إيران توحد موقفها مع روسيا في مساعي التوصل لاتفاق بشأن الأزمة السورية

الأسد في زيارة نادرة لكنيسة قرب جبهة للقتال في دمشق

عواصم - الوكالات

قال مسؤولون إيرانيون إن إيران قررت توحيد موقفها مع روسيا في الحملة الرامية إلى التوصل لاتفاق سياسي لإنهاء الحرب الأهلية السورية في علامة على أنّها قد تخفف من اعتراضها على رحيل الرئيس بشار الأسد عن السلطة في إطار هذا الاتفاق.

وقال دبلوماسيون إنّه على الرغم من تمسّك روسيا بتأييدها الحازم للأسد علانية فقد أوضحت للدول الغربية في الآونة الأخيرة إنّه لا يوجد لديها اعتراض على تنحيه عن السلطة في إطار عملية السلام. وصرح مسؤول إيراني كبير على علم بالمناقشات الجارية بأنّ قرار إيران بتعزيز تنسيقها مع روسيا اتُخذ بعد اجتماع عُقد الشهر الماضي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الأعلى الأيراني آية الله علي خامنئي في طهران.

وتصر إيران علانيّة مثل روسيا على عدم تنحي الأسد عن السلطة إلا إذا جاءت نتيجة التصويت بذلك في انتخابات تجري في نهاية الأمر.

وقال المسؤول الإيراني الكبير لرويترز شريطة عدم نشر اسمه "ما اتُفق عليه هو انتهاج إيران وروسيا سياسة واحدة تفيد طهران وموسكو ودمشق. إيران تؤمن بجدية بضرورة أن يقرر الشعب السوري مصيره. ولكن لابد أولا من عودة الهدوء. من الممكن أن يقرر الشعب السوري ضرورة تنحي الأسد وسيتعين عليه حينئذ ترك السلطة. إذا لم يستطع أن يخدم بلاده وشعبه فيجب حينئذ أن يحكم البلاد خليفة قادر علي ذلك."

وقال مسؤول إيراني ثان لرويترز إن إيران وروسيا "على وفاق كامل بشأن سوريا ومصير الأسد. الاجتماع بين بوتين والزعيم الأعلى خامنئي كان ناجحا جدا وتتقاسم إيران وروسيا الآن نفس وجهة النظر بشأن الأسد.

وعلى جانب آخر، قالت وسائل إعلام رسمية أمس إنّ الرئيس السوري بشار الأسد زار أعضاء جوقة مسيحية تستعد لاحتفالات عيد الميلاد في كنيسة قديمة قرب جبهة للقتال في العاصمة دمشق حيث يحارب الجيش مقاتلي المعارضة بضراوة.

وعرض التلفزيون الرسمي لقطات للأسد وزوجته أسماء وهما يزوران كنيسة سيدة دمشق ليل الجمعة ويتحدثان مع أعضاء الجوقة. وجلس الأسد قرب مذبح الكنيسة واستمع إلى تراتيل عيد الميلاد في القاعة الرئيسية للكنيسة.

وقال مسؤولون إن قذائف مورتر أصابت محيط الكنيسة في الجزء القديم من دمشق يوم الجمعة. وتبعد الكنيسة مسافة كيلومترين فقط عن حي جوبر بضاحية الغوطة الشرقية التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة والتي تعرضت لقصف جوي عنيف وقصف روسي في الآونة الأخيرة أسفر عن سقوط ضحايا معظمهم مدنيون.

وفي مقابلات مع وسائل إعلام غربية في الآونة الأخيرة وضع الأسد نفسه في صورة حامي الأقليات في سوريا وقال إنّ حكمه مثال على التسامح الديني في بلد يهدده معارضون إسلاميون سيطروا على قطاعات من الأراضي ويسعون لفرض تفسيرهم المتشدد للشريعة الإسلامية.

ونقلت وكالات أنباء روسية عن الرئيس فلاديمير بوتين قوله أمس إن الجيش الروسي لم يستخدم حتى الآن كل قدراته في سوريا وقد يستخدم "المزيد من الوسائل العسكرية" إذا لزم الأمر.

ونقلت الوكالات عن بوتين قوله في خطاب "نرى مدى كفاءة طيارينا وأجهزة مخابراتنا في تنسيق الجهود مع أنواع مختلفة من القوات: الجيش والبحرية والطيران.. وكيف يستخدمون الأسلحة الأكثر تقدما." وأضاف "أود التأكيد على أننا لم نستخدم حتى الآن كل قدراتنا. لدينا المزيد من الوسائل العسكرية.. وسنستخدمها.. إذا لزم الأمر".

ونقلت الوكالات عن الرئيس فلاديمير بوتين قوله إن موسكو يمكنها العمل بسهولة مع جميع الأطراف لحل الأزمة السورية بما في ذلك الولايات المتحدة والرئيس السوري بشار الأسد. وقال بوتين "فيما يتعلق بالأزمة السورية نجد أن من السهل العمل مع الرئيس الأسد والجانب الأمريكي كليهما. تحدثت في الآونة الأخيرة عن هذا مع الرئيس أوباما ومع أصدقائنا من السعودية ومن دول عربية أخرى." وذكرت وكالات الأنباء أن هذه المقتبسات مأخوذة من فيلم وثائقي جديد سيبثه التلفزيون الروسي اليوم.

ومن جانبه، قال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أمس إنه لا تزال هناك صعوبات في طريق تحقيق السلام في سوريا رغم موافقة مجلس الأمن الدولي على قرار يدعم خارطة طريق دولية لعملية سلام في البلاد.

وأضاف خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الصيني وانغ يي في برلين بعد العودة من اجتماع الأمم المتحدة "لا يهون أي منا من الصعاب والعقبات التي يجب تجاوزها لنزع فتيل الحرب الأهلية في سوريا."

ولم يقدم شتاينماير تفاصيل لكن العقبات التي تعترض طريق إنهاء الحرب الأهلية التي دخلت عامها الخامس في سوريا تشمل الانقسام الشديد في مواقف القوى الكبرى بشأن من يمثل المعارضة السورية وكذلك مصير الرئيس السوري بشار الأسد.

وقال وانغ إن قرار مجلس الأمن "متوازن للغاية" ويعطي مباركة من الأمم المتحدة لخطة تم التفاوض بشأنها في فيينا وتدعو إلى وقف إطلاق النار ومحادثات بين الحكومة السورية والمعارضة وجدول زمني لمدة عامين تقريبا بهدف تشكيل حكومة وحدة وإجراء انتخابات.

وقد وافق مجلس الأمن الدولي أول أمس بالاجماع على قرار يدعم خارطة طريق دولية لعملية السلام في سوريا في إظهار نادر للوحدة بين القوى الكبرى بشأن الصراع الذي أودى بحياة أكثر من ربع مليون شخص.

ويعطي القرار موافقة الأمم المتحدة على خطة تم التفاوض عليها سابقا في فيينا تدعو إلى وقف لإطلاق النار وإجراء محادثات بين الحكومة السورية والمعارضة وجدول زمني مدته نحو عامين لتشكيل حكومة وحدة ثم إجراء انتخابات.

ولكن العقبات أمام إنهاء الحرب الدائرة منذ خمس سنوات تقريبا مازالت ضخمة مع عدم تمكن أي جانب في الصراع من ضمان تحقيق نصر عسكري واضح. وعلى الرغم من اتفاقها فإن القوى الكبرى منقسمة على نفسها بشدة بشأن من الذي قد يمثل المعارضة بالإضافة إلى مستقبل الرئيس بشار الأسد.

وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لمجلس الأمن بعد التصويت إن "هذا المجلس يبعث برسالة واضحة لكل الأطراف المعنية بأن الوقت حان الآن لوقف عمليات القتل في سوريا ووضع الأساس لحكومة يمكن أن تدعم الشعب الذي عاني طويلا لهذا البلد الذي يعاني من الحرب ."

ويدعو القرار الأمم المتحدة إلى أن تقدم لمجلس الأمن خيارات مراقبة وقف إطلاق النار خلال شهر من الموافقة على القرار.

وقال القرار إن المحادثات بين الحكومة السورية والمعارضة لابد وأن تبدأ في أول يناير على الرغم من أن كيري قال إن من المرجح بشكل أكبر أن تجري هذه المحادثات خلال الفترة من منتصف إلى أواخر يناير.

ووافق القرار على المعركة المستمرة لدحر تنظيم الدولة الإسلامية الذي استولى على مساحات شاسعة من كل من سوريا والعراق.

وكانت تلك واحدة من أقوى النداءات التي وجهها مجلس الأمن من أجل السلام بعد انقسامه لسنوات بشأن قضية الحرب السورية منذ أن بدأت روسيا والصين في استخدام حق النقض(الفيتو) ضد سلسلة من مشروعات القرارات التي أعدها الغرب بشأن هذه الحرب في أكتوبر 2011.

وجاء القرار بعد أن توصلت روسيا والولايات المتحدة لاتفاق على نص. وللدولتين آراء متفاوتة جدا بشأن ماالذي يجب أن يحدث في سوريا حيث يسيطر تنظيم الدولة الإسلامية على مساحة واسعة من الأراضي التي تشك الحكومات الغربية أنها نقطة إنطلاق لشن هجمات على الدول الغربية وروسيا.

وأوضح كيري أنه مازالت توجد خلافات بشأن مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد وهو حليف وثيق لروسيا وإيران تريد الدول الغربية استبعاده من الحكم.

وقال كيري "نعرف جيدا العقبات الموجودة. مازالت توجد بشكل واضح خلافات حادة داخل المجتمع الدولي ولاسيما بشأن مستقبل الرئيس الأسد."

وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف عن القرار "هذا رد واضح على محاولات فرض حل من الخارج على السوريين بشأن أي قضايا بما في ذلك المتعلقة برئيسهم."

وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن المحادثات بين الحكومة السورية والمعارضة لن تنجح الإ إذا كانت هناك ضمانات موثوق بها بشأن رحيل الرئيس السوري بشار الأسد. وقال فابيوس لابد وأن تكون هناك "ضمانات بشأن رحيل بشار الأسد. كيف يمكن لهذا الرجل إن يوحد شعبا قام جزئيا بذبحه؟ فكرة ترشحه مرة أخرى في الانتخابات غير مقبولة بالنسبة لنا."

وقال السفير السوري بشار الجعفري إن حكومة الأسد مستعدة للمشاركة في المحادثات بنية طيبة.

وقال إنه يؤكد استعداد الحكومة السورية للمشاركة بشكل فعال في أي جهد صادق يقرر فيه السوريون خيارهم من خلال الحوار في ظل القيادة السورية وليس التدخل الخارجي." وأضاف أنه يجب على كل الدول التنسيق مع حكومته.

تعليق عبر الفيس بوك