أمريكا "تتبرأ" من القوات التركيّة في المواصل.. والرئيس العراقي: وجودها انتهاك للقوانين الدولية

بغداد - رويترز

وصف الرئيس العراقي فؤاد معصوم أمس نشر مئات من القوات التركية قرب مدينة الموصل العراقية الشمالية بأنه يمثل "انتهاكًا للأعراف والقوانين الدولية" وقال إنّ هذا الأمر سيزيد التوترات الإقليمية.

وكان مصدر أمني تركي قال يوم الجمعة إنّ القوات التركية ستقدم التدريب للقوات العراقية قرب مدينة الموصل التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية. وطالب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ووزارة الخارجية تركيا بسحب قواتها.

ودعا معصوم تركيا إلى سحب القوات وطلب من وزارة الخارجية العراقية "اتخاذ الإجراءات وفق القوانين والأعراف الدولية وبما يحفظ سيادة واستقلال العراق."

وقال مسؤولون دفاعيون في واشنطن إنّ الولايات المتحدة على دراية بنشر تركيا مئات من الجنود الأتراك في شمال العراق ولكن الخطوة ليست جزءًا من أنشطة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

وقال مصدر أمني تركي لرويترز إنّ مئات من الجنود الأتراك نُشروا لتدريب القوات العراقية في منطقة قرب مدينة الموصل بشمال العراق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية.

واجتاح مقاتلو التنظيم الموصل التي يقطنها أكثر من مليون نسمة في يونيو 2014 ولكن القوات العراقية أجلت مرارا شن هجوم مضاد لاستعادة المدينة لخوضها معارك بمناطق أخرى.

وقال المصدر الذي رفض الكشف بدقة عن عدد الجنود الذين تم نشرهم "الجنود الأتراك وصلوا بعشيقة في قضاء الموصل. إنّهم هناك في إطار عمليات تدريب دورية. دخلت كتيبة واحدة إلى المنطقة."

وقال المصدر إنّ هؤلاء الجنود كانوا بالفعل في إقليم كردستان العراق ونقلوا للموصل تصحبهم مركبات مدرعة في خطوة تعلم بها دول التحالف الذي يقاتل الدولة الإسلامية.

وأظهر شريط مصور بُث على موقع صحيفة يني شفق التركية الموالية للحكومة شاحنات مسطحة تحمل مركبات مدرعة على طول طريق خلال الليل ووصفتها بأنّها قافلة ترافق القوات التركية إلى بعشيقة.

وقال بيان أصدره المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي "تأكد لدينا بأن قوات تركية تعدادها بحدود فوج واحد مدرعة بعدد من الدبابات والمدافع دخلت الأراضي العراقية وبالتحديد محافظة نينوى بادعاء تدريب مجموعات عراقية من دون طلب أو إذن من السلطات الاتحادية العراقية وهذا يعتبر خرقا خطيرا للسيادة العراقية ولا ينسجم مع علاقات حسن الجوار بين العراق وتركيا. " ودعا البيان هذه القوات إلى الانسحاب فورا.

وفي بيان منفصل في التلفزيون الرسمي وصفت وزارة الخارجية العراقية النشاط التركي بأنّه "توغل" ورفضت أي عملية عسكرية لا يتم تنسيقها مع الحكومة الاتحادية في بغداد.

وقال ضابط عسكري كردي كبير مقره في جبهة بعشيقة شمالي الموصل إنّ مدربين أتراكًا إضافيين وصلوا إلى معسكر في المنطقة خلال ليل الخميس ترافقهم قوة حماية تركية. وأضاف إنه لا يعرف حجم هذه القوة ورفض التكهن بذلك.

وقال مسؤولون أمريكيون إنّ الولايات المتحدة لم تتفق مع بغداد بعد على تفاصيل مهمة تحكم دور وحدة جديدة من القوات الأمريكية الخاصة تهدف إلى ملاحقة متشددي تنظيم الدولة الإسلاميّة في العراق الأمر الذي يسلط الضوء على الصعوبات التي تواجهها واشنطن في التعامل مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.

وأعلن وزير الدفاع الأمريكي اشتون كارتر يوم الثلاثاء خطط إرسال القوة الصغيرة التي ستكون حملاتها ضد أهداف تنظيم الدولة الإسلاميّة أول عمليات عسكرية متواصلة تنفذها القوات الأمريكية في العراق منذ أن غادرت القوات القتالية الأمريكية البلاد عام 2011. وقال مسؤولون أمريكيون إنّ القوة كانت محل نقاش وتنسيق مع العبادي.

لكن الائتلاف الحاكم في العراق والجماعات المسلحة الشيعية القوية حذرت من تطبيق الخطة الأمر الذي أثار شكوكا بشأن ما إذا كان للعبادي نفوذ سياسي يتيح له تأمين اتفاق نهائي.

وفي تصريحات تستهدف على ما يبدو الرأي العام في الداخل قال العبادي بعد ساعات من إعلان كارتر إنّ إرسال أي قوة من هذا النوع سيتطلب موافقة حكومته. وقال يوم الخميس إنّ أي إرسال لقوات برية أجنبية سيعتبر عملا "عدوانيا".

وشدد مسؤولون أمريكيون على أنّه لن تكون هناك عمليات عسكريّة أمريكيّة من جانب واحد في العراق على النقيض من سوريا. لكن لم يتحدد بعد إلى مدى ستكون للعبادى سلطة على أنشطة الوحدة وإلى أي مدى سيتمتع الأمريكيون بحرية تصرّف. ويعتقد مسؤولون أمريكيون أنّ موافقة العبادي على كل غارة ستكون أمرًا مرهقًا وستقوّض فعاليّة الوحدة الجديدة.

وذكر مسؤولون أنّ إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تعتزم إرسال فريق إلى بغداد في الأسابيع المقبلة للاتفاق على التفاصيل مع حكومة العراق.

وقال مسؤول كبير في الإدارة "مع العبادي.. المبدأ الأساسي لنا في هذا الأمر برمته هو أنّ أي شيء نقوم به في العراق سيتم بموافقة وتنسيق كاملين مع الحكومة الحكومية. لن نقوم بأي شيء في العراق من جانب واحد."

ولم يتضح بعد إذا كانت الأسئلة المعلقة ستؤدي إلى تأخير نشر نحو مئة من أفراد قوات العمليات الأمريكية الخاصة في العراق والذين قال كارتر إنّهم سينفذون مداهمات في سوريا والعراق لتأمين رهائن وجمع معلومات والقبض على قادة تنظيم الدولة الإسلامية.

وتسلط المقاومة القوية للخطة في العراق الضوء على معضلة يواجهها أوباما. ويريد أوباما أن يقوم بما هو أكثر لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية الذي أعلن مسؤوليته عن هجمات دامية في فرنسا ومصر وغيرهما ويسيطر على مناطق واسعة من سوريا والعراق. لكن الرئيس الأمريكي لا يريد أيضا أن يقوض سلطة العبادي حليف واشنطن الذي يواجه تحديات لسلطته بالفعل من الجماعات الشيعية المسلحة.

ويتعرّض العبادي لضغوط أمريكية متزايدة لكبح جماح الجماعات المسلحة المدعومة من إيران الأمر الذي أثار غضب الجماعات التي تحظى بدعم الأغلبية الشيعية في العراق والتي كانت العمود الفقري للمعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وبموجب أحد الخيارات التي تجري دراستها من أجل القوة سيقدم العبادي وحكومته موافقتهم للجنود الأمريكيين على تنفيذ مداهمات في مناطق محددة وضد قائمة أهداف متفق عليها مسبقا. وسيتيح هذا للقوات الأمريكية أن تكون أكثر فطنة في التعامل مع معلومات تعتمد على التوقيت. وسيجري إخطار العبادي قبلها على الأرجح أو مع بدء كل مداهمة لكنّه لن يمنح موافقته على كل مهمة.

تعليق عبر الفيس بوك