من الممنوع عن التدخين؟

سيف بن سالم المعمري

Saif5900@gmail.com

التدخين من العادات السلبيّة التي تنتشر في معظم المجتمعات الفقيرة والغنية على مستوى العالم ، ورغم البرامج التوعوية والتحذيرات الصحية بمخاطر التدخين على الفرد والأسرة والمجتمع من قبل منظمة الصحة العالمية ووزارات الصحة والمؤسسات الصحية والتربوية والإعلامية في جميع دول العالم إلا إن عادات التدخين لا تزال تشكل تحديا صحيا وتكلف الدول تكاليف باهظة في الوقاية والتوعية والعلاج من الأمراض السرطانية التي يسببها التدخين.

والسلطنة من الدول التي تنتشر فيها عادات التدخين وهي في تنام مستمر رغم الجهود المبذولة للتوعية بأضرار التدخين والآثار الصحيّة والاجتماعيّة على الفرد والأسرة وكذلك المجتمع، وتعدد عادات التدخين باختلاف المراحل العمرية حيث يستخدم معظم المدخنين في السلطنة السيجارة العاديّة والتي تحتوي على النيكوتين وهي المادة التي تسبب الإدمان وتسبب الهيجان في حال نقصها وتحتوي كذلك على القطران بنسب متفاوتة، كما تحتوي السيجارة العادية على مادة أول أكسيد الكربون CO وهي ناتجة عن حرق التبغ الموجود بالسيجارة.

بينما يكثر تدخين المراهقين وطلاب المدارس والجامعات بالمدواخ ويؤكد عدد من الأطباء المتخصصين في العالم أن "المدواخ" يؤدي إلى الإدمان السريع للنيكوتين ويحتوي على عشرات المواد الكيماوية والسامة التي تقود إلى الإصابة بأمراض عديدة منها القلب وانسداد الشرايين والجلطات والذبحات الصدرية والتهابات القصابات الهوائية، وقائمة أخرى من الأمراض التي تدمر الصحة وتؤدي إلى الوفاة، وأنّ جرعة مدواخ واحدة تعادل تدخين 20 سيجارة، وكشف تحليل أربع عينات مختلفة من تبغ المدواخ بمركز زايد للأعشاب التابع لهيئة الصحة بأبوظبي أنّه يحتوي على مواد كيميائية سامة يزيد عددها على 90 مادة، كما يكتفي بعض المدخنين بالشيشة العادية وقد أكدت دراسة ألمانية أنّ دخان الشيشة يحتوي على كميّات أكبر بعشرين ضعفاً من غاز أول أكسيد الكربون ويحتوي أيضاً على نسب أعلى من النيكوتين والقطران التي يحتويها دخان لفافة التبغ، ووفقاً لهذه الدراسة فإنّ ما يقرب من (5) ملايين شخص يموتون سنوياً من جراء التدخين غالبيتهم من الدول الفقيرة وأن أعداد الوفيات سيرتفع مع حلول عام 2025 ليصل إلى ما يقرب من 10 ملايين حالة وفاة سنوياً إذا ما استمر استخدام الشيشة.

وأظهرت دراسة أمريكية أنّ الاستنشاق العميق للسجائر الإلكترونية ينطوي على خطر الإصابة بمرض السرطان أكثر بخمسة أضعاف إلى 15 ضعفًا من تدخين السجائر العادية، وبحسب الدراسة المنشورة في مجلة "نيو انغلند جورنال أوف ميدسين"، فإنّ بخار السجائر الإلكترونيّة عالي الحرارة والمشبع بالنيكوتين يمكن أن يشكل مادة فورمالديهايد التي تجعله خطرا على الصحة، وعلى ذلك، فإنّ مدخن السيجارة الإلكترونية الذي يستهلك ثلاثة ميليلترات من السائل المتبخر يستنشق 14 ملليغرامًا من المادة المسرطنة، أمّا مدخن السيجارة العادية بوتيرة علبة يوميا، فلا يستنشق أكثر من ثلاثة مليغرامات من هذه المادة، ويؤدي استنشاق 14 ميلليغرامًا، أو ما يقارب ذلك، من هذه المادة إلى مضاعفة خطر الإصابة بالسرطان بين خمس مرات و15 مرة.

وتسعى السلطنة إلى مكافحة آفة التدخين في المجتمع وخاصة بين فئة المراهقين والشباب إلا أنّ تلك الجهود لا تزال غير كافية وبحاجة إلى إعادة نظر وتكامل الأدوار للقضاء على هذه الآفة ، فبينما تقوم وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم والمؤسسات التعليمية والتربوية وجمعيات المجتمع المدني في السلطنة بالتوعية بأضرار التدخين على الفرد والآثار والأمراض التي تتسبب فيها عادات التدخين إلا أنّ هناك ممارسات تنسف تلك الجهود من خلال منح تصاريح إقامة مقاهي الشيشة بالقرب من المناطق السكنيّة والمدارس والجامعات والأندية الشبابية وقد لا تبعد مقاهي الشيشة عن المناطق السكنية إلا بضعة أمتار فقط كما في ولاية البريمي مثلا، وتوجد تحذيرات خجولة جدًا في الأماكن العامة والحدائق والمتنزّهات والمراكز التجارية وهي عبارة عن ملصقات كتب عليها "التدخين ممنوع بموجب القانون" كما انتشرت بشكل واسع جدًا وفي معظم ولايات ومحافظات السلطنة وفي المدن والقرى المحلات التجارية المتخصصة في بيع التبغ بأنواعه المتعدة وأدوات التدخين ولم تكن تلك المحلات موجودة في السلطنة قبل 10 أعوام تقريبًا حيث إنّ المدخنين يشترون التبغ وأدوات التدخين من أسواق دول الجوار للاستخدام الشخصي وليس التجاري، ومع انتشار تلك المحلات تضاعف تحديات الحكومة في مكافحة آفة التدخين بل ربما ساهمت في انتشار المخدرات والمؤثرات العقليّة علاوة على ذلك فلا توجد هناك إحصائيّات بعدد المدخنين في السلطنة بشكل دقيق، لكن كثرة المحلات التجارية المتخصصة ببيع التبغ تعد مؤشرات على الطلب المتزايد على التدخين بين فئات المجتمع وخاصة المراهقين والسؤال الذي يطرح نفسه: من الممنوع عن التدخين إنّ كانت هناك مؤسسات تهيئ البيئة المثالية للمدخنين ومؤسسات أخرى تكافح التدخين.

وفي مطلع الأسبوع الجاري أصدر معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة قراراً وزارياً رقمه 327/ 2015م بشأن حظر استيراد السيجارة والشيشة الإلكترونيّة إلى السلطنة، استناداً إلى قرار مجلس وزراء الصحة بدول مجلس التعاون بدول الخليج العربية بدولة قطر بالحظر الكلي لتداول السيجارة والشيشة الإلكترونية في دول مجلس التعاون، وهي بلا شك خطوة موفقة؛ لكنها غير كافية لمكافحة آفة التدخين بل بحاجة إلى قرارات مماثلة لحظر الأنواع الأخرى من السيجارة العادية والشيشة العادية والمدواخ وغلق تصاريح محلات بيع التبغ وأدواته على غرار حظر الأندية الصحيّة التي أثارت جدلا اجتماعيا واسعا، لأنّ اكتساب عادات التدخين تبدأ من مرحلة المراهقة وتبدأ باستخدام المدواخ والشيشة والسيجارة العادية وفي مراحل متقدمة من العمر سيبدأ المدخنون باستخدام السيجارة والشيشة الإلكترونية؛ وبالتالي فالمراهقون هم الأولى بالمنع عن التدخين.

تعليق عبر الفيس بوك