ناصر الجساسي
شمّر المهندس أحمد السيابي عن ساعديه باحثاً هنا وهناك عن وظيفة تتلاءم مع مؤهلاته وشهادات الخبرة التي لديه فكانت كل الجهات التي يتقدم إليها تستلم طلبه على مضض ويتم وعده بعبارة مقتضبة سنتصل بك لاحقاً ..!!
كان المهندس أحمد متفائلاً جداً بالحصول على وظيفة مرموقة وكان قلبه ينبض فرحاً مع كل اتصال يأتيه على هاتفه منتظراً بشارة قبول طلبه ولكن نبضات الفرح تلك تحوّلت إلى قلق وتخوّف مع كل اتصال حيث كان الرد.. نعتذر منك.. مؤهلاتك وخبراتك لا تتوافق مع الوظيفة.. إنتظر إلى أن يتم الإعلان عن وظيفة قس على ذلك معظم الجهات لم تتواصل معه إطلاقاً .
وقف أحمد مشدوهاً من الأعذار التي انهالت عليه فقال في نفسه إن كنت أنا الذي أحمل الشهادات والخبرات وأواجه مشكلة في البحث عن وظيفة فماذا عن أبناء وطني الباحثين عن عمل والذين هم أقل منّي شهادة وخبرة وكفاءة ويعانون ظروفاً معيشية صعبة؟
تعاظم القلق في قلب أحمد فبدلاً من أن يحمل هم البحث عن وظيفة لنفسه أصبح يحمل هم الباحثين عن عمل من أقصى عمان إلى أقصاها، فقام يفكر في طريقة تساعد الجميع للحصول على وظيفة فاستثمر تخصصه وخبرته في تقنية المعلومات بالشروع في إنشاء موقع إلكتروني مختص بالتوظيف بحيث يكون هذا الموقع احترافيا وغير تقليدي كما هو متعارف عليه في وقتتا الحاضر.
انطلق أحمد بفكرته فقام يخطط ويدرس جوانبها الإيجابيّة وكيفية معالجة جوانبها السلبيّة وتطويرها ففي يناير من العام الجاري أطلق مبادرة مجيد للتوظيف الإلكتروني عبر موقع إلكتروني خاص وعبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة فووجهت المبادرة في بداية تأسيسها بالتهكم والسخرية والاستهزاء ولكن إيمانه بفكرته ومشروعه الإلكتروني كان أكبر من كل الانتقادات فمن خلال تسويقه الجيد للمشروع استطاع موقع مجيد للتوظيف كسب ثقة شريحة كبيرة في المجتمع مما دفع شركة تنمية نفط عمان للتفاوض مع المهندس أحمد على إدراج المبادرة تحت مظلتها والتوقيع على اتفاقية دعمها لمدة خمس سنوات .
استطاع موقع مجيد من بداية إنشائه إلى يومنا هذا استقطاب أكثر من تسعة عشر ألف باحث عن عمل وتشغيل أكثر من ألفي باحث بالإضافة إلى كسب ثقة الكثير من الجهات الحكوميّة والخاصة وحقق جوائز عدة أبرزها المركز الأول في جائزة السلطان قابوس للعمل التطوّعي والمركز الثاني في جائزة الرؤية لمبادرات الشباب .
أبرز ما يميز مجيد للتوظيف أنّ بإمكان المُتقدم للوظيفة تسجيل طلبه في الموقع وفي حال توافر الوظيفة التي تتلاءم مع مؤهلاته وخبراته يتم إرسال رسالة إلى بريده الإلكتروني بالإضافة إلى إرسال رسالة نصيّة على هاتفه موضحاً بها قبول طلبه وسيتم التواصل معه لتحديد باقي الإجراءات .
أيضاً سيتم تدشين خدمة خارطة موقع المقابلة أو إجراء الاختبار للمتقدم للوظيفة لضمان وصوله بكل سهولة ويسر كما يخطط مجيد مستقبلا بتخصيص مركز للتوظيف ليسهل على الجهة المعلنة عن وظائفها والباحثين عن عمل الالتقاء في المركز وإجراء كافة إجراءات التوظيف تحت سقف واحد .
أهم ما يميّز مجيد أيضاً رفضه القاطع الاستعانة بالخبرات الخارجية فإنّ جميع العاملين في مجيد سواءً موظفين أو مبرمجين وفنيين هم من أبناء الوطن وجميعهم تمّ توظيفه من قبل مجيد نفسه .
أحمد السيابي الذي خرج يبحث عن وظيفة يجد نفسه اليوم محاطاً بدعوات الأمهات قبل أبنائهن الباحثين عن عمل والذين انخرطوا في وظائف متعددة، أحمد الذي كان قلقاً من مستقبله الوظيفي يشغل الآن نائب المدير العام لإحدى الشركات الرائدة، أحمد الذي واجه كماً هائلاً من الاتصالات تخبره بعدم ملاءمة مؤهلاته وشهاداته مع الوظيفة يصمم موقعاً إلكترونياً يستقبل طلبات التوظيف بأدق تفاصيلها ويجعل الوظيفة أبسط وأسهل مما كانت عليه من قبل .
الكثير منّا لديه طاقات ومواهب وخبرات يخشى إظهارها إيماناً منه أنه لا فائدة منها، الكثير منا يفكر في نفسه قبل أخيه وجاره وأبناء وطنه، الكثير منا ليس لديه هدف وقضية يعيش من أجلها، الكثير منا يعيش رقماً هامشياً في الحياة يأتي ويرحل عن الدنيا دون أن يترك أي أثر يذكر .
علينا أن نفكر بروح الجماعة مثلما فكر بها أحمد، علينا أن نحب لإخواننا كما نحب لأنفسنا كما أوصانا سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، علينا أن نسخر طاقاتنا وخبراتنا في وطننا كما سخرها أحمد، فكم من مجيد يعيش بيننا لم يكتشف نفسه بعد..!
الوطن بحاجة للمجيدين من أمثال "مجيد للتوظيف" الوطن بحاجة إلينا جميعآ فلكل منا مواهبه وطاقاته وإبداعاته وباستطاعتنا أن نبتكر مجيد في مجالات متعددة.. مجيد يعيش بدواخلنا .. إبحث عنه وحتما ستجده.
