تغريدات الإثنين..!

مُحمَّد بن رضا اللواتي

أتوقع أن تكون الحناجر اللطيفة التي "غرَّدت" من ضُحى الإثنين الفائت وحتى "أدبار نجوم ذلك اليوم"، والتي تسلَّلت في أجوائنا من الجوار الجغرافي، قد أُصيبت "بالاحتقان"! ربما لسوء الألفاظ التي ردَّدتها تلك التغريدات كل تلك الساعات، وهي تلوك بين شفتيها اسم "السلطنة" بأبشع الإطلاقات، حتى ظننا أن ساعة "مسقط" قد قامت للحساب ولا خبر لنا بها!

ولعلَّه في اليوم نفسه، فاق ذكر "عُمان" في الصحافة هناك، بتلويحات "استحقاق العقاب والإبعاد"، عن أي يوم آخر من ذي قبل، لا لشيء إلا لأن هذا البلد لا يريد أن يخرج "متنزها برفقة السلاح" خارج الحدود التي رسمها له النظام الأساسي!

"التحالفات المسلحة" بأنواعها، خارج الحدود التي لا يؤمن نظامها الأساسي بضرورة تواجد السلطنة فيها، ليست "سلطنة عمان" معنية بها. ما كانت في السابق، ولن تكون اليوم أو غدا.

قدر هذا البلد أن يدخل، ويؤسس، في كل عمل من شأنه أن يحيل هذا العالم إلى مكان للسلام الدائم، دون اللجوء إلى الذخيرة، سواء الحية أو تلك التي تستخدمها "هوليوود" وأحيانا بعض "الجيوش" كذلك، حينما تكون بصدد إيهام العالم بأنها تقوم بردع "جماعات إرهابية"، كانت قد أنجبتها في غُرف الولادة التابعة للصهيونية العالمية.

لا هذه ولا تلك، من شأن "عمان" أن تحملها على كتفها طالما الأمر لا علاقة له بحدودها المرسومة في نظامها.

إلا أنَّ تلك التغريدات، ولنطلق عليها بـ"تغريدات الإثنين"، التي بحت حناجرها ذلك اليوم في لملمة وإطلاق ألفاظا تنم عن عدم إطلاع بالمرة على نهج هذا البلد والطريق الذي قررت أن تسلكه، والإنجازات التي حققتها في كواليس الكراهية المؤذنة لنشوب الحروب المدمرة، فأحالتها إلى حدائق "إبراهيم الخليل" في وسط نيران "نمرود"، مع شديد الأسف أظهرت -تلك التغريدات- ليس فحسب عدم إطلاع بالمرة، وربما، متنفسا لتراكم أبخرة من الغيظ وكأنها قد تعرَّضت ولسنين عدة لنفحات لهب، زفرتها جميعا وفي وقت واحد، غداة إعلان السلطنة عن موقفها تجاه "التحالف الإسلامي".

ليس من المتوقع من أشقاء الثقافة والمعرفة والتعاون الموحد، شن كل تلك الحملات على جار وشريك و"شقيق" في منظومة واحدة، بل كان الأجدر إبداء الاحترام لاختلاف وجهات النظر حسب تشخيص المصالح والمفاسد، هذا الذي كنا نرجوه من "مغرِّدي الإثنين" ونتوقعه، لا سيما وأنَّ العالم بعد أن بات قرية صغيرة من جراء التداخل الثقافي والمعرفي بالنحو الذي تنهال المعلومة بين أيدينا بكبسة زر بحجم حبة أرز، ما بقي لأحد عذرٌ لمعرفة ما الذي يدور في الخارج.

لقد غرَّد "زميل" في الجوار مُتألما من عدم اشتراك "السلطنة" في "التحالف الإسلامي"، وقوله بأنَّ الأمر كان سيكون مختلفا لو كان متعلقا "بإيران"، ونقول له: إن الوساطة العمانية هي التي أطفأت النيران التي كادت تشب لتحرق قبل كل شيء حقول نفط الجوار الجغرافي لعمان. ولولا أن أطفأتها حكمة جلالة السلطان، ما كان ليجدي في السيطرة عليها، "التحالفات بأنواعها" ولا إطلاق صافرات الإنذار المبكر.

وفي هذا الخضم الملتبس تحديد يمينه من يساره على إخوتنا "مغرِّدي الإثنين"، رغم أن العديد من الصحف العالمية قد تناولت أيضا ظاهرة الإعلان عن تأسيس تحالف "إسلامي" بأسلوب لا يخلو من التساؤل عن أهدافه، وجديته، وأسباب استبعاده دولا عربية وإسلامية ذات باع طويل في المعاناة من الإرهاب ومحاربته، من قبيل "العراق وإيران وغيرهما"، وبالمقابل ضمه لبلدان لا علاقة لها بالأمر إطلاقا من قبيل "ساحل العاج" و"المالديف" و"النيجر" وغيرها، أطلقت مجلة العربي الأمريكي عددها الثالث بصورة لجلالة السلطان، وعليها عبارة "السلطان قابوس بن سعيد رجل الحكمة والسلام في عالم متوتر ومضطرب"، مشيرة بذلك إلى المبدأ الذي تعتنقه السياسة العمانية والجهود التي تبذلها في سبيله رغم أن غيرها -وبالدرجة الأولى- أشد المستفيدين من عرق جبينها في هذا المضمار.

فلماذا إذن ظلت "تغريدات الإثنين" في طول هذا السُبات؟!

ومهما كان من الأمر، ولنكن مع من نحب، ولنغلق أعيننا عمَّا لا نحب، فذاك شأننا فعلا، إلا أن احترام الآخر، وتفهم وجهة نظره، لا سيما وإن كان جارا وشقيقا في منظومة عمل مشتركة، فهذا أمر ليس من المفروض أن نختلف حوله، ونتجاهله، فتتلبد سماؤنا الثقافية والمعرفية الموحدة بتغريدات تتعثر بين "سِنَة ونوم"، معكرة صفاء الاحترام المتبادل.. فلنتجاوز هذا الجو صوب أفق أرحب!

Mohammed@alroya.net

تعليق عبر الفيس بوك