دوري المحترفين.. "حمل كاذب"!

أحمد السلماني

ثلاث سنين خلتْ منذ أن أطلق اتحاد كرة القدم دوري المحترفين، في بادرة أُرِيْد بها انطلاقة جديدة للكرة العمانية لكي تتمرَّد على واقعها المحلي والإقليمي، والخروج بها إلى فضاء الاتحاد الآسيوي. وأيًّا ما كانت النية -والتي نحسبها أنها سليمة، وتصب في مصلحة الكرة العمانية- ولكن وبعد سنتين وهذه الثالثة لم نلمس أيًّا من التغييرات الجذرية على المستوى الفني؛ فمن يُتابع دورينا وغالبية مبارياته يصاب بالغثيان، مع بعض الاستثناءات في المباريات التي يكون للجماهير يد في جمالية الأداء بها، وللحق فعلى المستوى التنظيمي فإن رابطة دوري المحترفين تبذل جهدا استثنائيا واختزلت من التجربة الشيء الكثير.

إنني أشبه التيار الكروي بكل أطيافه كالرجل الذي ظلت زوجته العقيمة تُمنِّيه بطفل وليد ليعيش حلم الأبوة، إلى أن اكتشف أنَّ كلَّ ذلك كان مجرد وهم، وأن هذا الحمل إنما هو كاذب، وربما هي نفسها قد وقعت ضحية طبيب قليل الخبرة أو جهاز بقراءات مغلوطة!

نعم! لقد أُريد للكرة العمانية أن تلبس عباءة الاحتراف وهذا أمر منشود ومحمود جانبه، ولكن وعندما لمس القائمون عليه عدم حماسة شركائهم الآخرين لم يشاؤوا التراجع ليطلقوا لنا "دوري المحترفين المجزَّأ"، أي دوري محترفين ولو بشكل بسيط، والبداية بالأمور التنظيمية، ولكن الأندية واللاعبين وحتى شريحة كبيرة لم تفهم ذلك؛ لندخل جميعا في نفق من "الانفصام على الذات" فتمت المغالاة في العقود؛ سواء أكان ذلك للمدربين أو اللاعبين، وقبل كتابة هذا المقال بساعات قليلة تمت إقالة المدرب رقم 10 منذ انطلاقة دوري هذا الموسم لسوء النتائج، والحقيقة غير ذلك بكثير، وقريبا جدا أندية ستهرب مجلس إداراتها أو يعتزل، وربما تنهار وتغلق لدواعي المديونيات الكبيرة.

الاحتراف في كرة القدم باقة كاملة تعتمد على عناصر ثلاثة: البشري والمادي والقوانين، وليس هناك ما يسمى "احتراف جزئي"، وإنما هو مجرد وهم حتى القائمين عليه صدقوه، فقد مضى موسمان ونصف الموسم على إطلاقه وهو كما هو يدور في دوامة وفلك التنظيم الإداري وحتى هذا يخفق أحيانا.

"العنصر البشري" الذي سيديم دورة عمل دوري المحترفين هو قطب الرحى ويشمل احترافية التفكير لدى الإدارات واللاعبين والفنيين والحكام، فلينظر أحدنا تحت قدمية ليعلم أين نحن من كل جزئية من مفاصل "العنصر البشري".

أمَّا "العنصر المادي"، فهذا هو حجر الزاوية في مثلث الاحتراف، وهو وفي ظل محدودية تفاعل ودعم القطاع الخاص والعام مع كرة القدم والنظر إليها وكأنها شيء كمالي وزائد عن الحاجة كذلك وبدون غطاء أو قرار على مستوى الصف الأول من القرارات بالسلطنة فمحلك سر؛ فالاحتراف وكرة القدم يحتاجان إلى المادة التي هي عصب حياته، عدا ذلك فنحن كمن يحرث في الماء.

أمَّا القوانين، فهذه مهمة وسهلة الطرح وموجودة وكل ما تحتاجه هو تأطيرها ووضعها تحت طائلة التحكيم الرياضي المدعوم من الدولة وتنفيذ قراراتها لتنظيم دورة عمل دوري المحترفين وليشمل دوري الأولى والثانية أيضا.

الأشقاء في البحرين الشقيقة يريدون السير في اتجاه "دوري المحترفين المجزأ"؛ فنصيحة لهم لا تفعلوها، وخذوا العبرة ممن سبقكم ويعيش في دوامتها "فليس كل ما يلمع ذهبا".

تعليق عبر الفيس بوك