أحلام واجبة التحقيق

خلفان العاصمي

تظلُّ الأحلام دائما هي أبسط ما يملكه الإنسان، فكلنا نحلم ونحلم ونحلم، صغارا كبارا نحلم، ومهما تقدم بنا العمر سنظل نحلم، وإن تحقق بعض من أحلامنا أو لم يتحقق فستظل أحلامنا الأخرى موجودة، وما بين الحلم والحلم يكمن السعي في تحقيقه؛ فلا حلم يتحقق بالدعاء والأماني فقط، بل بالاجتهاد والسعي الحثيث الدؤوب لتحقيق ما نحلم به.

وما بين هذه الأحلام وتلك سيظل حلم الدراسة بجامعة السلطان قابوس والتي احتفلت خلال هذا الأسبوع بتخريج عدد من طلابها من الدفعة السادسة والعشرين، حلما يراود كل طالب لا يزال على مقاعد سلم التعليم المدرسي، وكذلك من لم يحظَ بفرصة الدراسة بها ويود أن يكمل دراسته العليا أو الالتحاق بأي من البرامج الأكاديمية التي تطرحها؛ لكونها تحمل اسم حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم، فيبقى الشرف والفخر لمن يحمل شهادته الجامعية المخطوط اسمه بها كخربج ومقترن باسم قائد وباني نهضة الوطن -حفظه الله ورعاه- ولكونها الصرح التعليمي الأكاديمي الأول في السلطنة، إضافة لما تقدمه من امتيازات سواء في المجال التعليمي الأكاديمي أو البحثي وكذلك بالنسبة لمجالات الأنشطة المختلفة.

وكغيري ممَّن لم يحظوا بفرصة الدراسة بهذه الجامعة الفتية كان الحلم يراودني بذلك، وزاد شغفي بالجامعة عندما مارست العمل الإعلامي؛ حيث كنت أنظر لها بأنها عالم مختلف ومدينة مجهولة تحتاج ممَّن يستطيع أن يسبر أغوارها أن يعيش فيها ويكون قريبًا منها حتى يستطيع الوصول إلى مُبتغاه من الكليات والمراكز والقاعات والمرافق الأخرى.

وفي العام الأكاديمي 2010/2011 جاءت الفرصة التي كنت أحلم بها فزف إليَّ الخبر وأنا في الجمهورية اليمنية للمشاركة في احتفالات تريم كعاصمة للثقافة الإسلامية عام 2010 بأنه تم قبولي لدراسة بكالوريوس الإدارة التربوية بالجامعة في إطار التعاون المشترك ما بينها وبين وزارة التربية والتعليم، عندها أيقنت بأنَّ الحلم سيتحقق وأن القرب الذي أنشده ما بيني وبين الجامعة سيكون عمَّا قريب.

الإحساس بأن يعود بك الزمن لتكون طالبا جامعيا، وبجامعة ظلت الحلم بالنسبة لك لا يعادله أي إحساس آخر فهو مزيج من الفرح والفخر والتحدي في إثبات الذات، وبأن تعود إلى مقاعد الدراسة وتتخلى عن كل الامتيازات التي منحتها لك الوظيفة وتتعايش مع جو الدراسة الجامعية حالك كحال الطلاب المتخرجين حديثًا من الدبلوم العام لك ما لهم وعليك ما عليهم؛ فهو تحدٍّ جميل فلو كسبته ستكسب مهارات شخصية أخرى تضاف لشخصيتك.

تواجدي بجامعة السلطان قابوس وكطالب جامعي على مدى سنتين ونصف قرَّبني جدًا من كل تفاصيل الجامعة وعرفني ما كنت أجهله من حياة الطالب الجامعي بها فيها؛ فمنذ اليوم الأول لي بالجامعة بحثت عن عمادة شؤون الطلاب كونها القلب النابض بمختلف أوجه النشاط الطلابي الجامعي، وكذلك الحضور الخارجي للجامعة على مستوى الأنشطة، ووجدتها فرصة للاقتراب من جماعات الأنشطة التابعة للعمادة، وكذلك المجموعات التابعة للكليات؛ حيث كان ذلك بمثابة النهر الذي سأغرف منه ما انتقي وأريد من مواضيع ثرية لبرنامجي الإذاعي مع الشباب والذي كان يُبث عبر الإذاعة العامة للسلطنة ويقترب من توجهات ورؤى الشباب في مختلف المجالات، فوجدتني حاضرًا مستكشفًا لأنشطة جديدة لم أتطرق إليها من قبل لا من حيث المحتوى ولا الآلية التي تنفذ بها، وتفاجأت بحجم الإنفاق الذي تقدمه الجامعة لجماعات الأنشطة حتى تنفذ برامجها السنوية بالشكل الاحترافي الذي يحقق الأهداف التي وضعت للنشاط؛ ذلك الإنفاق الذي استفاد منه طالب جامعة السلطان قابوس سواء في تكوين شخصيته العامة أو حتى في تمثيل جامعته خارجيًّا لينافس ويفوز لأنه مُهيَّأ لذلك وتم إعداده من أجل ذلك؛ فجامعة السلطان قابوس لا تخرِّج طالبا بمؤهل علمي فقط، بل تخرِّج شابا بشخصية متكاملة وبمواصفات عصرية عالمية.

هذا كان أحد أهم أحلامي في المجال الدراسي، وكلي يقين بأنَّ هناك جزءًا آخر للحلم ليكتمل به مشوار التعليم ما بعد الجامعي، وحتمًا سيأتي دوره في يوم ما ليصنف ضمن قائمة الأحلام الواجبة التحقيق سيكون السعي له مختلفا؛ لأركِّز الآن على أحلام كثيرة جُلَّها في المجال المهني وفي مجالات حياتية أخرى؛ حيث إن في الحلم أنت الذي يجب أن توجِّه البوصلة إلى الاتجاه الصحيح، ولا تنتظر أن يأتي الهواء ليقوم بهذه المهمة.

تعليق عبر الفيس بوك