"QNB": تراجع أسعار الغذاء عالميا لن يعيق نمو التضخم في قطر رغم الضغوط الانكماشية على بعض القطاعات

الرُّؤية - خاص

قال التقرير الأسبوعي لمجموعة بنك قطر الوطني "QNB" إنَّه من المتوقع أن تنخفض أسعار الغذاء العالمية بشكل طفيف في العام 2016، قبل أن تشهد تعافيا في العام 2017.. مشيرا إلى أنَّه إذا انتقل ذلك التأثير إلى الاقتصاد القطري، فينبغي أن يؤدي إلى ارتفاع في تضخم أسعار الغذاء المحلية في 2016-2017.

وأضاف التقرير أنه نتيجة لذلك، فإنه من المتوقع أن تخلق أسعار المواد الغذائية ضغطاً تدريجياً أكثر تصاعدية على التضخم في مؤشر أسعار المستهلك في قطر، بالرغم من أن هذا ينبغي أن تقابله الضغوط الانكماشية في القطاعات الأخرى. لكن التقرير يتوقع بشكل عام أن يظل معدل التضخم في قطر معتدلا خلال 2016-2017.

وأوضح التقرير أن أسعار المواد الغذائية العالمية لم تسلم من تراجع أسعار السلع التي انخفضت بحدة بنسبة 24.3 في المئة منذ بداية عام 2014 بحسب البنك الدولي. فقد أدى الحصاد القوي وضعف الطلب وتراجع أسعار النفط إلى انخفاض أسعار المواد الغذائية. وانعكس هذا على انخفاض التضخم في أسعار المواد الغذائية بقطر؛ حيث إن البلد يستورد كل حاجاته الغذائية تقريباً من الخارج. وفي المستقبل، يتوقع التقرير أن تتراجع أسعار المواد الغذائية بشكل طفيف في 2016، قبل أن تتعافي قليلاً في عام 2017. لكن التقرير يرجح في المقابل، ألا تعيق هذه الأسعار نمو التضخم في قطر خلال السنتين المقبلتين.

وأوضح التقرير أن هناك 3 عوامل رئيسية وراء انخفاض أسعار المواد الغذائية عالميا؛ أولا، أن نمو الطلب على المواد الغذائية يشهد ضعفاً مع تباطؤ النمو العالمي بأكثر من المتوقع، مما يدفع بالأسعار إلى الانخفاض. وقد خفّض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج الإجمالي العالمي بنسبة 0.2 في المئة إلى 3.1 في المئة لعام 2015، مقارنة مع نسبة 3.4 في المئة في عام 2014. ثانياً، أدت الأحوال الجوية المواتية إلى زيادة المعروض والمخزون لعدد من المنتجات الغذائية. فقد فاقت نسب المخزون إلى الاستخدام لبعض الحبوب كالذرة والقمح والأرز (وهو مقياس لوفرة المعروض مقارنة بالطلب) مستوياتها التاريخية. كما يشهد إنتاج بعض المنتجات الأخرى كفول الصويا وزيت الصويا وزيت النخيل ارتفاعاً. أما العامل الثالث وراء تراجع اسعار الغذاء عاليما، هو تراجع أسعار النفط، الذي أدى إلى انخفاض أسعار المواد الغذائية؛ حيث تعتمد الزراعة بشكل كبير على الطاقة. فعلي سبيل المثال، تعد أسعار الأسمدة من بين المدخلات المهمة في الزراعة؛ وهي مرتبطة بشكل وثيق بأسعار الطاقة.

ومن المتوقع أن تستمر هذه العوامل الثلاثة في القيام بدور محوري مستقبلا، من خلال التأثير على أسعار المواد الغذائية العالمية في 2016 و2017. ومن المتوقع أن يرتفع النمو العالمي في 2016 (3.6 في المئة بحسب صندوق النقد الدولي). وعلاوة على ذلك، من المتوقع أن يسجل إنتاج القمح ارتفاعاً قياسياً جديداً؛ حيث تم تعديل توقعات الإنتاج لأعلى في كل من الصين والاتحاد الأوربي وكازاخستان. كما أن من المتوقع أن يرتفع الإنتاج في مواد أخرى. فمثلاً، يتوقع البنك الدولي إنتاجاَ أكبر من حبوب فول الصويا وزيت الصويا في عام 2016. وأخيراً، من المتوقع أن تستقر أسعار النفط عند المستوى الحالي في عام 2016 مع انخفاض الفائض من المعروض. ونتيجة لكل ما سبق، فإن من المتوقع أن يتراجع تضخم أسعار المواد الغذائية إلى 1.6 في المئة في عام 2016.

وبحلول العام 2017، يتوقع التقرير أن تتعافى أسعار المواد الغذائية قليلاً؛ حيث من المنتظر أن يرتفع النمو العالمي قليلاً مرة أخرى إلى 3.8 في المئة. وعلاوة على ذلك، من المرجح أن يتكيف العرض والطلب مع انخفاض الأسعار؛ مما سيؤدي إلى تقليص الفائض في المعروض بشكل تدريجي. فمن الوارد أن يخفّض منتجو المواد الزراعية الاستثمار في تحسين الإنتاجية في ظل انخفاض الأسعار، بينما يُرجح أن يزيد الطلب من المستهلكين لجاذبية الأسعار. وأخيرا، تظهرالتقديرات أن تنتعش أسعار النفط بتأثير تقليص الاستثمار، خصوصاً من جانب منتجي النفط الصخري الأمريكي، على المعروض. وبالتالي، نتوقع أن ترتفع أسعار المواد الغذائية العالمية بنسبة 3.7 في المئة في 2017.

لكن، يجب الأخذ بعين الاعتبار أن توقعات أسعار المواد الغذائية تخضع للأحوال الجوية التي لا يمكن التنبؤ بها. وينطبق ذلك في الوقت الراهن بشكل خاص مع الظهور القوي لظاهرة النينو المناخية التي من المتوقع أن تبلغ ذروتها في الفترة الممتدة ما بين ديسمبر الجاري وفبراير المقبل، وهو ما قد يضطرب معه الانتاج الزراعي. والنينو هي ظاهرة مناخية تحدث كل 2-7 سنوات وقد تؤدي إلى مستويات غير عادية من الأمطار خصوصاَ في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية. فعلى سبيل المثال، أدت الأحوال الجوية الجافة في شرق لآسيا، والتي من المتوقع أن تستمر، إلى تراجع إنتاج الأرز خاصة في إندونيسيا؛ حيث يتوقع أن يتراجع إنتاج الأرز بحوالي 1-2 مليون طن في 2015. وفي حين تظل أسعار المواد الغذائية العالمية بعيدة عن التأثر باحتمال حدوث مشاكل في الإمداد بالنظر للمستويات العالية للمخزون الحالي، إلا أن هناك مخاطر باحتمال تسبب ظاهرة النينو في تعطيل الإنتاج الزراعي العالمي.

ويؤكد التقرير أنَّ توقعات أسعار المواد الغذائية الدولية ستؤثر بالقطع على دولة قطر، التي تستورد معظم احتياجاتها الغذائية من الخارج. وهذا يعني أن المكون الغذائي من مؤشر أسعار المستهلك في قطر -والذي يبلغ وزنه 12.6 في المئة في سلة مؤشر أسعار المستهلك- يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمؤشر أسعار المواد الغذائية للبنك الدولي. وإذا استمرت العلاقة التاريخية بين الأسعار المحلية والدولية، فإننا نتوقع أن ترتفع أسعار المواد الغذائية المحلية بشكل طفيف في عام 2016 (بنسبة 1.5 في المئة) قبل أن ترتفع مرة أخرى في 2017 (بنسبة 3.2 في المئة). ولكن تأثير أسعار المواد الغذائية الدولية لا ينتقل بالضرورة بشكل كامل إلى الاقتصاد القطري، بسبب عوامل محلية مثل النقل والتصنيع وتكاليف البيع بالتجزئة، وكذلك السياسات الداخلية التي تحد من ارتفاع الأسعار في المواد الغذائية الأساسية.

تعليق عبر الفيس بوك