الزواج السري.. تمرد على "القيود" المجتمعيّة وبحث عن "سعادة" عصية المنال

"س.خ" ترتكب "الخطأ الناجح" بعد الطلاق من الأول والزواج بثانٍ دون إشهار

رصد التجربة - مدرين المكتوميّة

تبدأ قصّة (س.خ) عندما قررت أسرتها تزويجها من ابن عمها وهي لا تزال في سن الـ14 من عمرها، واستمرت الزيجة بشكل تقليدي لأبعد الحدود، وأنجبا 4 أطفال، غير أنّها لم تقو على الاستمرار في هذه الحياة الفاترة؛ حيث لا يبادلها الزوج أي حب أو مشاعر عاطفية، وتحولت الحياة إلى نموذج روتيني من العيش، وقد سعت إلى تغيير زوجها وإخباره بضرورة أن يجد الحب طريقًا بينهما، لكنّه لم يتقبل، وفشلت جميع محاولاتها. عانت (س.خ) من معاملة زوجها لها وكأنها طفلة، ما أسر في نفسها الكثير من الألم والعوز إلى من يقدم لها مشاعر زوجيّة خالصة، لاسيما وأنه كان كثير الترحال والسفر، لا يستقر فترة طويلة في المنزل، ولم يكن يتقبل منها أي نقاش أو حوارات حول مسائل الحياة بينهما، رغم بلوغها قبل الطلاق سن الـ26.

وتروي (س.خ) أنّها بعد تحمل دام 14 عامًا، قررت طلب الطلاق وإنهاء هذه العلاقة غير المتكافئة، وكررت وألحت في طلب الانفصال، لكنه ظل يعاند في الأمر، إلى أن نالت ما تريد..

وخلال فترة الزواج، أنهت (س.خ) دراستها الجامعية، وقررت العمل، وحصلت على وظيفة مميزة في إحدى شركات القطاع الخاص، وبدأت بالفعل تشعر بقيمتها الحقيقية، وتدرك أن هناك من يرى جمالها الحقيقي، وأن هناك من يقدر مشاعرها ويهتم لاهتماماتها. وبعد الطلاق، تقول (س.خ) أنها عانت من مشكلة أخرى، وهي أنها باتت تحمل لقب مطلقة في سن مبكرة، علاوة على أنها تعتني بأربعة أطفال، فكانت تعبيرات الاندهاش وعلامات التعجب تعلو وجه من يعرف حقيقة وضعها، إذ أن مظهرها الخارجي لم يكن يوحي بذلك على الإطلاق. وتضيف: "اهتم بمظهري الخارجي جيدًا، وهو ما ساعدني على الاحتفاظ بمظهر مميز وسط زملائي في العمل وقريناتي في المجتمع، وقد ساعد ذلك كثيرين في طلب الزواج منّي والارتباط بي، لكنّي كنت أتحاشى الرد خوفا من التعرض للأذى أو مواجهة مشكلات مع طليقي وأسرتي، رغم السعادة الغامرة التي كنت أشعر بها عندما يتقدم أحدهم لخطبتي".

علاقات العمل

وتمضي (س.خ) قائلة: "ونظرا لأن وظيفتي تتطلب مني العمل خارج المكتب، فدائما ما كنت التقي بالكثيرين من أصحاب الشأن الذين يتمعون بمكانة مجتمعيّة كبيرة، وبدأت حينها أشعر بتحرر داخلي، وأدرك أنّي لازلت صغيرة في العمر، وأنّ الحياة أمامي مليئة بالفرص الإيجابيّة التي يمكن أن تغيّر مساري، وتمحو ذكريات الماضي بكل قسوته".

ومع تطور أوضاعها، سعت (س.خ) إلى العيش بمفردها بعيدًا عن مسكن العائلة، وبالفعل استأجرت شقة لتعيش فيها مع أطفالها، وتواصل: في تلك الأثناء، تقدم لخطتبي الكثيرون، إلا أن والدي كان يرفض، نظرًا لأن طليقي هو ابن عمي، وربما يتحول الأمر إلى خلافات عائليّة كبيرة. وتوضح أنّها شعرت مع مرور الوقت بحاجتها إلى رفيق درب يساعدها على متاعب الحياة، ويمنحها المشاعر العاطفيّة التي تحتاج إليها كل امرأة، وعلاقة عفيفة تنتهي بالزواج والعيش المشترك.

وتقول (س.خ) إنّها كانت تدرك جيّدا أنّه ربما يتقدّم لطلب الزواج منها شخص ذو مال أو جاه، والذين يرفضون التصريح بعلاقة الزواج، ويشترطون السريّة، وفي ذلك الوقت وبسبب رفض والدي لزواجي ممن تقدموا للزواج منّي، لجأت للتفكير في مسأة الزواج بالسر، في ظل حاجتي القوية للشعور بالأمان مع رجل يبادلني مشاعر الحب.

الشخص المناسب

وتضيف (س.خ) إنّها بالفعل وجدت الشخص المناسب، ووافقت على الزواج منه سرّا، وقدم لها هذا الزوج كل ما تحتاج اليه، بل منحها أكثر مما تتوقع، فعين لها خادمة للمنزل للتخفيف عنها، ومنحها راتبًا شهريًا مقابل الاستقالة من عملها، تقديرًا لها، لاسيّما وأنّه يكبرها بسنوات.

وتوضح (س.خ) أنّها تعرّضت لضغوط قوية من قبل أهلها بشأن الأموال التي تنفقها ومصدرها، مع استقالتها من العمل، لكنّها كانت تلجأ إلى الهروب أو تقديم الردود والتبريرات الواهية.

وتمضي قائلة إنّها واصلت هذه العلاقة السريّة مع زوجها دون علم أي شخص، ودام الحال لمدة عامين، وبعدها بدأت تفكر في الإنجاب، وإشهار الزواج، وقد أخبرته بأنّ أهلها علموا بأمر هذه الزيجة السرية، وأنّه يتعين عليه حمايتها، لاسيما وأنّها بالفعل حملت منه طفلا في أحشائها. وتزيد: "نجحت في إجباره على إشهار الزواج، والآن نحن نعيش حياة سعيدة، ولي منزلي الخاص بي، وقد انجبت منه ولدًا، سيحفظ لي حقوقي مع أشقائه بعد عمر مديد".

"خطأ ناجح"؟!

ربما يكون الوصف الدقيق لهذه الزيجة، أنّها الخطأ الناجح، فرغم المفارقة الساخرة في التعبير، إلا أنّها تلخص أزمة جيل ربما لم يتمكن من تحطيم القيود المجتمعيّة، وتبصير الأهل بالتخلي عن الماضي، وألا تكون هناك أسر تجبر بناتها على الزواج في سن مبكرة من آخر يكبرهن في العمر.

وتؤكد (س.خ) أنّها تدرك أنّ ما قامت به ليس هو الطريق الصحيح، لكنّها ترى أنّها لم تملك البديل، لم تستطع تغيير الظروف المحيطة بها، فقررت أن تغير الواقع، وأن تخلق واقعًا خاصًا بها، حيث تقول إنّها اكتشفت من خلال تجربتها الأولى أن الحياة في كثير من الأحيان لا تحتاج إلى الحب، وإنما إلى طريق يمكن للمرء من خلاله استكمال درب الحياة السعيدة، فليس بالحب وحده يحيا الإنسان.

وتنصح (س.خ) الفتيات والشباب، بعدم اللجوء إلى الزواج السري، حيث يتعين عليهم استنفاد الحلول وبذل كل الجهد لتحقيق ما يريدون، لكنها لم تخف أن الظروف ربما تدفع البعض إلى التفكير في حلول "خارج الصندوق"، للحصول على الراحة المنشودة.

تعليق عبر الفيس بوك