حدائق الصَّحوة.. تحدِّيات وحلول

عيسى الرَّواحي

مَع كلِّ مُناسبة وما يتزامن معها من إجازة للمواطن والمقيم على ثَرى هذه الأرض الطيبة، يتجدَّد الحديثُ عن الوضع السياحي داخل البلد، وما يتعلَّق به من تحدِّيات وعوائق وحلول؛ سواء فيما يخصُّ الخدمات الأساسية للمواقع السياحية، أو من حيث كثرة الازدحام على تلك المواقع أو كثرة الطلب وقلة العرض فيما يتعلَّق بالشقق الفندقية، أو من حيث الرغبة الملحة للتطوير السياحي العصري...وغيرها من الأمور المهمة التي يجب أن تكون حاضرة عند الحديث عن قطاع السياحة في السلطنة. ولأجل ذلك، نرى كثرة تدفق المواطنين خارج حدود البلد عند كل إجازة من إجازات المناسبات؛ بحثا عن سياحة أفضل، ورغم أنَّنا كنا -ولا نزال- نأمل أن تشكل السياحة الداخلية دعما حقيقيا للاقتصاد الوطني انطلاقا من الخطط الحكومية الرامية إلى تنويع مصادر الدخل الوطني -الذي أصبح ضرورة اقتصادية مُلحَّة في ظل تراجع عائدات النفط- فإنَّ الواقع لا يُشير إلى ذلك حتى في الأمد القريب رغم الترويج والدعاية الإعلامية المكثفة عن السياحة في السلطنة تحت شعار "السياحة تُثري".

ولأنَّ هذا الموضوع ذو شجون، وذو اتجاهات عديدة، ويحتاج نفسا طويلا؛ فإنَّني أقصر الحديث على أحد المرافق السياحية الداخلية المهمة بهذا الوطن العزيز؛ ألا وهي: حدائق الصحوة.

تُعتبر حدائق الصحوة -التي تمَّ افتتاحها في احتفالات البلاد بالعيد الوطني السابع والثلاثين عام 2007م- من أهم المرافق السياحية الحيوية البارزة التي تستقطبُ كثيرا من السياح، خاصة في الإجازات الأسبوعية أو إجازات المناسبات؛ وتأتي هذه الأهمية التي تكتسبها حدائق الصحوة من موقعها الفريد؛ حيث وقوعها في أطراف العاصمة مسقط بعيدا عن الاختناق المروري، ووقوعها عند مفترق الطرق بمحاذاة الشوارع الرئيسية التي تربط محافظات السلطنة، وكذلك مساحتها الكبيرة المقدَّرة بثلاثمائة ألف متر مربع، وما تحفل به من ساحات واستراحات ومسطحات، إضافة إلى النافورات والألعاب والطرق الواسعة للمشي أو الجري.

ورَغْم ما تكتسبه هذه الحدائق من أهمية، وما تستقطبه من سياح من مختلف المحافظات؛ فإنَّ هناك دعوة ملحَّة للتغلب على أهم التحديات التي يُواجهها مرتادو هذا المرفق السياحي المهم، ودعوة مُلحَّة لبعض الإضافات المهمة، والمرافق الأساسية التي يكاد يُجمع أغلب الزائرين على ضرورة وجودها.
وتُعتبر مواقف السيارات أهم الصعوبات التي يُواجهها مرتادو هذه الحدائق، وهناك شواهد كثيرة على حجم المعاناة في هذا الشأن وقت الإجازات؛ فهناك من ينتظر وقتا طويلا لإيجاد موقف لسيارته، وهناك من يقف بعيدا عن موقع الحدائق، وهناك من يضطر للرجوع. وتكمُن هذه الأسباب في: قلة المواقف المخصصة للحدائق مقارنة بأهميتها وموقعها، وكذلك استغلال بعض المواطنين -خاصة المسافرين منهم- هذه المواقف لإيقاف سياراتهم بها لفترة طويلة تصل لأشهر، حتى أصبحت بعض السيارات مليئة بالأتربة ومشوِّهة للمنظر العام. وفي هذا الشأن تحديدا، تحدَّثت الكاتبة زينب الغريبية بشكل موسَّع عبر صفحات هذه الجريدة في مقال بعنوان "أين الجهات المسؤولة عن مواقف الصحوة؟"، نُشر في الأول من نوفمبر 2015م؛ أوضحتْ فيه أهمية تعاون وزارة البلديات الإقليمية وشرطة عمان السلطانية للقضاء على ظاهرة استغلال هذه المواقف بهذه الطريقة.

نأمل أن تبحث وزارة البلديات والجهات المعنية حلولا أخرى لزيادة عدد مواقف السيارات، واتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه من يستغل هذه المواقف لغير ما وُضِعت له.

ومن الخدمات الضرورية التي تحتاجها حدائق الصحوة -وكل الحدائق العامة- وجود مسجد واسع لأداء الصلاة للرجال والنساء، وتوفير دورات مياه كافية، ولسنا نعرف الهدف من وجود مرافق سياحية ذات مساحات شاسعة كحدائق الصحوة وهي تخلو من وجود مسجد أو حتى مصليات مخصصة!! رغم أننا نعتقد أن ذلك من الخدمات الضرورية للمرافق السياحية، فكم يُؤسفنا عندما نشاهد بعض النساء تصلي داخل الحديقة في مكان عام أمام الملأ! لذا فإننا نأمل أن يكون من ضمن مرافق حدائق الصحوة وجميع الحدائق العامة وجود مساجد أو مصليات خاصة بالجنسين، وأن ينظر إلى هذا الأمر باعتباره من المرافق اللازمة والأساسية.

وبناءً على ما ذكرنا من مميزات تنفرد بها حدائق الصحوة، فإننا نأمل زيادة مواقع اﻷلعاب العادية، وأن تخصص مساحة أخرى كافية للاستثمار؛ تكون للألعاب الكهربائية والإلكترونية، كما هي الحال في حديقة ريام وحديقة القرم الطبيعية؛ فالأطفال بمختلف أعمارهم يستمتعون بالألعاب الكهربائية أكثر من الألعاب العادية الأخرى، وإن تحقق هذا الأمر فإنه سيوفر على كثير من الأسر التردُّد بين أكثر من مكان في الفترة الواحدة لتوفير ما يرغبه أبناؤهم.
وكذلك فإنَّنا نأمل في وجود مطاعم عربية بمواصفات جيدة واشتراطات صحية تخدم جميع مرتادي هذه الحدائق؛ فالمقاهي الموجودة حاليا لا تفي بالغرض.

وختاما.. فإنَّنا نعلم أنَّ إضافة مثل هذه الخدمات والمرافق إلى حدائق الصحوة قد يتعارض مع الأشكال الهندسية، والتقسيمات الفنية لمجموع تلك الحدائق؛ لكن الأمور المهمة والخدمات الأساسية تَبْقَى أولوية لا مناص عنها، والله المستعان.
issa808@moe.om

تعليق عبر الفيس بوك