وأخذ مرئياتها لضمان الخروج بتعديلات مرضية، تراعي مصالح الجميع وتحقق الأهداف المرجوة منها. وأشار اللواتي إلى أنَّ التعديل المقترح في قانون ضريبة الدخل الذي يتكون من 190 مادة سيشمل رفع الضريبة على الشركات من 12% إلى 15%، وفرض ضريبة بنسبة 3% على الشركات التي يقل رأسمالها عن 50 الف ريال عماني ويزيد دخلها على 100 ألف ريال عماني؛ حيث -وبحسب المجلس- تقدم 6 من أعضاء المجلس بطلب لإعادة التصويت على المادة (112) من مواد قانون ضريبة الدخل برفع نسبة الإتاوات إلى 55 بالمائة في نشاط تسييل الغاز الطبيعي، و35 بالمائة على استخراج الثروات الطبيعية غير النفطية بغرض التصدير، وعلى الصناعات البتروكيماوية القائمة على النفط والغاز، وبعد المداولة صوَّت المجلس بالموافقة على الإضافة التي قامت بها اللجنة الاقتصادية والمالية للمادة حسب ما جاء في تقريرها. وتابع بأنَّ المجلس أقرَّ مشروع قانون استثمار رأس المال الأجنبي ومشروع شركات التأمين، والذي كان من أهم بنوده تقليل مدة توريد الضريبة المحصلة من قبل شركات التأمين من 6 أشهر إلى 3 أشهر خلال السنة المالية، والإبقاء على عدد من المواد كما جاء بها مشروع القانون، وتعديل عدد منها. وأوضح أنَّ اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى اقترحت فرض ضريبة على قطاع التعدين والكسارات بنسبة 35% على الإيرادات من التصدير وليس على المُصنِّع والمستهلك محليًّا.

 

قطاع التعدين

وفيما يخص قطاع التعدين، أشار اللواتي إلى أنَّ مجلس الشورى يعارض تصدير أي مواد خام غير مصنعة، وبذلك يرفض تصدير الرمال والأحجار. موضحا أنَّ كمية الأحجار والرمال المصدرة إلى خارج السلطنة بلغت حوالي 60 مليون طن. وأكد أنَّ المردود على خزينة الدولة من ذلك التصدير غير مجدي مقابل ما تتسبب فيه من أضرار على البيئة والبنية الأساسية والمجتمع. وأوضح أنَّ مجلس الشورى اقترح قانونا للامتياز في قطاع التعدين، كما هي الحال في قطاع النفط والغاز؛ حيث إنَّ القطاع يمثل ثروة وطنية، وينبغي إدارتها وفق قانون يكفل استدامة القطاع، كما يضمن عوائد مالية مجزية وفوائد ملموسة على البيئة والمجتمع.

وفي جانب الكسارات، أشار سعادته إلى أنَّ مجلس الشورى يرى أن يتم منح التصاريح لإقامة الكسارات للشركات الأهلية في الولايات لضمان استفادة أفراد المجتمع منها.

ومن جانبه، قال سعادة محمد بن إبراهيم الكندي عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى: "نؤمن بأنَّ القطاع الخاص ركيزة أساسية من ركائز التنمية، وأنَّ أية رؤية تجاهه غير ذلك هي رؤية ضيقة، وما تواجدنا في هذا اللقاء إلا انطلاقا من هذا المبدأ، وتأكيدا لحق القطاع الخاص في إبداء مرئياته حول القانون (محل النقاش)، لا سيما وأنه المعني به بالدرجة الأولى".

فيما قال جناب السيد محمد آل سعيد: إنَّ تحديد نسبة 35% ضريبة على إيرادات الكسارات تعد نسبة مرتفعة، وقد تنفر المستثمر الأجنبي وتمنعه من الدخول في مشاريع داخل السلطنة، متسائلا ما إذا تم اعتماد مقارنات مع دول المنطقة بشأن هذه النسب عند وضعها؛ باعتبار أنَّ السلطنة جزءٌ من المنظومة الاقتصادية في المنطقة والعالم، وأي قرار يؤثر على هذا الوضع.

وردَّ سعادة محمد بن سليمان الكندي قائلا: إنَّ عدة نقاشات ومداولات مع الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات "إثراء" أُجريت وتناولت إشكاليات جذب الاستثمار الأجنبي، وقد تبيَّن أنَّ الإشكالية تكمُن في عدم وضوح الإجراءات وليس في فرض ضرائب إضافية، مشيرا إلى أنَّ فرض الضرائب إجراء متبع في كل دول العالم.

 

لقاء "متأخر"!

أمَّا صاحبُ الأعمال جميل بن علي سلطان، فقد تساءل عن جدوى عقد هذا اللقاء، بعدما تم فعليا إقرار القانون محل النقاش من قبل مجلس الشورى. موضحا أنه كان من الأولى عقده قبل إقراره، إذا كان الغرض بالفعل الأخذ بمرئيات القطاع الخاص. وقال سلطان: "للأسف لا نلحظ أي تعاطف من قبل مجلس الشورى تجاه القطاع الخاص، وعلى النقيض يتعرض القطاع الخاص للهجوم الإعلامي والانتقادات غير المنصفة"، معربا عن أمله في أن يكون لمجلس الشورى موقفا حيال ذلك، على حد قوله.

من جهته، أعرب الشيخ سعد الجنيبي (صاحب أعمال) عن استيائه من تجاهل رأي القطاع الخاص عند صياغة هذه القوانين، رغم أنه المعني بالأمر بالدرجة الأولى؛ حيث إنه الطرف الذي سيدفع هذه الضرائب والإتاوات. وأوضح الجنيبي أنَّ لغة التشاؤم السائدة إزاء الوضع الحالي نتيجة لانخفاض أسعار النفط، هي السبب وراء فرض هذه الإتاوات، معتبرا أنَّ ذلك أمر غير "مقبول" ولا يخدم القطاع بأي حال. وأضاف بأنَّ السلطنة تواجه منافسة شرسة في المنطقة، وهناك من يملك "نظرة قاتمة" للوضع، ينبغي تغييرها.. مشيرا إلى أنَّ المواطن والمسؤول يعبران عن القلق والتشاؤم حيال الوضع الحالي، فما بال المستثمر الأجنبي الذي لم يسبق له الدخول إلى أسواق السلطنة؟! لكنه شدد على ضرورة ألا يتم تصوير الوضع بهذه الطريقة السوداوية، علاوة على ضرورة النظر إلى القطاع الخاص بكل ثقة، وأنه طرف أصيل في دعم جهود التنمية ومساندة الحكومة.

فيما تساءل محمد بن حسن الذيب (صاحب أعمال) عن سبب ما وصفه بأنه "تجاهل" الحكومة لرأي القطاع الخاص عند وضع هذه القوانين؟! مشيرا إلى أنَّ الغرفة تعد الممثل للقطاع الخاص، وكان من الأولى استشارتها في مثل هذه القوانين. وأضاف الذيب: "للأسف لم نستفد من فترات الرخاء الاقتصادي خلال العقود الماضية، ورفع الضريبة الآن سيكون له تأثير سلبي لا يُقارن بالريع الذي سيدخل إلى خزينة الدولة، مقابل السمعة السيئة التي ستطال بيئة الاستثمار لدينا، والتي سيترتب عليها إغلاق شركات قائمة، وستعدل شركات أخرى عن القدوم إلينا، وسنعاني معاناة اقتصادية كبيرة، كما سيتضاعف التوجه إلى الاستثمار الجامد الذي لا يخدم البلاد ولا يوفر وظائف". واقترح الذيب جملة من البدائل التي يُمكن أن توفر مداخيل جديدة للميزانية، بدلا عن السيناريو المطروح، وذكر من هذه المقترحات فرض ضريبة على المشروبات الكحولية والسجائر، ورفع أسعار الغاز على الشركات حسب السعر العالمي، وإدارة وخفض تكاليف المشاريع الحكومية، علاوة على إمكانية ربط الزيادة الضريبية بالتعمين، على أن يكتفى بتطبيقها على الشركات غير المطبقة للنسبة.

 

ضرر أكبر من نفع

من جهته، أكد صالح الفارسي (صاحب أعمال) أنَّ الضريبة أينما فُرضت، تكون لها انعكاسات سلبية على القطاع الخاص، متسائلا عما إذا تم طرح تأثير هذه الضرائب على مبدأ العرض والطلب خلال فترة إعداد مسودة القانون؟! متسائلا: "لماذا سهونا عن تطبيق هذه الضرائب خلال فترة الرخاء وطبقناها خلال فترة الأزمة، في وقت نحن في أمس الحاجة إلى تسهيل الإجراءات وجذب الاستثمار الأجنبي؟!". وأضاف: "الاقتصادات في كل دول العالم تتجه إلى الابتكار والتطوير لتشجيع الصادرات، إلا أنه مع الأسف الوضع هنا يختلف حيث ستتراجع الصادرات مع تطبيق هذه الضرائب".

وحول قطاع التعدين، قال الفارسي: إن قطاع المحاجر والتعدين واعد وحيوي، ولو أُعطي حقه من الاهتمام فبإمكانه -بجانب قطاع السياحة- تغطية جزء كبير من تراجع ايرادات النفط. لكنه أشار إلى أنَّ القطاع لا يزال يعاني الكثير، وأن فرض ضريبة إضافية عليه سيزيد من معاناته. وتابع: "نعلم أن الحكومة تواجه تحديات كبيرة، لكن فجائية القرارات ستُحدث ضررا على المدى البعيد، أكبر من النفع المتوقع منها، وكان ينبغي أن تأخذ الأمور مزيدا من الوقت".

 

حلقة مفقودة

فيما قال يوسف بن سلمان بن باقر آل صالح (صاحب أعمال) إنه عادة ما يُقابل الحزمة المتكاملة من الرسوم والإتاوات والضرائب حزمة أخرى من التسهيلات وتبسيط الإجراءات وتقليص التعقيدات والبيروقراطية، لكن ذلك لم يتحقق، فنحن لسنا ضد فرض الضرائب بالمطلق ولكن بأي مقابل. وأضاف بأنَّ مثل هذه القوانين ترتبط بقوانين أخرى ويتطلب لإقرارها، إعداد حزمة متكاملة من القوانين وعقد المقارنات بشأنها وإحالتها للقطاع الخاص لإبداء رأيه فيها؛ إذ لا يمكن إبداء الرأي في قانون معين بمعزل عن قوانين أخرى مرتبطة به، منتقدا عدم إشراك صناع القرار في هذه الجلسة النقاشية.

فيما قال سيمون كرم (صاحب أعمال) إنَّ تطبيق الضرائب يجب أن يشمل الشركات بجميع فئاتها؛ إذ إنَّ ذلك من شأنه حثها على الالتزام، مع عدم التعجل في فرض بعض الضرائب؛ نظرا لأن هناك عقودًا قائمة يجب مراعاتها. وأوضح أن الخلاف القائم يتمحور في النهج المتبع للأخذ برأي القطاع الخاص في مثل هذه القوانين، معتبرا أن أي قانون ينبغي أن يمر بأربع مراحل تشمل تقييم الوضع الحالي، وعقد مقارنات، والاستشهاد بنماذج وأمثلة، وتحديد ماذا نريد. وتابع بأنه في هذه المرحلة يجب الأخذ برأي مجلس الشورى والقطاع الخاص، حتى لا يكونا أسيرين للنص المطروح من قبل الحكومة.

 

قطاع المعادن

من جانبه، تساءل أحمد بن علي الحوقاني (صاحب أعمال) عن كيفية توقع أن يساهم قطاع المعادن بفاعلية في زيادة دخل البلاد في ظل ما يفرض عليه من ضرائب وإتاوات قاسية تثقل كاهله وتحد من إنتاجيته، بجانب "العشوائية" التي تسود القطاع وانعدام التنظيم فيه؟!

وجاء الرد من سعادة توفيق اللواتي، قائلا: نتفق على أن قطاع التعدين غير منظم بالفعل، وتسوده العشوائية، ووزارة التجارة والصناعة هي المسؤولة عن عدم تنظيمه، كونه يقع ضمن مسؤولياتها، معربا عن أمله في أن تشهد المرحلة المقبلة اتخاذ إجراءات لتنظيمه.

وقال الدكتور محمد الشبيبي (صاحب أعمال): إنَّ عدم الأخذ برأي القطاع الخاص في أية قوانين يُمثل إجحافا في حقه، كما أنَّ عدم الالتفات للعراقيل التي يواجهها القطاع الخاص أيضا إجحاف من نوع آخر، مطالبا بوضع آليات سريعة تضمن تعديل الأوضاع.

 

تجويد آلية التحصيل

وتساءل الشيخ علي الكلباني (صاحب أعمال) عن العائد على الدولة من الزيادة الضريبية، وما اذا كان تحصيل نسبة الـ12 في المئة (سابقا) مُطبَّقة بالفعل وكما ينبغي، أم لا؟! وقال: "ينبغي تجويد آلية التحصيل، وتحسين آلية عمل الأمانة العامة للضرائب، وهو ما سيعود بالنفع على خزينة الدولة دون الحاجة إلى زيادتها".

فيما قال حسن علي جواد (صاحب أعمال) إنَّ تطبيق الزيادة الضريبية يظلم الشركات الملتزمة بالنسبة السابقة، مقترحا تطبيق نسبة الـ15% على الشركات غير الملتزمة، مع إبقاء نسبة 12% في الوقت الحالي على الشركات الملتزمة.

فيما قال حمود الطوقي (إعلامي وصاحب أعمال) إنَّ كلَّ الأطراف تبحث عن مصالحها، وإنَّ الجميع يريد أن يخرج رابحا من هذه المعمعة. لكنه طرح عدة تساؤلات مفادها: أين تكمن مصلحة البلاد؟ وهل يجب على القطاع الخاص أن يتنازل، لا سيما وأنه يتحمل ما يتحمله من بيروقراطية تعيق نموه؟

فيما قال الشيخ علي بن سليم الجنيبي إنه يُعارض أي توجه لفرض ضرائب إضافية على القطاع الخاص، منوها بأهمية إصلاح البيت من الداخل لحل المشكلة. وأضاف بأن القطاع الخاص لا ينبغي أن يكون "الشماعة" التي تُعلق عليها إخفاقات وأخطاء الغير، فبدلا من أن يؤخذ بالقطاعين الحكومي والخاص إلى بر الأمان، فإن الإجراءات الحالية ربما تقود إلى مزيد من المشكلات في القطاع الخاص.

تعليق عبر الفيس بوك